ألعاب في المعارض وعلى الإنترنت لاستهداف الرئيس الأميركيجمانة فرحات
لم يكن مدير المعرض الترفيهي في كنيسة في روزيتو، بنسلفانيا، رفين غود جونيو، يعلم أن إحدى ألعاب المعرض الهادفة إلى تسلية الأطفال ستتحول إلى محطّ جدل واسع على الساحة السياسية الأميركية بعدما استنفرت أجهزة الاستخبارات الأميركية؛ لأنها تجسد صورة «شبيهة» للرئيس الأميركي، باراك أوباما، تتعرض للقتل، وإن على يد أطفال.
وتظهر اللعبة صورة رجل أسمر، يرتدي بذلة وحزاماً يحمل شعار البيت الأبيض، فيما يحمل بيده وثيقة كتب عليها «مشروع الرعاية الصحية»، الذي أقره الكونغرس الأميركي بعد جدل واسع بشأنه.
ويمنح الأطفال المشاركون فيها ثمانية أسهم يمكن إطلاقها من خلال مسدسات بلاستيكية، لإصابة الصورة، وترتفع النقاط عند النجاح في تحقيق إصابات في القلب أو الرأس، وكل ذلك في مقابل الحصول على حيوان محنط.
وعلى الرغم من تأكيد مدير المعرض أن الرئيس الأميركي «لم يكن هو المقصود بالصورة»، وأنه لم يكن يقصد من خلالها تشجيع العنف تجاه الرئيس، فإن من شاركوا في اللعبة أو شاهدوها أكدوا أنها تجسد بالنسبة إليهم صورة أوباما.
وعلى مدى خمسة أسابيع من عرضها أمام الزوار، لم يبد سوى قلة من أولياء الأمور اعتراضهم على اللعبة. ولم تتحول إلى مثار جدل في وسائل الإعلام إلا بعدما أرسلت إحدى الأميركيات، اللواتي شاركن في المعرض، نسخة عن صور اللعبة إلى إحدى الصحف.
وتساءل بعض المعترضين على طرح اللعبة عن الهدف من ورائها. وقال أحدهم: «ما هي الرسالة التي تُرسلها للأطفال... إذا كانت وجهات نظرنا لا تتفق مع شخص آخر، فهل نطلق النار عليه؟». وطالب آخرون باحترام صورة الرئيس على اعتبار أن «أوباما رئيس بلادنا، سواء أحببنا ذلك أو كرهناه».
كره لأوباما بات يتجسد من خلال وسائل متعددة. إذ إنها ليست المرة الأولى التي تعرض فيها ألعاب أو تعليقات تروّج لقتله أو الاعتداء عليه. ومثّل الجدل الذي أحدثته القضية فرصة أمام البعض لتسليط الضوء على وجود ألعاب مماثلة، فضلاً عن الإعادة إلى الأذهان مجموعة من الحوادث التي واجهها أوباما منذ بدء ترشّحه للانتخابات الرئاسية.
فلم تكد تطرح قضية المعرض الترفيهي حتى حمّل أحد الأشخاص على موقع «يوتيوب» تسجيلاً مصوراً يكشف عن وجود لعبة أخرى في نيوجرسي يظهر خلالها باراك أوباما إلى جانب زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وعدد من الشخصيات الأخرى يفترض أن ترشق بالطابات لإصابة الأطباق التي في أيديها، إلّا أن اللافت هو تصميم أحد المشاركين في اللعبة على إصابة شخصية أوباما في وجهه دون غيره، موجهاً الشتائم إليه.
كذلك يكفي أن تضع على محرك البحث «غوغل» باللغة الإنكليزية «العاب قتل أوباما» حتى يحيلك على أحد مواقع الألعاب للحصول على لعبة بعنوان «اقتل باراك أوباما» يعود تاريخها إلى عام من الآن. تصور الرئيس الأميركي على أنه إرهابي يحمل مسدساً في يده ويهددك «إما بالتصويت له أو الموت» وتمنحك الفرصة لقتله مرات ومرات.
بدورها طوّرت شركة «ويكلي ستاندرد» دمية تمكنك من «سحق وتهشيم» رأس الرئيس الأميركي في مقابل 10 دولارات.
