بغضّ النظر عن قساوة اللغة وحدّة النبرة اللتين تستخدمهما الأطراف المعنيّة بالملف النووي الإيراني، وبصرف النظر عن الإجراءات التي ستتخذ على مدى الساعات والأيام المقبلة، إلا أنها تبقى كلها ظاهر الصورة التي لا تعكس ما يجري فعلياً على الأرض وخلف الكواليس في عواصم القرار
إيلي شلهوب
كأنها لعبة شطرنج تدور على الساحة الدولية، كل حركة فيها تضمر استهدافات غالباً ما تكون مغايرة لما تظهر عليها، وتفرض على اللاعبين الآخرين الإتيان بحركات لا هدف منها إلا متابعة اللعبة بما يحقق النصر. تطورات يوم أمس تعطي الانطباع، على ما تبيّنه التصريحات المتبادلة، بأن الصراع الأميركي الإيراني قد دخل جولة جديدة من المواجهة، تميّزها إجراءات هي الأشد قساوة التي يتخذها المجتمع الدولي بحق الجمهورية الإسلامية، بل يجري تقديم الأمر كأن الدول العظمى الخمس قد توافقت، للمرة الأولى منذ اندلاع أزمة الملف النووي الإيراني، على معاقبة إيران بما يؤلمها إلى الحد الذي يدفع بها إلى الهرولة طلباً لتسوية. وكأن إيران باتت في عزلة شبه مطلقة تفقدها كل قدرة على التحرك أو المضيّ في طريقها التي حددت له هدفاً واحداً: التمسك بالحقوق وانتزاع اعتراف دولي بها. الأجواء في طهران، التي كانت يوم أمس تدرس بدقة حيثيات القرار والخطوات المقبلة، لا توحي بذلك. في العلن، لا بد أن يكون الخطاب الإيراني مرتفعاً إلى مستوى الخطاب الغربي، إن لم يكن أعلى منه. ولا بد أيضاً من إجراءات عملية تردّ للغرب الصاع صاعين، وتدخله في دوامة جديدة يجهد لتلمّس طريق الخروج منها. لكن هذا لا يعني صراخاً إيرانياً تعبيراً عن ألم، كما لا يعني التشدد الغربي توجهاً نحو التصعيد وطلباً لتنازلات تحت طائلة... الحرب. موازين القوى على حالها، في المنطقة والعالم، والمصالح هي هي، باستثناء بعض من تبادل الحاجات الظرفية هنا أو هناك.
على الأقل هذا ما يعتقد به أهل الحل والعقد في إيران، حيث هناك اقتناع بأن الخطوة الأميركية ليست سوى محاولة لحفظ ماء وجه الإدارة الأميركية التي تظهر منذ أشهر، وتحديداً منذ اتفاق فيينا، في موقع العاجز في وجه تصلّب إيراني يحقق يوماً بعد يوم المزيد من المكاسب الدبلوماسية. تصعيد في الخطاب يستهدف إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات المتعددة، بل المباشرة مع واشنطن التي لا بد أنها دفعت ثمنه غالياً لكل من موسكو وبكين. وهي عواصم تبدو مقتنعة في العلن بأنه تصعيد سيضغط على السلطة في طهران من دون أن يؤثر على الشعب الإيراني.
البند الوحيد المثير للإشكالية هو المتعلق بتفتيش البواخر، ليس واضحاً ما الذي يريدونه منه
العقوبات الجديدة، التي يتوقع أن تلحقها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعقوبات أحادية، تبدو في المرآة الإيرانيّة حبراً على ورق. هناك في طهران من يتحدث عن تعهد تركي برازيلي بعدم تطبيق العقوبات، بل العمل على إجهاضها، وعن اتفاقات مع الصين تحت الطاولة، وعن رهانات روسية ستُفاجأ موسكو كم هي خاسرة. عن وهمية أسماء الشركات التي ستتغير في لحظات. وعن اكتفاء ذاتي عسكري لدى الحرس الثوري لا بد أن تساعد هذه العقوبات على تعزيزه كما فعلت رزم العقوبات الثلاث السابقة. لا يعني ذلك مطلقاً أنها ستكون بلا أي تأثير. بل إن تأثيرها سيكون بالقدر الذي يمكن التكيّف معه وتجاوزه، من دون التنازل عن أي من المكتسبات النووية.
