واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - تشهد العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية في عهد الرئيس باراك أوباما تقدماً يشير إلى أنّ الجانبين تجاوزا بالفعل ما عُدّ خلافاً بينهما في أعقاب قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو المضي في نشاطها الاستيطاني في القدس الشرقية والضفة الغربية.
ولم يمنع تركيز الانتباه على الخلافات الدبلوماسية الدائرة حول التوسع الاستيطاني اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأمن من تعزيز العلاقات العسكرية بين الجانبين على نحو أوثق. ومن بين الأدلة على ذلك، أنّ الولايات المتحدة ستتحمل كلفة نشر نظام الدفاع الصاروخي المتنقل الجديد الذي يطلق عليه اسم «القبة الحديدية»، المصمم لاعتراض صواريخ صغيرة قد تطلق من قطاع غزة وتدميرها. وتبلغ كلفة البرنامج 410 ملايين دولار، وتغطى من المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جيف موريل إنّ وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يعتقد أنّ الولايات المتحدة تتعاون في المجال العسكري مع إسرائيل على نحو غير مسبوق.
ونسبت صحيفة واشنطن بوست إلى مسؤول إسرائيلي بارز قوله إنّ العلاقات العسكرية كانت وثيقة للغاية في عهد إدارة بوش، لكنّ التعاون بشتى الطرق توسع، وقد تعزز فى ميادين عسكرية مختلفة في عهد إدارة أوباما.
كذلك أثنى نائب مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش، إليوت أبرامز، وهو منتقد كبير لسياسة حكومة أوباما تجاه إسرائيل، على البيت الأبيض لتعامله مع العلاقة الأمنية مع إسرائيل، قائلاً إنّه ذكي جداً لأنه استطاع عزلها عن الاضطراب الدبلوماسي.
ويصور المسؤولون الأميركيون هذا الجهد على أنّه استثمار على الأمد الطويل يهدف إلى تحسين توقعات السلام وجعل إسرائيل تشعر بأنّها أقل عرضة لأي تهديد تمثله إيران. وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ـ العسكرية أندرو شابيرو في ندوة نظمها معهد بروكينغز يوم الجمعة إنّ «إسرائيل عندما تكون آمنة تصبح أقدر على اتخاذ قرارات صعبة سيتعين اتخاذها من أجل صنع السلام».
وتشير مصادر البنتاغون إلى أنّ الزيارات العالية المستوى لكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين الأميركيين والإسرائيليين التى تجري أسبوعياً، بلغت أكثر من 75 زيارة على مستوى نائب مساعد الوزير أو مستوى أعلى خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية، ويؤدي ذلك إلى تبادل خبرات عسكرية وتبادل معلومات، وصفها مسؤولون أميركيون بأنّها فريدة في العالم.
ونقلت واشنطن بوست عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّ الجهود الأميركية في العراق وأفغانستان جاءت بناءً على دروس جرى تعلمها على أيدي إسرائيليين ومعدات طورها إسرائيليون في صراعاتهم وبالعكس أيضاً، فالطائرات بدون طيار وتدريع المركبات للحماية من القنابل التى تزرع على جانب الطريق مأخوذة عن التكنولوجيا الإسرائيلية.
وقال شابيرو: «نتبادل المعلومات ونناقش التطورات في المنطقة، وفي ظل هذه الحكومة اتخذت الاتصالات طبيعة أكثر تكراراً وأكثر ودية».
وفى إطار تعزيز هذه العلاقات، شارك أكثر من ألف جندي أميركي العام الماضي في مناورة عسكرية مشتركة استخدمت فيها الصواريخ.
وإضافة إلى نظام «القبة الحديدية»، تزود الولايات المتحدة نظامين دفاعيين صاروخيين إسرائيليين آخرين هما «آرو» و«ديفيد سلينج» بنحو 200 مليون دولار سنوياً، ويجري تقاسم التكاليف بنسبة 50 في المئة بناءً على تفاهم مفاده أنّ الولايات المتحدة ستستفيد من هذه الخبرة الإسرائيلية.
وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير «إنّنا نعمل عن كثب مع الإسرائيليين على بناء كل أنظمتهم الدفاعية الصاروخية لمواجهة (صواريخ) القسام ذات المستوى المنخفض إلى صواريخ شهاب البالستية (الإيرانية) ذات المستوى العالي».
ورأى السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل أورين أنّ العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية هي أكبر مما وصفه «كمية قطع الغيار العسكرية»، وقال: «الأمن هو أكثر من الدعم المالي والتعاون في مجال الدفاع الصاروخي والمناورات المشتركة. الأمن هو أيضاً حوار... والحوار هو على نحو خاص وثيق ومتواصل مع هذه الحكومة».
من جانب آخر، أعرب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي عن يقين قوي لدى الولايات المتحدة باستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال كراولي إن ّهذا القرار يعود أولاً وأخيراً إلى قيادتي الجانبين، إلا أنّ واشنطن لديها يقين قوي بأنّه عند نقطة معينة ستستأنف المفاوضات المباشرة من جديد، مضيفاً أنّه لا يستطيع أن يقول ما إذا كان هذا سيكون خلال أيام أو أسابيع من الآن، لكن الغرض النهائي من أي محادثات مع الفلسطينيين أو الإسرائيليين هو التحرك صوب المفاوضات المباشرة.