بول الأشقرأكدت انتخابات حاكمية الولايات أنّ الـ«بري» (الحزب الثوري المؤسساتي) تحوّل مجدداً إلى أول حزب في المكسيك. وتكرست بذلك اتجاهات الانتخابات النيابية، التي جرت السنة الماضية وأعطته أكثرية برلمانية. ويرى مراقبون أنّه صار أيضاً الحزب المرشح للفوز بالانتخابات الرئاسية المنوي عقدها عام 2012.
وكانت المكسيك قد عرفت أول من أمس آخر «بروفة» انتخابية كبيرة قبل الرئاسيات، وقد شملت 12 حاكمية ولايات (من أصل 32) و14 مجلس ولايات و1500 رئيس بلدية. وقد عنت أكثر من 26 مليون ناخب يشكلون 39 في المئة من الجسم الانتخابي.
وكان التوتر والخوف سيدي الموقف بعد اغتيال أحد مرشحي حزب الـ«بري» لحاكمية ولاية تاماوليباس قبل أسبوع، وخصوصاً لأنّ مسرح الانتخابات هو الولايات التي يتمركز فيها أكثر من ثلثي الأعمال العنفية التي تدمي المكسيك منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وقد بدأ اليوم الانتخابي بمشهد شنيع لأربع جثث معلقة على جسور في ولاية شيواوا الشمالية، ثم اكتشاف 6 جثت أخرى معذبة في الولاية نفسها. وفي ولاية شياباس الجنوبية، جرى اغتيال زعيم هندي مقرب من «الحزب الثوري الديموقراطي» اليساري، وفي ولاية هيدالغو الوسطية تمت تصفية مدير الشرطة ونائبه في بلدة أكتوبان. وبالرغم من هذه الحصيلة الدموية، ولأنّ المتوقع كان أعظم، وصفت الانتخابات بالـ«هادئة»، وقيل إنّ «المواطنين هزموا الخوف»، وخصوصاً في ولاية تاماوليباس.
ودلت النتائج شبه النهائية على أنّ حزب الـ«بري» حافظ على نفس رقم الولايات التسع التي كان يسيطر عليها، مع أنّه خسر ثلاث ولايات، ومنها معقله التاريخي منذ ثمانين عاماً، ولاية واشالا، لأنّه في المقابل عوّض بثلاث أخرى، اثنتان لـ«حزب العمل الوطني» الرئاسي والأخيرة لـ«حزب الثورة الديموقراطي» اليساري. وكانت الاحزاب الكبيرة الأخرى «العمل الوطني» اليميني و«الثوري الديموقراطي» اليساري قد تحالفا في ست ولايات لمنع اكتساح الـ«بري»، الذي يعدّ «ديناصورياً» وقد حكم المكسيك دون انقطاع من الثورة المكسيكية في بداية القرن التاسع عشر حتى نهايته.
عام 2000، عند انتخاب مرشح «العمل الوطني» فيسينتي فوكس وعام 2006 عند فوز محازبه وخلفه فيليبي كالديرون بعد معركة طاحنة على مرشح الحزب الثوري الديموقراطي لوبيز أوبرادور اليساري، بدا كأنّ الـ«بري» صار مهمشاً ومن حقبة ولّت. إلا أنّ عدم اعتراف اندريس مانويل لوبيز أوبرادور بنتائج الرئاسيات أدى إلى انشقاقات في صفوف حزبه، إضافة إلى الفشل الذريع الذي منيت به خطط كالديرون الاقتصادية والعسكرية، فتحت الباب أمام تجدد شباب الـ«بري» الذي تحوّل إلى ملاذ مجرّب في أيام الضياع هذه.