حتى الرهانات على تأثيرات داخلية إيرانية من النوع الذي يعزز المعارضة على حساب النظام تبدو ساقطة، بغض النظر عن موازين القوى المحلية وعن حال المعارضة. فقط لمجرد كون البرنامج النووي قضية قومية إيرانية تختزن كبرياء هذا الشعب ورؤيته لنفسه ولمصالحه الاستراتيجية، ولحقيقة أن ما يجري هو رفض غربي لعرض يراه الإيرانيون عادلاً تقدم به الرئيس محمود أحمدي نجاد من أجل تبادل اليورانيوم المنخفض التخصيب بوقود نووي. بمعنى أن النظام يمدّ يده التي يرفضها الخارج، لا العكس.

فلنمض حتى النهاية

مصادر النظام في إيران تتجنّب التعليق المباشر على القرار الدولي الجديد 1929، وهو الرابع من نوعه منذ عام 2006. تقول إن ما حصل يوم أمس خطوتان متناقضتان (عقوبات في مجلس الأمن ورغبة في التعاون في وكالة الطاقة) بحاجة إلى درس متأنّ في أكثر من جهاز رسمي، يتقدمها مجلس الأمن القومي، وهذا «قد يستغرق يومين أو ثلاثة». وتضيف إن «أي ردة فعل آلية ستكون غير منطقية وغير مفيدة»، مشيرة إلى أن «الجميع بانتظار عودة الرئيس نجاد من تركيا».
وتشير المصادر نفسها إلى أن «قراءة أولية للقرار تظهر أنه يحتمل تفسيراً مزدوجاً. والدليل هو الحديث الأميركي عن عقوبات هي الأشد من نوعها وتأكيد روسي صيني أن لا شيء جديداً فيها». وتضيف أن «البند الوحيد المثير للإشكالية على ما يبدو هو ذاك المتعلق بتفتيش البواخر. بند ليس واضحاً ومن غير المفهوم ما الذي يريدونه لضمان عدم تحرر إيران من العقوبات. أما موضوع المصارف والشركات والأسلحة، فهذا كله قديم لا جديد فيه».
ومع ذلك، تؤكد المصادر أنها «لا تتوقع رد فعل إيرانياً عنيفاً، على غرار ما دعا إليه بعض المتشدّدين في مجلس الشورى، من مثل وقف التعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو حتى الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، لأنه بات واضحاً للجميع أن هدف العقوبات بالنسبة إلى الغرب ليس سوى طاولة التفاوض، يضاف إلى ذلك الموقفان المشرّفان لتركيا والبرازيل وتعهّدهما بمواصلة جهودهما في هذا الإطار».
وعن تداعيات محتملة للقرار على العلاقات مع روسيا، تؤكد المصادر أن «العلاقة مع روسيا لن يتغير فيها شيء. هذا ما يريده الأميركيون ولن يحصلوا عليه. ربما تصدر مواقف تعبر عن انزعاج من نوع ما من موقف بعض الحلفاء».
