أنقرة تؤكد جهودها لحل الأزمة النوويّة وروسيا تخرق «العقوبات» بإمدادت النفط ثمة ثغر عديدة لا تزال موسكو وطهران تستفيدان منها للالتفاف على العقوبات الدولية التي صدّقت عليها الأولى. لعلّها علاقات الجيرة التي تجعل المصلحة بين البلدين أقوى من أي اعتبارات أخرى
دعت إيران أمس الولايات المتحدة الى الاعتذار من الشعب الإيراني بسبب «خطف» الباحث النووي شهرام أميري، الذي غادر واشنطن أمس عائداً إلى بلاده، فيما وقّعت موسكو وطهران «خريطة الطريق» للتعاون المشترك في مجال الطاقة، الذي يتيح لروسيا مدّ جارتها الإسلامية بمصادر الطاقة، رغم قرار العقوبات الدولي، الذي صدّقت عليه الأولى. وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، إن على الولايات المتحدة «الاعتذار من الشعب الإيراني بسبب خطف المواطن الإيراني شهرام أميري، إذا كانت تعير (واشنطن) اهتماماً لاعتبارها في العالم». وأعرب عن اعتقاده بأن الأميركيين كانوا يظنون في البداية أنهم «اصطادوا شخصاً يمتلك معلومات نووية كبيرة، قبل أن يتبيّن لهم لاحقاً أن الذي خطفوه هو باحث وأستاذ جامعي عادي، حينها أدركوا أنهم ارتكبوا خطأً كبيراً» .
وكان عالم الفيزياء الإيراني قد ذكر في مقابلة مع قناة «برس تي في» الإيرانية، قبيل مغادرته الولايات المتحدة إلى طهران، أنه سيكشف تفاصيل عن عملية «خطفه» على أيدي عملاء استخبارات أميركيين، وسيتحدث للصحافة عن «المحن في الأشهر الـ14 الأخيرة»، معتبراً أن هذه القضية تبقى «لغزاً لكثيرين».
وقال أميري «أثناء أدائي العمرة في السعودية، عرضت علي سيارة إيصالي، وصُوّب مسدس إلى رأسي فور دخولي السيارة. ثم خُدّرت، ونُقلت إلى أميركا على متن طائرة حربية».
وأوضح أميري أنه تمكّن من «الفرار من عناصر الاستخبارات الأميركيين»، كما تمكّن «بمساعدة أصدقاء»، من إرسال شريط فيديو بثّه التلفزيون الإيراني مطلع حزيران، وأكد فيه أنه «خطفه» الأميركيون.
وأكد أميري أن هذا «الشريط غير مزوّر، وما جاء فيه صحيح، ولم يرد فيه أي نوع من الكذب». وأضاف «بعد نجاحي في الهرب من العناصر الاستخبارية الأميركية، سلّمت هذه الشريط إلى موقع «يوتيوب» ليكون في متناول المواطنين، لكني اعتُقلت من جديد في ولاية فرجينيا. وعندما تنبّه عناصر الاستخبارات الأميركية إلى احتمال عرض الفيلم من قبل إيران عرضوا فكرة إعداد فيلم آخر يشير إلى أنني في طريق العداوة مع إيران».
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، إنه «بفضل الجهود التي بذلتها الجمهورية الإسلامية وتعاون سفارة باكستان في واشنطن، غادر شهرام أميري الأراضي الأميركية متوجّهاً إلى إيران عن طريق بلد ثالث».
وأكد المتحدث الإيراني أن بلاده ستواصل «جهودها على الصعيد القانوني والدبلوماسي» ضد الحكومة الأميركية «لمسؤوليتها عن خطف أميري».
وقال المسؤول في الخارجية الإيرانية، حسن قشقاوي، إن أميري من المنتظر أن يصل إلى طهران اليوم الخميس عن طريق قطر.
في سياق آخر، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أن بلاده ستبقى ملتزمة بالجهود الدبلوماسية لحل الأزمة الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وقال داوود أوغلو إن تركيا تريد حل هذه الازمة سلمياً، مكرراً التأكيد أن أنقرة «لا تريد أيّ نظام نووي في المنطقة». ووصف محادثاته الهاتفية مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، أول من أمس، بشأن إيران بأنها كانت «حواراً بنّاء جداً».
من جهة ثانية، وقّع وزير النفط الإيراني مسعود مير كاظمي، ووزير الطاقة الروسي سيرغي شماتكو، في موسكو، على بيان مشترك بشأن تعاون البلدين في مجال النفط والغاز.
وأفادت وكالة أنباء نوفوستي الرسمية الروسية أن البيان يتضمن إقرار «خريطة الطريق» للتعاون الروسي الإيراني المشترك في مجالات الكهرباء والطاقة النووية والطاقة المتجددة.
وأشار التقرير إلى أن روسيا وإيران اتفقتا على بحث إمكان تأسيس مصرف مشترك لتمويل مشاريع تنفذها شركات النفط والغاز الروسية والإيرانية المعنية، إضافة إلى إمكان وضع آليات لاستخدام العملتين الروسية والإيرانية.
وفي السياق، قال وزير الطاقة الروسي إن عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على إيران «لن تعرقل تعاوننا المشترك». وتابع «لم نناقش العمليات التجارية، لكن إذا كان هناك اهتمام تجاري وشروط جذابة، فما من شك في أن الشركات الروسية ستبدي استعداداً لإمداد إيران بالمنتجات النفطية». وقال «نحن جيران، وإذا نُفّذ مشروع كبير لاستحداث ممر للنقل بين الشمال والجنوب، أعتقد أن ذلك سيتيح فرصاً للإمدادات على المدى الطويل، بما في ذلك إمدادات منتجات النفط».
وكان بروجردي قد دعا روسيا إلى عدم تكرار الخطاب الأميركي حيال البرنامج النووي الإيراني، ووصف تصريحات الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الأخيرة بهذا الشأن بأنها غير منطقية بالكامل.
إلى ذلك، أعلن قائد القوات البرية للجيش الإيراني، أمير أحمد رضا بوردستان، البدء بعمليات تكتيكية في «الأرض المسلحة» ابتداءً من شهر تشرين الأول المقبل، في المناطق الجنوبية من إيران.
وأشار في حوار مع وكالة «فارس» إلى أسلوب الأرض المسلحة الذي يعدّ إحدى الخطوات التي يقوم بها الجيش لمواجهة أي تهديدات محتملة للعدو. وقال «لقد جرّبنا هذا الأسلوب خلال المناورات المختلفة التي أجريناها، وكانت ناجحة، ونسعى بذلك إلى تنفيذه على مدى واسع في مناطق جنوب البلاد».
(يو بي آي، أ ف ب، أ ب، فارس)