بول الأشقر«إنّهم أحياء، إنّهم أحياء». عبارة تردّدت في كلّ أنحاء التشيلي، بعدما تأكّد النبأ أنّ العمال المحبوسين على عمق 700 متر تحت سطح الأرض في منجم سان خوسي منذ 5 آب جميعهم على قيد الحياة، وأنّه جرى التواصل معهم.
وقد فجّر النبأ موجة من الفرح وحفلة أبواق كأنّ المنتخب الوطني فاز ببطولة العالم. وأتى الانفراج، بعدما كانت توقعات إيجاد العمال على قيد الحياة قد تقلّصت كثيراً إثر انهيارات جديدة في المنجم.
وقد نجح العمال بإيصال رسالة صغيرة مدونة على ورقة ملطخة بالدهان الأحمر تقول «نحن بحالة طيبة في الملجأ»، وهي موقعة «الـ33». وهذه الجملة المقتضبة كانت كافية لانفراج البلد من شماله إلى جنوبه، وحضور رئيس الجمهورية سيباستيان بنييرا إلى موقع الانهيار في منطقة كوبيابو على بعد 800 كيلومتر شمال العاصمة سانتياغو، حيث تسلم «باسم الأمة» الوريقة التي نجحت بالصعود في الحفرة الضيقة (عرضها 8 سنتمترات) التي وصلت عالم الخارج بالملجأ.
وقال بينييرا وعلامات التأثر واضحة على وجهه: «هذه الورقة خرجت اليوم من أحشاء الجبل، من أعماق هذا المنجم، وهي رسالة آتية من عمالنا لتقول لنا إنّهم أحياء، وإنهم موحّدون، وإنّهم ينتظرون عودتهم إلى نور الشمس ليقبّلوا أحبّاءهم».
وكان فريق الإنقاذ قد قام بعشر حفريات ضيقة نجحت إحداها في إدراك الملجأ. وبحسب الخبراء، فإنّ انهيار المنجم خلّف جيوباً هوائية سمحت بالتنفس، إضافةً إلى كون العمال وصلوا إلى الملجأ ووجدوا فيه حصصاً غذائية.
وقد نجح أحد العمال، ويدعى ماريو غوميز، وهو أكبرهم سناً وعمره 63 سنة، في إيصال رسالة أخرى إلى زوجته كتب فيها: «ليلا، أنا بخير والحمد لله... آمل الخروج قريباً، صبر وإيمان...، وسننجح بالخروج أحياءً من هذا المنجم... حتى لو انتظرنا أشهراً لنعود ونلتقي... آمل أن نتواصل قريباً وأنا أسمع الآن أصوات آلات الحفر، يا ليتها تدركنا هذه المرة». وبعد مرور ساعات إضافية، نجح فريق العمل في إدخال كاميرا رقمية في الحفرة التي التقطت صوراً حيّة يظهر فيها العمال، مدعّمة الخبر السار بالصورة في بلد يمثّل عمل المناجم ومآسيها مكوّناً من هويته الوطنية.
والأن تبدأ المرحلة التالية للإنقاذ من خلال إيصال المياه والأغذية والحاجات الضرورية إلى داخل الملجأ بواسطة الحفرة. أمّا إخراج العمال، فهو عملية أخرى قد تستمر في أحسن الأحوال شهرين أو ثلاثة أشهر لحفر قسطرة جديدة عرضها 66 سنتيمتراً قد تسمح بسحب العمال الواحد تلو الآخر بواسطة الحبال. ولهذه المهمة الجديدة، سيكون دور العمال حاسماً، إذ هم الذين سيتولّون تنظيف الملجأ من الحفريات التي ستتراكم فيه.