وتضيف المصادر نفسها، رداً على سؤال عن تداعيات محتملة للقرار على تظاهرات المعارضة الإيرانية يوم السبت المقبل، إن «الأجواء الحالية تشير إلى أن قادة المعارضة يتجهون إلى إلغاء كل فعالياتهم كي لا يظهروا في مظهر الذين يتناغمون مع الغرب». وتوضح أن «الأميركيين اختاروا الإقدام على هذه الخطوة في وقت سيّئ للغاية بالنسبة إليهم. الأسبوع الماضي كانوا يبذلون ما في وسعهم لمنع صدور إدانة عن مجلس الأمن بحق إسرائيل على المجزرة بحق أسطول الحرية. واليوم (الأربعاء)، وفي المجلس نفسه، يصدرون قراراً يقولون إنه يتضمن أشد العقوبات على إيران. الناس هنا مستاؤون جداً. أنت تعرف، التعصّب القومي مؤذ. يقولون هنا إنه ما دامت الحال على هذا النحو، فلنمض بالأمر نحو النهاية، ولنرَ ماذا سيحصل».

اتفاقات فوق الطاولة وتحتها

وفي السياق نفسه، تقول مصادر وثيقة الاطّلاع من العالمين بشؤون النظام وشجونه «ما الجديد في العقوبات؟ الشركات المذكورة كلها أسماء وهميّة تتغيّر بين ليلة وضحاها. والحرس ومؤسساته لا عمل لهما في الخارج، فضلاً عن أن الحرس مكتف ذاتياً، بل يصدّر الأسلحة إلى 17 دولة في العالم». وتضيف «الأهم من كل ذلك أن تركيا والبرازيل تمثّلان بديلاً مهماً لإيران التي تستطيع من خلالهما أن تقوم بكل ما تريد أن تفعله في الخارج، فضلاً عن أن الكثير من الشركات الصينية والروسية لن تطبّق هذه العقوبات».
وتكشف هذه المصادر عن أن «أنقرة تعهدت لطهران بألا تطبّق أياً من العقوبات الدولية، بل أكدت لها أنها ستعمل على كسر هذا الحصار، كما تفعل في الحصار على غزة، باعتبارهما حصارين غير قانونيين وغير إنسانيين. كذلك الأمر بالنسبة إلى البرازيل التي وقّعت مع إيران خلال الفترة الماضية عشر اتفاقيات تطال التعاون الثنائي في مختلف أوجه الحياة الاقتصادية، بدءاً من النقل وصولاً إلى النانوتكنولوجي».
وتضيف هذه المصادر إن «غاية أميركا من هذه العقوبات ليست سوى حفظ ماء وجه إدارة باراك أوباما والقول للمجتمع الدولي إن إيران ستأتي الآن إلى المفاوضات صاغرة. لكن هذا لن يحصل أبداً، وستثبت الأيام المقبلة ذلك».
العلاقة مع روسيا لن يتغيّر فيها شيء. هذا ما يريده الأميركيون ولن يحصلوا عليه
أما بخصوص الموقفين الروسي والصيني المؤيّدين لهذه العقوبات، فتقول المصادر نفسها إن «نجاد سيزور الصين غداً الجمعة، وهناك ستُجرى المفاوضات والتفاهمات، كالعادة، بعضها فوق الطاولة وبعضها الآخر تحت الطاولة. أما روسيا، فسيلقّنها الإيرانيون درساً في ما حصل. ستفاجأ، هي التي تراهن على حاجة الإيرانيين إليها في العديد من القضايا، أن هؤلاء قد استغنوا عنها. كذلك سيكتشف الأميركيون أنها (موسكو) تبيعهم بضاعة في الهواء، في مقابل الحصول على مكاسب ملموسة في أماكن أخرى من العالم. الأكيد أن روسيا عاجزة عن التخلّي عن إيران، لما تحققه هذه الأخيرة من مكاسب استراتيجية لها، في مقدّمتها ممر للوصول إلى المياه الدافئة. هي لم تتخلّ عن جورجيا ولا عن أوكرانيا، فكيف عن إيران؟ سيضطر الروس إلى العودة والتفاوض تحت الطاولة وفوق الطاولة. الخلافات معهم ليست جديّة. هناك اتفاقات عسكرية وتجارية طويلة الأمد لا يمكن موسكو التخلي عنها. لقد مرروا العقوبات نتيجةً للإصرار الأميركي، ولأنهم يريدون أن يقبضوا الثمن في أماكن أخرى»، مشيرة إلى أن «هذه الموجة ستستمر إلى حين استكمال الانسحاب الأميركي من العراق وأفغانستان تحت غبار المعركة الإعلامية هذه مع إيران».

