الـ«سي آي إيه» تحقّق في «لغز» أميري... وطهران تعدّ «لائحة سوداء» للملتزمين بالعقوباتبقيت تعليقات القادة الإيرانيين على اعتداء مسجد زاهدان محور الحياة السياسية في طهران، بينما لا يزال الغموض يحيط بقضية الخبير النووي شهرام أميري. أما جديد العقوبات الدولية، فهو تطور إيراني، تُرجم بالإعلان عن لائحة سوداء ستضم الشركات التي تلتزم بالعقوباتألقت طهران التهمة في اعتداء مسجد زاهدان على واشنطن وإسلام آباد وتل أبيب، بينما كشف رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، أن الكونغرس الأميركي بعث برسالة عبر السفيرة السويسرية لدى طهران، ليفيا لو أغوستي، يطلب فيها التفاوض مع بلاده.
وأعلن بروجردي لوكالة «مهر» للأنباء، أنه التقى السفيرة السويسرية لو أغوستي، في إطار بحث زيارة رئيس البرلمان علي لاريجاني إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر اتحاد البرلمانات الدولي. وباعتبارها ترعى المصالح الأميركية في إيران، طرحت لو أغوستي خلال اللقاء مقترحات من ضمنها رغبة لجنة السياسة الخارجية الأميركية بالتحاور مع إيران، وهي رغبة تبلّغتها أثناء زيارتها إلى واشنطن أخيراً. وفي السياق، نفت كل من وزارتي الخارجية في طهران وبرن، ما بثته محطة «برس تي في» الإيرانية، بشأن احتجاز السفيرة السويسرية أثناء زيارتها لمحافظة خراسان الشمالية.
وفي ما يتعلق بالخبير النووي الإيراني شهرام أميري، لا تزال الصحافة الأميركية تسعى، بعد مضيّ خمسة أيام على «إطلاق سراحه»، الى كشف الغموض الكثيف الذي يلفّ قضيته.
وفيما ترتفع الاتهامات الإيرانية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ«سي آي إيه» باختطاف أميري من السعودية، من المنتظر أن تجري الوكالة تحقيقاً في ما إذا كان أميري عميلاً مزدوجاً، وإذا ما كان قد تجسس على البرنامج النووي الإيراني لمصلحتها لسنوات، إلى جانب إجرائها تقديراً للمخاطر الناجمة عن عودته إلى إيران. معلومات كشفتها صحيفة «واشنطن بوست»، التي أشارت إلى أنّ الوكالة الأميركية بصدد تقويم ما إذا كان هذا التطور المثير سيلحق أضراراً بأساليبها الاستخبارية أو مصادرها وعملائها.
وذكرت الصحيفة، استناداً إلى مسؤولين استخباريين حاليين وسابقين، أن هناك مخاوف بالفعل من تعرض أساليب وعملاء الاستخبارات الأميركية لمخاطر الانكشاف بعد عودة أميري إلى طهران.
وادّعى مسؤولون استخباريون أميركيون، أن الـ«سي آي إيه» كانت قد سعت في العام الماضي إلى تهريب الخبير النووي الإيراني إلى الولايات المتحدة خشية انكشاف أمره في بلاده كعميل لهذه الوكالة. وكان مسؤولون أميركيون قد رأوا أنّ أميري كان عميلاً أميركياً داخل إيران لسنوات عدة، وأنه أمدّهم بمعلومات عن البرنامج النووي الإيراني، مؤكدين أنه، أثناء وجود أميري في إيران، كان يُعَدّ أحد المصادر المهمة في تقدير استخباري مختلَف حوله بشأن برنامج إيران للأسلحة النووية الذي نشر في عام 2007، حيث قُدِّم أميري لعدة سنوات على أنه «مصدر أصلي وهام للمعلومات» بشأن الجوانب السرية للبرنامج النووي الإيراني.
