بسّام الطيارةويرى بعض المراقبين أنّ عدداً من مستشاري برلوسكوني باتوا يبتعدون عنه ويبحثون عن «وريث شرعي» لزعامة الحزب الأقوى على الساحة السياسية الإيطالية. ويوافق آخرون على هذه التحليلات، إلا أنّهم يرون أنّ برلوسكوني سوف يعود إلى صناديق الاقتراع عبر «المجازفة المحسوبة» وطرح الثقة أمام البرلمان، في خطوة قد تفسر سبب «التصادم مع الحلفاء». ويتفق الجميع على أنّ برلوسكوني قد يربح في أي جولة انتخابية مقبلة، أولاً بسبب النظام الانتخابي وتقسيمات الدوائر المناسبة له، إضافة إلى إمساكه لمفاصل الإعلام ذي التأثير المباشر على الناخبين.
وحسب عدد من المحللين، فإنّ برلوسكوني سيسعى إلى تمرير مشاريع قوانين أساسية بالنسبة إليه مثل إصلاحات القضاء. وهي مشاريع فصلها على مقياس مشاكله القانونية وتسمح له بتجنب المثول أمام القضاء، أو النص المثير للجدل حول الحد من التنصت على المكالمات الهاتفية، لكسب تأييد بعض الأصوات التقدمية الذي يحاربه أصدقاء فيني في البرلمان. كما قد يسعى إلى تمرير خطة التقشف المالي التي يمكن أن تتحالف المعارضة الكلاسيكية اليسارية مع مجموعة فيني للتصدي لها، رغم التناقض بين أهداف المعارضتين، ووقوف طبقة رجال الأعمال مع مبدأ التقشف تجنباً للوقوع في «الفخ اليوناني». قد يكون عرض كلّ مشروع من هذه المشاريع «مجازفة»، إلا أنّ كلّ مشروع «يمر» يسجل نقطة لمصلحة الـ«كافالييري»، وفي حال الفشل، فإنّ ذلك يقود إلى حلبة الانتخابات وهو ما يبدو أنّ برلوسكوني يبحث عنه.
إلا أنّه يبدو أيضاً أنّ رابطة الشمال تبحث أيضاً عن مجابهة انتخابية لتثبيت وضعها كقوة أساسية في اليمين الإيطالي وليس في الشمال فقط، إذ يعتبر مقربون من فيني أنّ عدداً من مؤيدي برلوسكوني باتوا يميلون إلى «حزم فيني وحمايته للشرعية» وسط انتقادات متزايدة لـ«شعبوية» رئيس الوزراء. إلا أنّ الملاحظ هو غياب أي «قدرة» للمعارضة اليسارية للتأثير على مجريات الأمور، رغم أنّها تشغل ٢٦٩ مقعداً في البرلمان. إلا أنّ معظم نواب المعارضة يبدون اليوم مترددين بين تأييد «بعض مشاريع برلوسكوني» أو معارضته: ففي الحالة الأولى يحقق حزب رئيس الوزراء (٢٧١ نائباً) بعض الإنجازات، وفي الحالة الثانية يبدون كأنّهم متحالفون مع حزب أمبرتو بوسي أي رابطة الشمال الشعبوي والمناهض للهجرة (٥٩ نائباً) وفي ذلك أيضاً قيمة مضافة لمواقف برلوسكوني أمام الرأي العام الإيطالي.
وتفسر تعقيدات الرقعة السياسية الإيطالية عزف الإيطاليين عن الانخراط في الجدل السياسي، ما يقود إلى بقاء الكافالييري حاكماً، بانتظار وصول «خليفة له» لا يمكن إلا أن يكون من اليمين، حسب التوجه العام في أوروبا اليوم.