تشهد إدارة الرئيس أوباما استقالة العشرات من موظّفيها لأسباب عدّة، منها السعي وراء وظيفة أفضل، أو الخلاف مع الزملاء، رغم مرور أقل من سنتين على بداية العهد الجديد
ديما شريف
قبل انتهاء السنة الثانية للإدارة الأميركية الجديدة في البيت الأبيض، بدأ موظفوها الهرب والاستقالة من وظائفهم. السبب هو الضغط الكبير الذي يعانونه في عملهم، مقابل أجر ثابت يستطيعون نيل أضعافه في القطاع الخاص، في وظائف لا تتطلب الجهد نفسه. ففي الأسبوعين الماضيين، دخلت استقالة ثلاثة من الأشخاص المهمين حيّز التنفيذ، في مقدمتهم مدير مكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض بيتر اورزاغ، إلى جانب رئيسة مستشاري المجلس الاقتصادي في البيت الأبيض كريستينا رومر، ومسؤولة الإعلام لدى السيدة الأولى ميشال أوباما، كاميل جونستون.
اورزاغ الذي كانت مهمته إعداد الموازنة العامة للبلاد انتقل إلى القطاع الخاص، ليعمل مع «مجلس العلاقات الخارجية». أما رومر، فقررت العودة إلى كاليفورنيا للتفرغ لتربية ابنها، كما قالت لمحطة تلفزيون بلومبرغ، نافيةً أن تكون الاحتكاكات مع لورنس سامرز، رئيس مجلس الاقتصاد الوطني، هي السبب في رحيلها. في المقابل، بدأت جونستون عملها كنائب رئيس للشؤون المؤسساتية في عملاق الإلكترونيات «سيمنز».
بعض الموظفين الذين تركوا بداية العام كافأهم بطريقة أخرى الرئيس. فعُيّن مسؤول موظفي الرئيس دون غيبس سفيراً لواشنطن في جنوب أفريقيا، فيما ينتظر مسؤول آداب العمل في البيت الأبيض نورم ايسن تصديق الكونغرس لتعيينه سفيراً في جمهورية تشيكيا.
ومثل رومر، هناك العديد ممن يتركون عملهم لأنّهم يتشاجرون مع زملائهم أو بعد إعادة تقويم عملهم. من هؤلاء غريغوري غريغ، الذي كان احد مستشاري البيت الأبيض وترك بعد الانتقادات التي وُجهت إليه بشأن الملفات التي تعاطى بها، أي إغلاق معتقل غوانتانامو وتعيين قضاة جدد في المحكمة العليا. وعاد إلى عمله السابق كمحامٍ ليترافع عن أهم المصارف والشركات. كذلك فعل رئيس موظفي مجلس الأمن القومي مارك ليبرت، الذي عاد إلى عمله في البحرية الأميركية إثر خلافات مع زملائه في المجلس.
أما السكرتيرة الاجتماعية في البيت الأبيض ديزيريه روجرز، فقد استقالت بعدما أُلقي اللوم عليها إثر تسلل ميكاييلا وطارق صلاحي إلى حفل العشاء الذي نظمه الرئيس باراك اوباما على شرف رئيس الوزراء الهندي مانوهان سينغ. وتسلمت روجرز منذ أسبوع وظيفتها الجديدة كمديرة تنفيذية لمؤسسة جونسون للنشر.
من جهتها، استقالت مديرة التواصل في البيت الأبيض ايلين موران بعد خلافات مع زملائها لتصبح رئيسة موظفي وزير التجارة الاميركية غاري لوك.
وهناك حديث في أروقة واشنطن عن استقالة قريبة للمستشار الأول للرئيس ديفيد اكسلرود، الذي ترك عائلته في شيكاغو ويود العودة للعيش معها ولا يترك فرصة إلا ويتحدث فيها عن كرهه العيش في العاصمة.

الجمهوريون وجدوا في الاستقالات فرصة للانقضاض على «الديموقراطيّين الجبناء»
ومن بين المستقيلين أيضاً، مساعدة مدير التواصل ليندا دوغلاس، التي قالت إنّ ضغط العمل هو الذي دفعها إلى ذلك. واكدت في حديث صحافي إنّها نامت اثنتي عشرة ساعة يومياً لأسبوع بعد استقالتها من شدة تعبها. وهذا سبب من الأسباب التي تدفع بعض العاملين في الإدارة، وتحديداً في البيت الأبيض، إلى الاستقالة. فبعض الموظفين يأتون إلى عملهم في السابعة صباحاً ولا يغادرون قبل الثامنة مساءً. ما يعني أنّهم يعملون أكثر من اثنتي عشرة ساعة يومياً.
وبعض هؤلاء الموظفين لا يستطيعون التوقف عن العمل بعد عودتهم إلى منازلهم، إذ يستمر العمل عبر البريد الإلكتروني وأجهزة البلاكبيري، التي تزوّدهم بها الإدارة. كما أنّ هناك حاجة أحياناً إلى موظفين يعملون في الليل لأنّه، كما يقول أحد الفاعلين في السياسة الأميركية، «حين تكون الساعة الثالثة صباحاً في واشنطن تكون الخامسة من بعد الظهر في مكان ما في العالم، وهناك حاجة إلى رأي أميركي في موضوع ما».
إلى جانب الضغط من الوظيفة، هناك ضغط من الموظفين أنفسهم بعضهم على بعض. فالمنافسة الدائمة بينهم تدفعهم إلى محاولة إطالة فترة العمل للتميز عن غيرهم أملاً بترقيات مفيدة مادياً ووظيفياً. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، انتقاد بعض موظفي البيت الأبيض لمستشار الأمن القومي جيمس جونز لأنّه «يترك عمله في أوقات عادية معظم الليالي، ويتجرأ على ممارسة رياضة الركض أثناء فرصة الغداء».
ولم تمر هذه الاستقالات مرور الكرام لدى الجمهوريين، الذين وجدوا فيها فرصة للانقضاض على الديموقراطيين بوصفهم «كسولين»، و«لا يتحملون الضغط» و«لا يعرفون القيام بعملهم». ورأى الصحافي ديفيد فيكتور هانسون أنّ هذا دليل على عدم كفاءة الإدارة الحالية، إذ إنّ موظفي إدارة جورج بوش الابن الاولى عملوا في ظروف صعبة، أهمها أحداث 11 أيلول ولم يبادروا إلى الاستقالة كما يفعل «الديموقراطيون الجبناء».