يبدو أنّ أوستراليا لم تعد بعيدة عن اللحاق بـ«أمّها»، بريطانيا، للحصول على حكومتها الائتلافية الخاصة بعدما أدت الانتخابات التي جرت السبت الماضي إلى برلمان معلق، تماماً كما حصل في انتخابات الرابع من أيار الماضي في المملكة المتحدة. فبعد فرز 78 في المئة من أصوات 14 مليون ناخب في بلد التصويت فيه إجباري، حصل حزب العمال الحاكم بزعامة جوليا غيلارد على 70 مقعداً في مقابل 72 للائتلاف الليبرالي الوطني المحافظ بزعامة طوني آبوت بحسب شبكة التلفزة العامة «اي بي سي».
وتشير التوقعات إلى أنّ المحافظين سيحصلون على 73 مقعداً والعماليين على 72 مقعداً، أي أقل من المقاعد الـ76 (من أصل 150 نائباً) الضرورية للحصول على غالبية، ما يضطر كل فريق إلى السعي لاستمالة النواب المستقلين الأربعة المرجحين ونائب من الخضر لمحاولة تأليف حكومة ائتلافية (أي الحصول على حكومة محافظين مع مستقلين ريفيين أو حكومة عمال يدعمها الخضر). وسيحصل ذلك للمرة الأولى منذ 1940.
وقد أقرت غيلارد، التي أصبحت في حزيران أول امرأة تتولى رئاسة وزراء أوستراليا إثر إقصائها كيفن راد من رئاسة حزب العمال بعدما كانت نائبته، منذ مساء السبت بأنّ العماليين لن يحصلوا على المقاعد الـ76 اللازمة.
وقال توني آبوت أمام أنصاره، الذين احتشدوا في سيدني مساء السبت، «إنّ الحزب العمالي خسر غالبيته نهائياً». وأضاف: «إنّ ذلك يعني أنّ حكومته (العمال) فقدت شرعيتها، ولن يكون قادراً مطلقاً على الحكم لكونه أقلية».
ولم ينتظر آبوت وغيلارد صدور النتائج النهائية الرسمية، وبدآ مباشرة بعد انتهاء الانتخابات يوم السبت خطب ود الأحزاب الأخرى الصغيرة، والمستقلين الناجحين لمحاولة الفوز بسباق تأليف الحكومة.
وقال النائب المستقل توني وندسور: «لقد تلقيت اتصالين هاتفيين وديين للغاية، الأول من رئيسة الوزراء في ساعات المساء الأولى لتهنئتي، والثاني في وقت لاحق من قائد المعارضة أيضاً لتهنئتي». وأضاف: «سبق أن أشرنا إلى أنّه في حال الوصول إلى برلمان من دون غالبية، فسيكون من الممكن إجراء محادثات»، من دون تحديد هوية الجهة التي ستنال تأييده.
وأعرب نائب مستقل آخر، روب أوكشوت، عن رغبته في الوصول إلى «حكومة مستقرة وبرلمان قادر على العمل»، من دون الإفصاح عن أي من المحافظين أو العماليين سيؤيد. والتقت غيلارد أمس ممثلين عن حزب الخضر ومستقلين التقاهم آبوت أيضاً.
وتُعَدّ نتيجة الانتخابات عقاباً لغيلارد، وهي تواجه اليوم نكسة حقيقية بعدما كان تقدمها في استطلاعات الرأي يرجح فوزها قبل بضعة أسابيع فقط. وكان استطلاع للرأي نشر في 19 تموز يعطيها 55 في المئة من نيات التصويت.

تُعَدّ نتيجة الانتخابات عقاباً لغيلارد على تصريحات غير شعبية أثناء حملتها

لكن سلسلة من المواقف والتصريحات غير الشعبية عن مواضيع حساسة مثل الهجرة، إضافة إلى ضريبة الكربون أو فرض ضريبة على الأرباح في قطاع المناجم، أدت إلى إبعاد قسم من ناخبيها.
ويُعَدّ ذلك فشلاً ذريعاً بعد الفوز الكاسح الذي حققه سلفها كيفين راد في 2007، واضعاً حداً لأحد عشر عاماً من الحكم المحافظ لجون هاورد.
وركزت غيلارد خلال حملتها على ضرورة النجاح الاقتصادي للحكومة العمالية، علماً بأنّ اقتصاد أوستراليا كان الاقتصاد المتطور الوحيد الذي تجنب الانكماش إبان الأزمة. وتعهد المحافظون، الذين يتزعمهم آبوت، بالقيام باقتطاعات في النفقات العامة و«وقف مراكب» طالبي اللجوء من الأفغان والسريلانكيين.
ويواجه الدولار الأوسترالي والأسهم هبوطاً بسبب الوضع السياسي في البلاد، وقال الاقتصادي كريغ جيمس من شركة كومسيك «حال الشك ستكون قاتلاً حقيقياً بالنسبة لأسواق المال»، ملمحاً إلى أنّ الدولار الأوسترالي قد يفقد سنتاً أو أكثر. وقال وزير الخزانة السابق بيتر كوستيلو إنّه بغض النظر عمّن سيتمكن من اجتذاب النواب المستقلين وتأليف حكومة، فإنّ أوستراليا تواجه إدارة هشة يمكن أن تسقط في غضون 12 شهراً.
وقال ديفيد كاسيدي، كبير المحللين في «يو بي أس»، إنّ المستثمرين يفضلون حكومة أقلية من المحافظين على تأليف حكومة من العمال والخضر.
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)