توتّر أمني وشيك في الخليج!

وفي هذا الإطار، تلفت مصادر متابعة إلى أن «المفاوضات متوقفة عملياً الآن» بين إيران والغرب، مشيرة إلى أن «الفصل لا يزال قائماً بين العقوبات واتفاق 17 أيار الثلاثي. العقوبات مرّت كما بات معروفاً، لكن الدول الكبرى لا بد أن تقبل لاحقاً بالاتفاق الثلاثي بعد مناقشة طويلة وسجالات بشأنه وطلب تعديلات فيه. صحيح أن نجاد هدد في حديثه في تركيا بسحب العرض، وقال إنه لن يتكرر، لكن النقاش حوله سيعود بطريقة ما وبعد فترة مع تغييرات من الطرفين». وتتابع «هذا طبعاً لا ينهي الأزمة النووية مع الغرب، وسيبقى سيف العقوبات مصلتاً على الإيرانيين».
وتوقعت هذه المصادر «عملاً أمنياً أو عسكرياً إيرانياً في الخليج أو في مكان ما للتغطية على قرار العقوبات أمام الرأي العام الإيراني الداخلي. نوع من عرض العضلات على غرار حادثة اعتقال البحارة البريطانيين أو تفتيش سفن أميركية أو تحليق الطائرات الإيرانية فوق بوارج أميركية للقول للرأي العام إننا في مواجهة وحالة حرب. والبعض هنا (في طهران) يرى أن شريط الفيديو لـ(العالم النووي الإيراني الذي فُقد في السعودية) شهرام أميري، هو عمل استخباري إيراني لصرف الأنظار، قبل ساعات من العقوبات».
وفي تفسيرها للموقف الروسي والصيني، تقول هذه المصادر إنه «ليس جديداً، فقرارات العقوبات الثلاثة الماضية وافقتا عليها ولم يعكّر ذلك صفو علاقتهما مع طهران. نعم، ضغطت إيران عليهما لرفض القرار، لكنها لم تنجح. هي تضغط أكثر على روسيا، على ما تبيّنه تصريحات الرئيس نجاد، لأنها لم تقاوم الضغوط الغربية بالشدة نفسها التي قاومتها الصين، فضلاً عن أنه كان لحكام موسكو خلال الفترة الأخيرة العديد من المواقف التي أزعجت الإيرانيين».
وتلفت هذه المصادر إلى التظاهرات التي تعتزم المعارضة تنظيمها السبت، وهي «بالطبع غير مرخّصة، ويُرجّح أن تبقى سلمية، ما لم يرفع منظّموها سقف الخطاب والشعارات كما في السابق». يعزز هذه الفرضية، بحسب المصادر، أن الرئيس السابق محمد خاتمي بعيد عنها، لأنه «يطلب مصالحة مع النظام»، كذلك الأمر بالنسبة إلى الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي «نحّى نفسه جانباً، أو بالأحرى نُحّي جانباً بعد التسوية التي أبرمها مع المرشد علي خامنئي».
وتوضح المصادر أن المعارضة لن تتمكن من توظيف تداعيات قرار العقوبات لسبب بسيط هو أن تأثيرها على الاقتصاد سيكون تدريجياً وبعد فترة طويلة، وقد لا يشعر به المواطن كثيراً لأنه يمسّ مؤسسات الحرس والحكومة ومصارفها. لكن في الوقت نفسه، فإن هذه العقوبات لا شك في أنها ستساعد في تخفيف الخناق على المعارضة كي تستطيع التحرك والتهيئة للانتخابات».