لكن صحيفة «صاندي تلغراف» البريطانية، أشارت إلى أنّ قرار أميري بالعودة طوعاً إلى إيران، وادّعاءه بطريقة غريبة أنه تعرّض للخطف على أيدي «سي آي إيه» وعملاء في السعودية في العام الماضي، ثمّ تعرّضه للتعذيب في الولايات المتحدة، أثار شبهات بأنه كان عميلاً مزدوجاً يعمل لإيران أيضاً.
ونقلت الصحيفة عن الضابط السابق في الـ«سي آي إيه»، آرت كيلر، الذي كان مكلَّفاً بمتابعة البرامج النووية وبرامج الصواريخ الإيرانية، قوله إن الـ«سي آي إيه ما كانت لتدفع 5 ملايين دولار ما لم تكن قد درسته بعناية وتأكدت من أنه صادق».
من ناحيته، كشف الأستاذ النووي الإيراني أن الاستخبارات الأميركية عرضت عليه تسليمه إلى طهران في إطار صفقة تبادل مع «ثلاثة جواسيس أميركيين» تحتجزهم إيران منذ تموز 2007، بعد دخولهم عبر الحدود الإيرانية إلى العراق.
وقال أميري «كانوا (العملاء الأميركيون) يريدون أن أقول إنني عميل في أجهزة الاستخبارات الإيرانية وتسللت إلى السي آي إيه». وتابع إنّ «الأميركيين أصيبوا بحالة من الإحباط بسبب فشل السيناريو الخاص بعد رفضي قبول اللجوء السياسي».
وفي تداعيات أحداث زاهدان، أعلن وزير الداخلية الإيراني، مصطفى محمد نجار، أنّ الضالعين في الانفجار، «إنما هم عملاء لأميركا والكيان الصهيوني»، لافتاً إلى أن «الأعمال الإرهابية للصهاينة تسعى الى تحقيق أهداف عدة، بينها إقامة الفتنة بين الشيعة والسنة».
من جهته، دعا المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، في رسالة وجهها إلى سكان محافظة سيستان وبلوشستان، «المسلمين الشيعة والسنة إلى التحلي بالصبر والحفاظ على الوحدة». أما رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، أكبر هاشمي رفسنجاني، فقد وصف هذا الاعتداء بأنه «كارثة خطيرة للغاية تقع في منطقة يعيش فيها السنة والشيعة بهدوء ووئام».
وأكد نائب قائد قوات الشرطة الإيرانية، العميد أحمد رضا رادان، إلقاء القبض على 40 شخصاً في هذه القضية.
في غضون ذلك، أعلن رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، أن «باكستان هي مأوى للإرهابيين، ويجب أن يتحمّل المسؤولون الإيرانيون مسؤولية الموضوع».
على صعيد آخر، صوّت البرلمان الإيراني، على قانون يطلب من الحكومة «ضمان إمدادات الوقود المخصب بنسبة 20 في المئة لمفاعلات الأبحاث والمفاعلات الطبية» في البلاد.
إلى ذلك، قال مسؤول إيراني يعمل لدى سفارة بلاده في الإمارات، إن إيران قد تسعى الى تحصيل إيرادات صادراتها النفطية إلى أوروبا بالدرهم الإماراتي بدلاً من اليورو الأوروبي، لأن العقوبات الأوروبية المتشددة يمكن أن تمنع التعاملات الإيرانية باليورو.
وفي سياق متصل بالعقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، أعلن وزير النفط الإيراني مسعود مير كاظمي، أن بلاده سترد على الشركات الأجنبية التي تتراجع عن عقودها الموقعة التزاماً بالعقوبات الدولية، وستوضع على «لائحة سوداء». وحذّر مير كاظمي من أنه «إذا تصرفت شركات أجنبية ضد (مصالح) إيران، فسنكون ملزمين بأخذ هذا الواقع بالاعتبار، ووضع هذه الشركة ضمن لائحة سوداء».
(الأخبار، فارس، مهر، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)