نيويورك ـ نزار عبودفي إطار استراتيجية دولية جديدة ترمي إلى زيادة فاعلية قوات حفظ السلام، قررت منظمة الأمم المتحدة الدولية، جعل قاعدة «برنديزي» الإيطالية مركزاً رئيسياً للمساندة من النواحي البشرية واللوجستية، وتقليص مدى تعرضها للمخاطر، وسمحت الجمعية العامة للأمين العام باتخاذ قرارات ميدانية سريعة، والاستعانة بميزانيات طارئة من دون الرجوع إلى الدول الأعضاء ضمن نطاق 50 مليون دولار، بعد التشاور مع الدول المساهمة بقوات في البعثات.
وأوضحت سوزانا مالكورا، مساعدة الأمين العام، المختصة في الإمدادات الميدانية، في معرض حديثها عن استراتيجيات المنظّمة الجديدة لملاءمة أسلوب نشر بعثات حفظ السلام ومقتضيات الأوضاع العالمية المتبدّلة، أنّ الدول الأعضاء قبلت الاستراتيجية الجديدة التي حدّدت الخطوط العامة لأسلوب المعالجة الجديد لتحسين مستويات الكفاءة والفاعلية في إيصال الخدمات إلى البعثات في ساحاتها، وكذلك في إطلاق العمل ونشر القوات في مواعيد مناسبة.
وتجعل الخطة من قاعدة «برنديزي» الإيطالية، وهي قاعدة تابعة لحلف منظمة شمال الأطلسي مركزاً مسانداً لقوات الأمم المتحدة من أفريقيا إلى أفغانستان إلى جانب مراكز أخرى فرعية.
وقالت مالكورا «تلقينا مساندة كاملة لما طرحناه على الطاولة من خطة خمسية ترمي إلى تعزيز خدماتنا الميدانية». وتشمل خدمات المساندة الميدانية تأمين إدارة عمليات الإمداد (اللوجستية) والمعلومات وصيانة تقنيات الاتصالات لـ32 بعثة حفظ سلام، ومراكز بعثات سياسية أممية ومشتركة، بما في ذلك بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال و «يوناميد» في دارفور، و «إيساف» في أفغانستان.
وتضم هذه البعثات 139 ألفاً من الأفراد السياسيين والعسكريين من مختلف أنحاء العالم. وكان الأمين العام، بان كي مون، قد طرح تلك الاستراتيجية على الجمعية العامة في مطلع السنة. والخطة ذات طابع عالمي شامل يقضي بمساندة عمليات المنظمة حول العالم، التي تصل ميزانياتها السنوية إلى 8 مليارات دولار.
وقال بان في العرض الذي قدمه إلى الجمعية العامّة للمناقشة في دورتها 64 «نطرح نموذجاً جدياً لإيصال الخدمات. إضافةً إلى تحقيق مستويات أعظم من الكفاءة والفاعلية، سيترك نموذج التوصيل الجديد آثاراً مهمة جديدة من حيث تقليص الآثار (التي تسمح) بتعقّب البعثات وتقليص مدى تعرضها للمخاطر، وتحسين مستوى أمنها وأمانها مع تحسين الأوضاع المعيشية لموظفيها المدنيّين، التي بدورها تزيد من إمكان الاحتفاظ بهم وزيادة إنتاجيتهم».
ولقد حظيت تلك الاستراتيجية باهتمام الجمعية العامة، ووافقت الدول الأعضاء على تخويل الأمين العام اعتماد مبالغ ضمن حدود 50 مليون دولار لنشر القوات، واتخاذ إجراءات أخرى عند إقرار مجلس الأمن إرسال بعثة جديدة، أو رغب في توسيع بعثة قائمة.
وتخوّل الخطّة الأمم المتحدة الشروع في العمل على مستويات عالمية وإقليمية في مجال نقل الخدمات من قواعد إقليمية إلى البعثات. وتشمل تعزيز الوجود الأممي في «برنديزي» الإيطالية، بما يرمي إلى تحويل القسم اللوجستي هناك إلى مركز للخدمة العالمية.
من جهته، قدم مساعد الأمين العام لشؤون الإسناد الميداني، أنطوني بانبري، حالة تشاد كنموذج للفشل الذي يمكن أن تمنى به بعثة حفظ السلام عندما لا تلبي التوقعات المرجوة منها بسبب بطء الآلية الدولية، ولا سيما في مجال النشر السريع.
وكانت بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد «مينوركات» قد تأسست في أيلول 2007 بهدف حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات إلى آلاف النازحين الذين شُرّدوا من دول المنطقة نتيجة النزاعات في البلدان المجاورة، ولا سيما من دارفور في السودان.
إلا أنه بعد التفاهم بين تشاد والسودان، وجراء ضعف قدرات «مينوركات» على تأمين الخدمات المنوطة بها لجهة توفير الحماية شرقي تشاد، أعلنت حكومة نجامينا أنها ستأخذ على عاتقها مهمة حماية المدنيين الواقعين على أراضيها، وأمرت بسحب القوات الدولية من أراضيها بحلول نهاية العام الحالي. ولقد أزعج القرار السلطات الفرنسية والأميركية إلى أقصى الحدود.
وعن ذلك قال بانبري «لو كانت استراتيجية المساندة العالمية قد دخلت حيّز التنفيذ عند قرار مجلس الأمن الدولي تخويل نشر بعثة حفظ سلام في تشاد في الأساس، لكنا قد استطعنا نشرها في وقت أقصر بكثير، ولكانت فعّاليتها قد تضاعفت، ولاستطاعت بناء قدرات حركة في الشرق خلال وقت أقصر بكثير». ورأى أن ذلك كان يمكن أن يترك في نهاية المطاف، أثراً بالغ الأهمية حول أسلوب سير الأمور ويحيلها إلى بعثة ناجحة.