ولادة القرار 1929 يظلّلها التزام بالحوار... وبالجهود الدبلوماسيّة

نيويورك ـ نزار عبود
بعد محادثات تخطّت خمسة أشهر، أقرّ مجلس الأمن الدولي أمس فرض رزمة رابعة من العقوبات على إيران التي وصفتها بأنها «تستحق أن تُلقى في سلة المهملات»، وذلك بالتزامن مع تسليم دول مجموعة فيينا الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسائل لخصت فيها قلقها من «اتفاق 17 أيار» لتبادل اليورانيوم، وأكدت رغبة القوى الغربية في مواصلة الحوار بعد الاعتراف بحق الجمهورية الإسلامية في امتلاك الطاقة النووية السلمية.
وفي ما بدا أنه رد تركي برازيلي على الرفض غير المباشر للولايات المتحدة وروسيا وفرنسا لاتفاق طهران، فاجأ البلدان أمس الجميع في مجلس الأمن الدولي بالتصويت ضد قرار العقوبات «1929» الذي جرى تبنيه بموافقة 12 دولة، وامتناع لبنان.
والتبدل في الموقف جاء بعد تأخير الجلسة لمدة ساعة وربع ساعة لإفساح المجال أمام اجتماع مغلق لممثلي لبنان وتركيا والبرازيل لتنسيق المواقف، في وقت حاولت فيه الصين حتى اللحظة الأخيرة، من دون أن تنجح، تغيير لائحة العقوبات، وجعل القائمة تقتصر على المؤسسات.
واستبقت مندوبة البرازيل، ماريا لويزا، التصويت بإعلان بلادها رفض العقوبات، بعد انتقادها بشدة مشروع القرار. وقالت: «سنصوت ضد القرار لأننا لا نرى العقوبات وسيلة فاعلة، وستؤدي إلى معاناة شعب إيران وستخدم أولئك الذين لا يريدون للحوار أن يسود». وبعد انتقادها عدم إعطاء اتفاق تبادل اليورانيوم الفرصة الكافية، أكدت أن «مجلس الأمن سار في المسار الخطأ».
بدوره، أكد المندوب التركي، أرتغرول باباكا، أن بلاده لا ترى بديلاً للتفاوض. ودعا إلى تطبيق إيران لإعلان طهران بإجراء التبادل رغم القرار، فيما أوضح مصدر مقرب من مكتب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أن تركيا صوتت ضد العقوبات لأنها تريد مواصلة الجهود الدبلوماسية.
من جهته، دعا المندوب اللبناني، نواف سلام، إلى عدم جعل مسألة منع انتشار الأسلحة النووية انتقائية، مؤكداً حق إيران وغيرها في امتلاك برنامج نووي مدني، ومطالباً بإعادة إطلاق الجهود الدبلوماسية.
في المقابل، أجمعت القوى الغربية التي أيدت العقوبات على حق إيران بالطاقة النووية السلمية وحرصت على الإشادة بالجهود «حسنة النية» لتركيا والبرازيل.
وبعدما اتهمت المندوبة الأميركية، سوزان رايس، «حكومة إيران بأنها اختارت أن تنتهك التزاماتها»، لفتت إلى أن إيران لن تمنع من ممارسة حقها في معاهدة حظر الانتشار أو في ممارسة التجارة الشفافة. وأكدت «التزام بلادها خيار الدبلوماسية مع إيران».
موقف أعاد تأكيده الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بقوله إن «الحوار الدبلوماسي مع إيران لا يزال ممكناً»، في موازاة إبدائه «احترام حقوق إيران» التي «تأتي معها مسؤوليات». كذلك اتهم أوباما قادة إيران «بأنهم يختبئون وراء شعارات وهمية»، وبأن «مسلك البلاد يثير مشاكل عميقة».
من جهته، تلا المندوب البريطاني، مارك لايل غرانت، بياناً لوزراء خارجية مجموعة «5 +1» أكد فيه أن عرض حزيران 2008 لا يزال مطروحاً، متوقعاً أن تظهر إيران موقفاً دبلوماسياً مرناً، فيما رأى ممثل فرنسا، جيرار أورو، أن جهود التفاوض باءت بالفشل.
