الملفّ النووي الإسرائيلي على طاولة مجلس حكّام الوكالة الدولية. هذا العنوان استأثر بالملفات الأخرى المطروحة أمام الاجتماع، وفي مقدّمها اتفاق تبادل اليورانيوم الإيرانيافتتح مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، اجتماعه الخامس والثلاثين، لإقرار جدول أعماله، الذي تضمّن للمرة الأولى بنداًَ لمناقشة القدرات النووية الإسرائيلية، في موازاة التركيز على الملف النووي الإيراني وما يمثّله من «حالة خاصة» إلى جانب الملف السوري.
وهيمن الملف الإيراني على الكلمة الافتتاحة للمدير العام للوكالة، يوكيا امانو، الذي أكد أنه «يُعدّ حالة خاصة، ومن بين أسباب ذلك وجود مسائل تتعلّق ببعد عسكري محتمل لبرنامجها النووي». وأوضح أن طهران «لم تقدم التعاون اللازم لتمكين الوكالة من التأكّد من أن جميع المواد النووية في إيران تُستخدم لأهداف سلمية».
وأكّد أمانو أنه «لا بد من إماطة اللثام عن قدرات عسكرية محتملة للبرنامج النووي الإيراني»، كما ذكّر بأنه استناداً إلى اتفاقية الضمانات يجب أن تقوم الوكالة بالتفتيش عن إمكان «تحويل الوقود النووي الإيراني إلى أيّ شكل آخر يتنافى مع الصيغة المعلن عنها، والتحقّق من عدم وجود مواد نووية غير معلن عنها، ونشاط نووي غير معلن عنه».
وفي ما يتعلق باتفاق تبادل اليورانيوم المبرم بين إيران وتركيا والبرازيل، أكّد أمانو أن الوكالة «لا تزال تنتظر رداً رسمياً من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا»، لافتاً إلى أنه سيواصل مشاوراته «مع كل الأطراف المعنية». وبحسب دبلوماسيين قريبين من الوكالة، فإن البلدان الثلاثة الأعضاء في مجموعة فيينا أعدت رداً مشتركاً سيسلّم إلى أمانو.
وتطرّق أمانو إلى ملف سوريا، متحدثاً عن نقص التعاون من جانب دمشق. وقال إنّ سوريا «لم تتعاون مع الوكالة منذ حزيران 2008 بشأن القضايا العالقة المتصلة بموقع دير الزور (الذي قصفته إسرائيل في أيلول 2007) وبعض المواقع الأخرى». وأضاف «نتيجةً لذلك، فإن الوكالة لم تتمكن من إحراز تقدم نحو حل المسائل العالقة المتصلة بتلك المواقع».
وللمرة الأولى، يتوقع أن يناقش مجلس محافظي الوكالة الموضوع النووي الإسرائيلي، وسط رفض أميركي للخطوة. وتريد الدول العربية أن يقدم أمانو أفكاراً بشأن كيفية تنفيذ قرار سابق للوكالة يقول إن إسرائيل يجب أن تضع كل مواقعها الذرية تحت التفتيش، ويحثّها على الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي.
في المقابل، رأى المبعوث الأميركي غلين ديفيس، إنه لا يوجد أي «أسس ملائمة لمناقشة الوكالة للبرنامج النوويّ الإسرائيلي». وأكّد أن المناقشة يجب أن تنظر لما بعد صدور قرار أمانو، مشيراً إلى أنه «على عكس البرامج النووية لدول أخرى، تدرس الوكالة حالاتها، فنحن لسنا على علم بانتهاك إسرائيل لأيّ التزامات تعهّدتها أمام الوكالة».
وكشف دبلوماسيون غربيون أنه من السابق لأوانه بالنسبة إلى أمانو أن يقدم تقريره في الاجتماع، وأنه سيفعل ذلك في وقت لاحق هذا العام، ولا سيما أنه لم يتلقَّ بعد جميع وجهات النظر التي طلب من الدول الأعضاء في الوكالة تقديمها بشأن القرار.
وفي السياق، أعرب مندوب إيران الدائم لدى الوكالة، علي أصغر سلطانية، بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية، عن سعادته بإدراج بند مناقشة القدرات النووية الإسرائيلية. وقال «لقد حان الوقت لكي يضغط المجتمع الدولى على إسرائيل لتنضم إلى معاهدة منع الانتشار النووي». وأكد أن إسرائيل تمثّل «مصدر قلق أمني خطير على المنطقة والعالم بأسره». وتطرّق إلى «الجرائم ضد الإنسانية» التي ترتكبها إسرائيل في غزة، مشدّداً على أن «هذا النوع من انتهاك القانون الدولي إلى جانب القدرات النووية أمر خطير جداً بالنسبة إلى الأمن في العالم كله».
كذلك أكد سلطانية أنّ إيران عازمة على استمرار عملية تخصيب اليورانيوم تحت إشراف هيئة الطاقة الذرية، وكذلك ستواصل تعاونها مع الوكالة. وناشد المجتمع الدولي انتهاز فرصة الاتفاق الثلاثي لتبادل الوقود النووي. وأوضح أن إيران تنتظر رداً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وشدّد على أن فرض المزيد من العقوبات على إيران سيؤدي إلى تعقيد الموقف الحالي، ولن يثمر عن نتائج إيجابية.
في هذا الوقت، حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من قيام إيران «ببعض الحيل» خلال الأيام المقبلة في محاولة منها لتشتيت الضغوط الرامية إلى فرض عقوبات، لكنّها توقّعت فشل ذلك. وقالت «يجب ألّا يصاب أحد بالدهشة إذا حاولوا تشتيت الانتباه من جديد عن الوحدة داخل مجلس الأمن... ولكن لدينا الأصوات».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، ارنا، مهر)