ولم تتوان الشركة عن تبرير إنتاج الدمية بالقول: «يمكنك سحق الأفكار الليبرالية غير الناضجة قبل أن تحدث المزيد من الضرر. وفي الوقت ذاته، يتسنى لك بناء عضلات يدك وقبضة حديدية».
وإن لم يكن سحق رأس أوباما كافياً بالنسبة إلى البعض، فإن شنق دميته وإحراقها يبقى خياراً وارداً. وفي حزيران الماضي، أطلق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي تحقيقاً لمعرفة دوافع مالك أحد الملاهي الليلية، الذي أضرم النار بدمية تمثل أوباما بعد شنقها بحبل معقود.
بدوره تحول «الفايسبوك» إلى وسيلة لاستطلاع آراء المنتسبين إليه بشأن ما إذا كانوا يرون ضرورة اغتيال الرئيس الأميركي. ويرى البعض أن هذه الحوادث تأتي في سياق العنصرية والعدائية تجاه أصحاب البشرة السوداء، بعدما واجه الرئيس الأميركي عدداً من الحوادث، بينها تعليقات عنصرية من سياسيين أميركيين، ومنها قول زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد عن أوباما أنه أسود ذو «بشرة فاتحة» و«لهجته غير زنجية إلا إذا أراد أن تكون له غيرها». أو ما تعرض له أثناء الحملة الانتخابية من إحدى العاملات في فريق هيلاري كلينتون، جيرالدين فيرارو، التي قالت إن أوباما «محظوظ لأنه أسود». فيما كان البعض الآخر واضحاً في وجود رغبة لديه بأن يقتل الرئيس الأميركي، ومنهم المعلقة على شبكة «فوكس نيوز» ليز تروتا، التي أشارت إلى أوباما على أنه «أسامة» قبل أن تصحح نفسها وتزيد الطين بلة بقولها إن الاثنين على حد سواء يجب أن يقتلا. رغبة تشاركت فيها تروتا مع جمعيات كاثوليكية أطلقت حملات تضرع لله ليموت أوباما. وإلى جانب الطابع العنصري، يربط البعض الآخر بين هذه الحوادث والغضب من سياسات أوباما، ولا سميا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فيما يعاني الرئيس الأميركي تراجعاً في شعبيته. إذ أفاد استطلاع للرأي، أجرته صحيفة «واشنطن بوست» مع قناة «إيه بي سي نيوز» الشهر الماضي، بأن قرابة 60 في المئة من الناخبين الأميركيين فقدوا الثقة في قدرة أوباما على اتخاذ القرارات الصائبة للبلاد في المستقبل.
وفي السياق، اعترف صاحب اللعبة في نيوجرسي، الذي أصر على عدم إزالة «مجسم أوباما» واكتفى بتغطية وجهه بعد انتشار الخبر، بأنه «غير راض عن بعض ما يحدث في قضية الرعاية الصحية». بدوره، أطلق أحد المدونين المحافظين عبر تويتر دعوة للتخلص من أوباما بقوله: «عايشت البلاد اغتيال (إبراهام) لنكولن و(جون) كنيدي، وبالتأكيد سنتخلص من هذا أيضاً».


30 تهديداً في اليوم

في انعكاس لتمني عدد من الأميركيين التخلص من الرئيس الأميركي، كشف رونالد كيسلر، مؤلف كتاب «في الخدمة السرية للرئيس»، عن أن أوباما يتلقى يومياً أكثر من ثلاثين تهديداً بالقتل. ووفقاً للكاتب، فاقت التهديدات التي تعرض لها أوباما بمعدل 400 في المئة التهديدات التي واجهها سلفه جورج بوش.
وعلى الرغم من اتهام كيلسر جهاز الحماية الخاص بالرئيس بأنه منهك ويفتقر إلى الموارد، تمكنت السلطات الأميركية من اعتقال شخضين قبل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية بتهمة التخطيط لاغتيال أوباما. كذلك اعتقل مهاجر إثيوبي بتهمة محاولة اغتيال أوباما بعدما بعث برسالة بريدية إلى الرئيس الأميركي تحتوي على دماء ملوثة بفيروس نقص المناعة «الإيدز». كذلك أطلقت تحقيقات في عدد من الدعوات عبر الإنترنت للتخلص منه من دون أن توجه تهم إلى أحد، ولا سيما بعدما تبين أن معظم الذين يقفون خلفها هم من المراهقين.