أما روسيا، فأوضحت على لسان فيتالي تشوركين أن القرار يجب أن تراه إيران بأنه إشارة أخرى لتلبية واجباتهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في وقت أجمعت فيه وزارة الخارجية الروسية ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين، الذي تشكك في فعالية العقوبات، على اعتبار أن «قرار مجلس الأمن يستبعد إمكان استخدام القوة تجاه إيران».
وحذرت وزارة الخارجية من أنها «ستواجه بإجراءات انتقاميّة» أي محاولة من الشركاء «اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد إيران أكثر من تلك المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي» يمكنها أن تؤثر على مصالح الأفراد أو الشركات الروسية.
في هذه الأثناء، كررت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون على لسان المتحدث باسمها عرضها لقاء مسؤولين إيرانيين لإيجاد حل لبرنامج طهران النووي، فيما دعت إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية ودبلوماسية أوسع نطاقاً بحق إيران.
وفي أول رد فعل إيراني على فرض العقوبات، رأى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أنها «لا تساوي قرشاً واحداً في نظر الأمة الإيرانية» و«تستحق أن تلقى في سلة المهملات». وأكد أن هذه العقوبات الجديدة «لن تستطيع الوصول إلى الإيرانيين»، في وقتٍ رأى فيه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهمنبارست، أن القرار هو خطوة «في غير محلها تزيد الوضع تعقيداً».
وأكد مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، من فيينا أن «لا شيء سيتغير» وأن بلاده «ستواصل أنشطة تخصيب اليورانيوم». وأعلن النائب الإيراني علاء الدين بروجردي، أن مراجعة «مستوى التعاون مع وكالة الدولية أمر ملحّ للغاية».
وفي وقتٍ كانت فيه الدول الأعضاء في مجلس الأمن تنهي مشاوراتها للتصويت على القرار، سلمت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة ردها على اتفاق طهران، في ثلاث رسائل منفصلة إلى المدير العام للوکالة الدولية للطاقة الذرية يوکيا آمانو.
والرسائل التي حملت عنوان «قلق بشأن الإعلان المشترك المقدم من إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية» احتوت على «تسعة تساؤلات مشتركة»، وصفتها بأنها تثير القلق في الإعلان الإيراني، البرازيلي والتركي المشترك، ولا سيما لجهة الخطط المقترحة لتسليم إيران اليورانيوم العالي التخصيب.
وتناولت النقاط عدم إشارة الإعلان إلى ضرورة أن يكون وقف تخصيب اليورانيوم «جزءاً لا يتجزأ من أي ترتيب لتزويد مفاعل طهران للأبحاث بالوقود». وأبدت الدول تحفظها لعدم وجود «جدول زمني محدد لاستكمال الاتفاق»، ورأت أن «الجدول الزمني لتسليم كامل قضبان الوقود لإيران غير واقعي، ومن المستحيل الوفاء به».
وتحفظت الرسائل على تأكيد الإعلان المشترك على «حق إيران بالمشاركة في أنشطة تخصيب اليورانيوم»، وعدم إشارته إلى «أن إيران على استعداد للقاء مجموعة (5 + 1) لمعالجة مخاوف المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي» (أنقر هنا لتفاصيل هذه الملاحظات).
وسارع رئيس مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أکبر صالحي، إلى الرد على الرسائل الثلاث بالقول إن الخطوة التي اتخذتها مجموعة فيينا في تناقض کامل مع إجراء مجلس الأمن. ورأى أن الأسئلة المطروحة من المجموعة «مختلطة وتحتوي على أسئلة فنية وقانونية وسياسية»، وأن هدف مجموعة فيينا هو للتمسك بالذرائع، موضحاً أن موضوع تبادل الوقود تحول إلى لعبة سياسية.