بول الأشقرخاص بالموقع - ماذا يحدث في هوندوراس؟ دسائس في البلاط أو علاج الداء بالدواء نفسه أو مجرد صراع سياسي؟ هذه بعض الأسئلة والتحاليل التي راجت في الأيام الأخيرة في هوندوراس بعدما صرح الرئيس بورفيريو لوبو نهار الثلاثاء الماضي بأنّ «هناك أناساً يتآمرون» عليه. وفيما استخفت أوساط المقاومة بتصاريح الرئيس من دون أن تولي لها أي اهتمام، طالب الادعاء العام من الرئيس أن «يقدم إثباتات قبل أن يتكلم لأنّه يشوه صورة البلد». وذكّرته بأنّ المعارضة الليبرالية اتهمته قبل أيام بأنّه يتآمر على رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهو أحد رموز التيار المتشدد الذي هندس الانقلاب على مانويل زيلايا قبل سنة تقريباً، وأحد أكثر المعارضين لعودة هذا الأخير.
وكان الرئيس قد صرح: «يريدون لجم رئيس الجمهورية... لكنّي حددتهم جميعاً، أعرف من هم، لدي كامل المعلومات...». وفيما قال رئيس الحزب الوطني الذي ينتمي إليه لوبو إنّ «الرئيس كان يمزح»، أتى الرد قاسياً بصوت الناطق الرسمي باسم الادعاء العام: «القول بأنّه يعرف من هم دون إعطاء أسمائهم تصرف مضر جداً للحياة الوطنية. إن كان لديه إثباتات فليضعها بأيدينا لنحقق». قبل أن يتهكم ببسمة عريضة على وجهه: «إنّه لأمر عجيب أن يغادر (ينوي لوبو التوجه إلى أفريقيا الجنوبية حيث سيمضي تسعة أيام لمواكبة مباريات الفريق الهندوري في المونديال) إذا كان خطر بهذا الحجم يهددنا جميعاً». ولم يأت أيّ رد رسمي من القصر الجمهوري الذي ضاعف في المقابل التدابير الأمنية، إلا أنّ لوبو تحاشى ملاقاة صحافيين طوال يوم الأربعاء قبل أن يعقد «اجتماع طارئ» كما أوضح معاونوه مع سفير الولايات المتحدة. وقد أسعف زعيم الأكثرية رئيسه قائلاً: «إلى هذه القطاعات التي تحدث عنها الرئيس، بدوري أقول لهم: عليكم أن تفهموا أنّ الأزمنة القديمة قد ولّت وأنّ البلد يجب أن يتغيّر».
أول من أمس الخميس، عاد لوبو إلى الموضوع نفسه قائلاً: «لا، لم أكن أمزح ولن أتراجع عما قلته... وكان على الادعاء العام أن يحقق حتى قبل أن أتكلم... ومن يشوه صورة البلد هم المتشددون لأنّنا جميعاً على الصعيد الداخلي والدولي قررنا أن نعتمد طريق المصالحة، وكلّ من يلجأ إلى الراديكالية لا يخدم مصالح هوندوراس، من أية جهة أتى، يساراً أو يميناً». قبل أن يضيف: «في اللحظة المناسبة، سأعطي هذه الأسماء». وحسب جريدة «إلهيرالدو»، أسرّ الرئيس إلى بعض الصحافيين بأنّ المعنيين باتهاماته هم ثلاثة من زعماء الحزب الوطني.
ويدلّ الجدال الدائر في هوندوراس الذي انتقل إلى الصحف بعدما قالت أعمدة الافتتاحيّات إنّ لوبو الذي هو بأمسّ الحاجة إلى الاعتراف الدولي، لم يستطع في الفترة الأخيرة المشاركة في القمة الأوروبية مع دول أميركا اللاتينية ولا وضع عودة هوندوراس على جدول أعمال الاجتماع العام لمنظمة الدول الأميركية. ويبدو أنّه مستعد للقيام بعدد من التنازلات، من بينها على الأرجح، إقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى لتسهيل عودة زيلايا إلى الحياة السياسية، وهو أحد الشروط التي طالبت بها دول أميركا الجنوبية للتطبيع، فيما تخشى الأوساط المتشددة أن تكون الخطوة فاتحة محاسبتهم على تورطهم بالانقلاب.