strong>بسّام الطيارةكما كان متوقعاً، انتخب الحزب الديموقراطي الياباني وزير المال ناووتو كان (٦٣ عاماً) رئيساً جديداً له، ما أهّله ليتبوّأ مركز رئاسة الحكومة بعد استقالة يوكيو هاتوياما. وكانت حظوظ ناووتو الأقوى بسبب إمساكه بوزارة المال، بينما اليابان على مفترق مهم لكبح الدين العام وتنظيم النمو. وقد عبر عن ذلك في خطاب قبول المنصب، حين لوح بقبضته في الهواء قائلاً: «معكم جميعاً، أود أولاً أن أضع السياسات والخطط الحازمة لإعادة بناء اليابان قبل انتخابات مجلس الشيوخ».
ورئيس الوزراء الرابع والتسعون لليابان كان ناشطاً يسارياً سابقاً قبل أن يتحول إلى مناصر للتقشف المالي. وسبق أن انتخب عشر مرات نائباً في البرلمان منذ عام ١٩٨٠، وانضم إلى الحكومة للمرة الأولى عام ١٩٩٦ في ظل حكومة ائتلافية. ومسيرته عبارة عن انتقال من حزب صغير إلى آخر قبل أن ينضم إلى الحزب الذي أوصله إلى سدة الحكم.
من نافل القول إن هبوط شعبية هاتوياما أدى دوراً في استقالة الحكومة السابقة. كذلك ربط البعض بين سقوط الحكومة والفساد المالي، وخصوصاً أن هاتوياما أعلن في الوقت نفسه استقالته وانسحاب الأمين العام للحزب إيتشيرو أوزاوا، رجل الظل القوي الذي واجه اتهامات لم تثبت بقيام مساعديه بتمويل غير شرعي للحزب. إلا أن بعض المعلومات المتوافرة تشير إلى أن وصول ناووتو إلى الحكم كان بمثابة «انقلاب» على أوزاوا بالاعتماد على نقاط ضعف هاتوياما، إذ يقال إن أوزاوا، الذي يصفه البعض بـ«الشوغون» لقدرته على إدارة السياسة من خلف الستار، عمد بعد عاصفة الاتهامات بالفساد السابقة إلى «وقف تمويل عدد كبير من النواب»، ما سبّب موجة معارضة له هدفت إلى التخلص من نفوذه وتسهيل وصول الرئيس الجديد، الذي سارع إلى إعلان اسم مدير مكتبه يوشيتو سنغوكو، الذي يُعَدّ من أكثر منتقدي أوزاوا، وسبق له أن تولى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الاستراتيجية القومية في الحكومة السابقة. وحسب صحيفة «أساهي»، فإن إمكان تعيين يوكيو إدانو، وهو خصم آخر لأوزاوا، في منصب الأمين العام للحزب، يؤكد هذه النظرية. إلا أن الذين يعرفون أوزاوا و«صعوبة سحقه»، حسب وصف صحيفة «ماينيتشي»، يشيرون إلى أنه لم «يستسلم»، فهو دفع النائب المغمور شين تاروتوكو إلى الترشح في مواجهة ناووتو لـ«جسّ ميزان القوى»: فحصد الأول ١٢٩ صوتاً والثاني ٢٩١ من أصل ٤٢٠ مسؤولاً في الحزب، وذلك يدل على أن من المبكر «دفن الشوغون»، الذي لا يزال يمسك بعدد لا بأس به من مسؤولي الحزب. وإعلان أسماء الوزراء سيكون إشارة إلى قوته داخل الحزب الذي يتفق المراقبون على أن فقدان التضامن داخله سيقود إلى فقدان صدقيته لدى الرأي العام الياباني. إلى ذلك، يوجد عدد من الملفات على الساحة الدولية التي تنتظر مشاركة يابانية بعدما «تستتب أمور تأليف الوزارة». ففي مسألة فرض ضريبة عالمية على المصارف، تبدو الدول الكبرى مؤيدة لتوجه اليابان المعارض لهذه الضريبة، ما دفع وزراء مالية دول مجموعة العشرين إلى طيّ صفحة هذه الضريبة، إلا أنه من الضروري تقديم بدائل لمواجهة أي أزمة مقبلة.
كذلك ينتظر الحكومة الجديدة ملف كوريا الشمالية وسبل مواجهة الأزمة. وبالطبع لا تستطيع طوكيو الابتعاد عن حليفتها الكبرى واشنطن ولا عدم التضامن مع حليفتها الصغرى سيول.
وبالطبع، في هذه الأجواء المتلبدة بالتوتر، فإن مسألة القواعد العسكرية في أوكيناوا لم تعد على طاولة النقاش، رغم أنها «كانت حجة» دفعت هاتوياما وأوزاوا نحو الخروج من الحكم. أما بالنسبة إلى الإصلاحات الداخلية لهيكلية الاقتصاد الياباني، فإن تغيير الحكومات «لا يؤثر على الخطوط العامة»، حسب قول أحد المعلقين. فإذا وضعنا مسألة البطالة جانباً، فإن الهدف الأساسي المطلوب هو حصر النفقات وخفض الدين العام (٢٠٠ في المئة الناتج القومي) والكف عن الاعتماد على الدين لتدوير المالية العامة مع الخوف من هروب الرساميل والاستثمارات إذا كفت الحكومة عن الاستدانة في السوق الداخلية.