واشنطن ـ محمد سعيدوضع مجلس النواب الأميركي، أول من أمس، العلاقات الأميركية الصينية على حافة أزمة جديدة، بموافقته على مشروع قانون يهدف إلى فرض ضغوط على الصين، فيما تتهم واشنطن بكين، بالتلاعب بطريقة مصطنعة بقيمة عملتها الوطنية «اليوان»، ما يسهم في خفض أسعار صادراتها مقارنةً بالصادرات الأميركية، وميل الميزان التجاري لمصلحتها. في المقابل، رأت وزارة التجارة الصينية، أن مشروع القانون ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية.
وقد صوّت 348 نائباً لمصلحة مشروع القانون، فيما عارضه 79 نائباً. ويجيز المشروع معاقبة الصين على عدم سماحها لسعر صرف عملتها اليوان بالارتفاع بطريقة أسرع.
وبالرغم من رمزية هذا الإجراء فإنّ مراقبين ينظرون إلىه على أنه مهم، إذ يهدد الصين بفرض تعريفات جمركية عقابية بشأن واردتها للولايات المتحدة، وأن ذلك سيمثل على الأرجح أحد الإجراءات المهمة الأخيرة للكونغرس قبل الانتخابات النصفية التي ستجرى يوم الثاني من تشرين الثاني المقبل.
ويرى مراقبون أن التصويت أحدث انشقاقاًُ في صفوف النواب الجمهوريين بعدما أيده 99 نائباً جمهورياً وعارضه 74 آخرون، بينهم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، جون بوهنبر.
وينصّ مشروع القانون على فرض رسوم جمركية إضافية على الدول التي تتلاعب بقيمة عملتها، ما قد يؤدي إلى زيادة الرسوم على الصادرات الصينية.
وكانت الصين قد أعلنت في الصيف الماضي أنها ستسمح لقيمة اليوان بأن تحدد بحسب سعر صرف السوق، غير أن قيمة العملة الوطنية لم ترتفع ارتفاعاً ملحوظاً.
ويتعين أن يوافق مجلس الشيوخ على مشروع القانون قبل أن يوقعه الرئيس باراك أوباما، ليصبح نافذاً.
ويسعى البيت الأبيض من وراء ذلك، إلى الحصول على أداة دبلوماسية أخرى للضغط على الصين لرفع قيمة عملتها، وهو ما يعكس قلقاً متنامياً لدى الولايات المتحدة في ما يتعلق بالافتقار إلى الوظائف في القطاع الصناعي، وارتفاع معدل البطالة بطريقة ثابتة وزيادة العجز التجاري.
يذكر أن الصين سبق أن ردت في الماضي على أشياء من هذا القبيل بالسماح برفع قيمة عملتها تدريجياً مقابل الدولار، إلا أن مساعي مداهنة الصينيين لإعادة تقويم عملتهم حظيت أخيراً باستجابة قليلة أو عدم استجابة على الإطلاق.
ومن غير الواضح بعد ما إذا كان مشروع القانون، الذي أجازه مجلس النواب الأميركي، الذي يواجه توقعات ملبدة بالغيوم في مجلس الشيوخ، سينجح هذه المرة في دفع الصين بهذا الصدد، حيث باتت أكثر ثقة بالنفس على الساحة العالمية.
ويعتقد بعض رجال الاقتصاد، أن بكين خفضت قيمة العملة الصينية على مدى نحو عقد لتعزيز الصادرات الصينية من خلال جعلها أرخص.
وقال أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل، وهو رئيس سابق للقسم الخاص بشؤون الصين في صندوق النقد الدولي، اسوار اس. براساد، إن «تأثير ذلك قصير الأجل، في نهاية الأمر سيكون على الأرجح رمزياً عن كونه جوهرياً».
وحذّر براساد من أنه إذا دفع مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ، فإنّ الصين يمكن أن تنتقم من خلال تقييد الواردات الأميركية أو رفض شركات مصنعة أميركية ومؤسسات مالية ترغب بشدة فى الحصول على ثمن الوصول للأسواق الصينية التي تتنامى بسرعة.
ويذكر أن رئيس المجلس الاقتصادي في البيت الأبيض، لورنس سامرز وتوماس اى دونيلون، نائب مستشار الأمن القومي، زارا بكين في وقت سابق من شهر أيلول لمدة ثلاثة أيام عقدا خلالها اجتماعات مع الزعماء الصينيّين. إلا أنهما عادا صفر اليدين بشأن موضوع العملة، فيما أثار أوباما بصفة شخصية الموضوع يوم الجمعة الماضي مع رئيس الوزراء الصيني وين جياباو، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.