واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - كشف قائد القوات الأميركية ـــــ الأطلسيّة في أفغانستان الجنرال ديفيد بيترايوس عن بدء تطبيق برنامج «مجالس الصحوة» في أفغانستان، الذي أتى به من تجربته العراقيّة، وذلك لاستمالة عناصر «طالبان» ودفعهم إلى التخلّي عن المشاركة في المقاومة.
وقال بترايوس في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية «فوكس نيوز» إن الرئيس الأفغاني حميد قرضاي أصدر أوامره بدفع عشرة دولارات يومياً لكل عنصر من «طالبان» يندمج من جديد في المجتمع الأفغاني، وإنّ حكّام الأقاليم والقادة المحليّين الأفغانيّين أصدروا الأوامر اللازمة لوضع هذا الهدف موضع التنفيذ.
وكانت قيادة الاحتلال الأميركي في العراق تدفع لعناصر المقاومة السابقين في العراق، الذين انضموا إلى مجالس الصحوة 300 دولار شهرياً، فيما تدفع إلى زعماء عشائرهم عشرات الآلاف من الدولارات.
وأشار القائد الأميركي إلى أن «مقاتلى طالبان الأقل دخلاً سوف يكونون أول العناصر الذين سوف يعودون إلى الاندماج من جديد فى صفوف المجتمع الأفغاني»، مشيراً إلى أن المصالحة مع «طالبان» ستكون هي الهدف النهائي بالنسبة إلى أفغانستان، وذلك بمجرد انتهاء القوات الأميركية والأفغانية من خلق الظروف اللازمة لها.
وقال بترايوس إن «اليومين الماضيين شهدا بالفعل عودة أعداد محدودة من قادة «طالبان» والعناصر العاديين فيها بغرض تسليم أسلحتهم تمهيداً للاندماج من جديد في صفوف المجتمع الأفغاني»، معرباً عن اعتقاده بأنّ اندماج عناصر «طالبان» في المستقبل على نطاق أكبر، سيكون احتمالاً واقعياً للغاية.
وكشف بترايوس لأول مرة عن أنّ القوات الأميركية تتولّى عملية تأمين انتقالات المسؤولين الأفغان بغرض عقد لقاءات مع مسؤولي «طالبان». وقال إن «المصالحة مع «طالبان» تعدّ مسألة أكبر من مجرد الاندماج، لأنّ المصالحة سوف تجرى مع المستويات العليا في «طالبان» والرئيس قرضاي طرح مجموعة من الشروط التى يتعيّن على «طالبان» الوفاء بها قبيل اندماجها من جديد في صفوف المجتمع الأفغاني»، موضحاً أن من بين الشروط «الموافقة على الدستور وإلقاء السلاح وقطع العلاقات مع القاعدة والمشاركة في المجتمع المدني». وقال «نحن في العراق نجلس على نفس الطاولة مع أناس لطّخت أياديهم بالدماء. هذا ما يحصل بالنسبة إلى كل حركات المقاومة عندما تصل الى آخر مراحلها»، في إشارة إلى مجالس الصحوة في العراق.
وأقر بترايوس بأن هناك حالة من نفاد الصبر داخل المجتمع الأميركى إزاء مهمة القوات الأميركية في أفغانستان، لكنّه أكد أنّ أمام واشنطن هدفاً أساسياً وجوهرياً ومهمّة تتعلق بالأمن القومي الأميركي، وتتمثّل في ضرورة عدم عودة أفغانستان مرةً أخرى ملاذاً لمن سمّاهم «العناصر الإرهابيّين»، وذلك على غرار ما كان عليه الوضع هناك قبيل هجمات 11 أيلول /2001.
وزعم بترايوس أن إيران تقدّم الدعم المالي إلى عناصر المقاومة في أفغانستان، وتعمل على تقويض نتائج الحرب التي تقودها الولايات المتحدة هناك، وقال إن «إيران تقدّم بالفعل قدراً ضئيلاً من المساعدات إلى «طالبان»، لكنه لا يرتقي إلى نفس المستوى الذي كانت تقوم به في العراق».
وأشار إلى أنّ «إيران لا تفعل ذلك حبّاً في «طالبان»، ولكن سعياً إلى تحقيق مصالحها الخاصة». وقال إنه يتفق مع الرأي القائل بأن إيران تسعى الى التأثير في الانتخابات البرلمانية القادمة في أفغانستان، وذلك رغم عدم العثور أخيراً على أية أسلحة إيرانية في أيدي «طالبان»، أو التوصل الى أدلة تفيد بأن طهران تدعم وتقف وراء أعمال العنف فى شمال أفغانستان .
وفي ما يتعلق بالانسحاب من أفغانستان، الذي أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما، أوضح بترايوس أنّ يوليو 2011 سيسجل بداية «عملية» انسحاب. وقال إن «الرسالة التي نريد إمرارها عندما نتحدث عن تموز 2010 لا تعني أننا سنتوجه نحو الخروج وإطفاء الأنوار عند اجتياز الباب. إنّ الأمر لا يتعلق بالرحيل، بل يتعلق في الحقيقة بإمرار رسالة عاجلة». وأضاف إنّ «المسألة تتعلق بالقول بكل وضوح إنّ عملية ستبدأ في تموز 2011. ووتيرة هذه العملية ستحدّدها الظروف على الأرض»، ووتيرة انتقال المسؤولية بين القوات الأميركية ـــــ الأطلسيّة والقوات الأفغانية.