السياسة تتغلّب على الدين أحياناً، حتّى عند الأتراك ممّن لا يقدّمون أولوية على شعائرهم الإسلامية. هذا العام يشهد مواجهة بين مراسم العمرة وموعد استفتاء 12 أيلول على التعديلات الدستوريةالمنظّمون الأتراك لرحلات العمرة إلى السعوديّة غير مسرورين أبداً في هذه الأيام. كذلك يجب أن يكون وضع الحريصين على الوجه المسلم لتركيا؛ فعدد الأتراك المفترض أن يزوروا المملكة لأداء موسم العمرة في شهر رمضان، قليل هذه السنة مقارنةً بالأعوام الماضية. جميع العوامل أدّت دورها في تلك الانتكاسة. فقد عدَل عدد كبير ممّن يزورون مدينة مكّة خلال شهر الصوم، عن القيام بهذه الزيارة الدينية بسبب حرّ شهر آب غير المحتمل في السعودية. أما بالنسبة إلى مَن يفضّلون القيام بالواجب في عيد الفطر، فقد ضُربَت مشاريعهم، لأنّ أول أيام العيد سيكون في 11 أيلول المقبل. وبما أنّ موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية هو 12 أيلول، فإنّ نسبة كبيرة ممّن كانوا يودّون القيام بمناسك العمرة ألغوا مشاريعهم أو أجّلوها كي لا يفوّتوا موعد الاستفتاء الأهم في تاريخ تركيا.
ونشرت صحيفة «توداي زمان» تقريراً نقلت فيه امتعاض أصحاب الشركات التي تنظّم رحلات الحج والعمرة في تركيا، لأنّ عدد الأتراك الذين حجزوا رحلاتهم الدينية في عيد الفطر إلى السعودية تقلّص مقارنةً برقم العام الماضي. وما يؤكّد أنّ سبب انخفاض عدد المعتمرين في عيد الفطر هو تزامنه مع استفتاء 12 أيلول، يتجسّد في واقع أنّ عدداً كبيراً من الأتراك ألغوا حجوزات سفرهم الديني فور علمهم بأنّ عيد الفطر يتزامن مع موعد الاستفتاء. وبما أنّ القانون التركي لا يعطي حق التصويت في الخارج إلا للأتراك الذين يملكون أوراق إقامة في دولة أجنبية، فإنّ المعتمرين لا يحق لهم التصويت في السعودية.
واعترف رئيس دائرة العمرة والحجّ في إدارة الشؤون الدينية خير الدين أكبينار بأنّ السبب الرئيسي لانخفاض عدد المعتمرين المفترضين في عيد الفطر، هو تزامنه مع موعد الاستفتاء الدستوري، إذ إنّ «الأتراك يعوّلون كثيراً على هذا الموعد التاريخي».
ومن الإشارات اللافتة ما كشف عنه الكاتب مسعود أديب يلماز، الذي أشار إلى أنّ أكبر نسبة ممّن ألغوا سفرات عمرتهم يتحدّرون من الداخل الأناضولي. ومعروف أنّ الكتلة الناخبة الرئيسية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم هي تلك الأناضولية الداخلية، والسبب واضح: يريد هؤلاء أن يكونوا على الأرض في 12 أيلول... وبإمكان مناسك العمرة أن تنتظر.
(الأخبار)