واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - يبذل مسؤولون عسكريون أميركيون جهودهم لإقناع حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما بصعوبة تنفيذ استراتيجية سحب القوات الأميركية من أفغانستان بدءاً من تموز المقبل، في ضوء عدم إحراز تقدم جوهري على الأرض. وتعزو مصادر مطّلعة موقف أوباما إلى الضغط الذي يمارسه العديد من الأعضاء الديموقراطيين داخل الكونغرس وخارجه، لضرورة إنهاء سريع للحرب على أفغانستان، وأن يحمل الجيش الأميركي عصاه ويرحل من الأراضي الأفغانية. لكنّ التصويت الأخير على التمويل الإضافي للحرب على أفغانستان أظهر انقساماً واضحاً في أوساط الديموقراطيين، حيث صوّت 102 منهم في مجلس النواب ضدّ البقاء في أفغانستان إلى عام 2012.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس بدأ باتخاذ خطوات لتأكيد دلائل الأمل على أرض الواقع، وهو ما سيجعل الانسحاب السريع غير حكيم.
وأشارت الصحيفة إلى أن جيلاً صاعداً من صغار الضباط تحوّلوا إلى خبراء في مكافحة المقاومة الأفغانية على مدار السنوات التسع الماضية يكرّرون في تقاريرهم إلى المسؤولين الأميركيين أنهم في حاجة إلى وقت لإنجاز عملهم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن جدل هؤلاء الضباط نابع من أنهم في أفغانستان منذ تسع سنوات، وأنهم لم يشعروا بالعمل بطريقة صحيحة سوى من 12 شهراً فقط، وأنهم في حاجة إلى بعض الوقت.
وقد بدا وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس حريصاً على إظهار تفهّمه لهؤلاء الضباط، عندما قال أخيراً إن سحب أول دفعة من الجنود الصيف المقبل ستكون أعدادها محدودة ومعتدلة.
ومن المتوقع أن يركّز بترايوس على أن الثلاثين ألف جندي الإضافيين الذين أمر أوباما بنشرهم في أفغانستان، في كانون الأول الماضي، لن يكتمل وصولهم حتى نهاية هذا الشهر، وأن استراتيجية مكافحة المقاومة لم تعطَ وقتاً كافياً لتثبت نجاحها.
ويتوقع ضباط أميركيون بارزون في أفغانستان أن يطالب بترايوس بالمزيد من المشاركة من جانب الحلفاء الأطلسيين، أملاً أن تشعر الدول الأعضاء في حلف شمالي الأطلسي والشركاء الآخرون في التحالف بأنهم يمتلكون نصيباً أكبر من النتيجة النهائية.
من جهة ثانية، قال مسؤول أميركي إن الضربات الأميركية الموجّهة التي تستهدف المسلحين في أنحاء قندهار بدأت تحقق نتائج، لكنّ مخططي الحرب يتوقعون قتالاً ضارياً في الفترة المقبلة، ووقوع المزيد من الخسائر البشرية.
وتمثّل حملة تأمين قندهار محوراً مركزياً لاستراتيجية الحرب المعدّلة لأوباما، وستكون أساس المراجعة التي سيقوم بها البيت الأبيض في كانون الأول. لكنّ مسؤولين يخفضون سقف التوقعات بتحقيق أي نتائج سريعة، رغم المهلة التي أعلنها أوباما لبدء سحب القوات من أفغانستان في تموز 2011.
وقال مسؤول أميركي إنه ليس من المنتظر وقوع قتال شديد في مدينة قندهار ذاتها، حيث تتركز جهود تعزيز الأمن وتحسين أداء الحكومة المحلية التي عادة ما ينظر إليها على أنها غير فعّالة وفاسدة.
لكنّ بعض المناطق المحيطة، بما في ذلك بانجواي، ستتطلب عمليات تطهير يقوم بها حلف الأطلسي والقوات الأفغانية، والتي تعني مواجهة مع «طالبان» التي أصبحت في أوج قوتها منذ بدء الحرب قبل تسع سنوات.
ميدانياً، أعلنت قوة الأمم المتحدة لحفظ الأمن في أفغانستان «إيساف»، في بيان، أنها قتلت والقوات الأفغانية أكثر من 20 مسلحاً خلال عملية لا تزال متواصلة ضد شبكة «حقاني» في إقليم باكتيا جنوب شرق البلاد.
ولم يذكر البيان الوقت المحدد للعملية، لكنه أشار إلى أن منطقة دزادران تُعرف بأنها مخبأ آمن لشبكة «حقاني»، وهي تستخدم لشنّ الهجمات على كابول.
في المقابل، أغلق المئات من الأفغان طريقاً جنوب كابول احتجاجاً على مقتل ثلاثة مدنيين يقولون إنهم سقطوا في عملية للقوات الدولية. وأغلق نحو 300 متظاهر لساعات عدة الطريق التي تربط العاصمة الأفغانية بجنوب البلاد في إقليم ورداك.
من جهة ثانية، رجّحت بعثة المساعدة الدولية، وهي منظمة إغاثة مسيحية، أن يكون مسعفوها الأجانب الثمانية والاثنان الأفغان الذين قتلهم مسلحون مجهولون قد راحوا ضحية كمين انتهازي.
وشكّكت في إعلان «طالبان» مسؤوليتها عن قتل العشرة في إقليم بدخشان في منطقة نائية من شمال شرق أفغانستان في الأسبوع الماضي.