رفسنجاني يُعدّ لتقاعده: تعبت وأريد أن أرتاح إيلي شلهوب
تشهد الساحة الداخلية الإيرانية حالياً جولة جديدة حامية الوطيس في المواجهة المحتدمة بين الرئيس محمود أحمدي نجاد والرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي فاجأ الجميع قبل يومين بكشفه عن رغبته في الاستقالة من جميع مناصبه، مشيراً إلى أن الحائل الوحيد دون ذلك هو خشيته من أن تفسر خطوته هذه حرداً أو خلافاً مع النظام.
وقال رفسنجاني، الذي يرأس مجمع تشخيص مصلحة النظام ومجلس خبراء القيادة، «كنت أرغب في الاستقالة من جميع المناصب السياسية»، وذلك منذ أن خسر انتخابات الرئاسة في عام 2005، «لكنني خشيت أن يكون لتلك الخطوة تداعيات سيئة وأن تفسر على أنها حرد وخصومة مع النظام».
وأوضح رفسنجاني، في مقابلة مع مجلة «إدارة الاتصالات» الشهرية، أن رغبته في الاستقالة سببها تقدمه في العمر، مشيراً إلى أنه «تعب ويريد الاستراحة والسفر» الى عدد من دول العالم للاستجمام والسياحة. واستطرد رفسنجاني في شرحه لهذه الفكرة، قائلاً إن في العالم أماكن جميلة جداً، تاريخية ودينية وسياحية، يرغب في زيارتها ولم يتسنّ له ذلك أثناء توليه السلطة.
وتقول مصادر وثيقة الصلة بدوائر رفسنجاني، الذي اعتاد نشر «كلامه الثقيل» في المجلات المتخصصة بعيداً عن المطبوعات السياسية، إن ما أراده الرئيس الأسبق من هذا التصريح، بعد عام من الصمت، هو «تمهيد الأرضية لتقاعده، هو الذي يشعر بأن البساط يُسحب من تحت قدميه وأن عملية قص أجنحته تجري على قدم وساق، وذلك في حال نجاح استراتيجية مجموعة نجاد الرامية إلى إحراجه من أجل إخراجه. وفي الوقت نفسه، هو يريد استدرار عطف الشريحة العائمة (لا مع النظام ولا مع المعارضة) عبر محاولة الظهور بمظهر المظلوم المسكين الذي لا ناقة له ولا جمل».
وتضيف المصادر نفسها إنه «كان واضحاً من كلام رفسنجاني أنه أراد أن يقول إن رأي خصومه انتصر وساد، بغض النظر عن رأيه في هذا الانتصار، وإنه يسلّم به وبتداعياته. كما أراد أن يؤكد أن معركته كانت ضد نجاد. همّه الأساس أن يؤكد أنه كان يريد أن يبني دولة بطريقة مختلفة عن هذا الأخير، وإن حصل أيّ خلاف مع (المرشد علي) خامنئي فهو ليس في العمق، ليس حول مبادئ الثورة والنظام بل حول إدارة الحكومة والأجهزة، وأنه عندما كان يريد أن يصلح فإنما حفاظاً على خامنئي والنظام. هذه الحكومة برأيه تعرض إيران للخطر».
وتوضح المصادر، في تفسيرها لهذا العرض الطويل لسبب رغبته في التقاعد والسفر، أنها تعود إلى «خيبات الأمل المتكررة. خمس سنوات لم يعد في خلالها صاحب الكلمة الأساسية في مطبخ صناعة القرار»، مشيرة إلى معادلة ما قبل 2005 التي كانت تقول «حيث يجلس رفسنجاني تكون السلطة، ما عادت صالحة». وتضيف «هو يريد الهروب في الوقت الذي يعرف فيه أن هناك خريطة طريق لدى الحكم الحالي لانتزاع ما بقي لديه من مسؤوليات؛ إحراجه من أجل إخراجه. الضغط عليه إلى درجة يصبح فيها عبئاً على خامنئي. إحراجه في مواقف ومنعطفات من أجل أن يخطئ أو يسكت، وبالتالي لا يكون على قدر المسؤولية ما يدفع بالمرشد إلى إخراجه. وهو عندما يتحدث بمثل هذا الكلام عن رغبته في التقاعد، يكون يستعد ويعدّ الأرضية لمرحلة كهذه».
آخر حلقات مسلسل «الإحراج بهدف الإخراج» هذا ما يجري حالياً في الجمهورية الإسلامية. المجلس الأعلى للثورة الثقافية، الذي انشئ مع بداية الثورة بهدف «إصلاح» مناهج التدريس الجامعي (أي أسلمتها)، اتخذ قراراً قبل فترة بتغيير نظام «الجامعة الحرة»، وهي مؤسسة جامعية خاصة، الأكبر من نوعها في إيران حيث تملك فروعاً في جميع المحافظات، وفي الخارج. تعديل هو أشبه بـ«تأميم» لهذه الجامعة التي يرأس رفسنجاني هيئة أمنائها، ويتولى إدارة مكتبه فيها، ابنه مهدي رفسنجاني المتهم بأنه أدار منها حملة المعارضة للانتخابات الرئاسية العام الماضي.
وكانت مجموعة نجاد قد شنّت، على مدى الأشهر الماضية، حملة شعواء على هذه الجامعة، من تجلياتها تصريحات لأحد عتاة هذه المجموعة، غلام حسين الهام، بأن «هذه الجامعة هي مقر الفتنة. كانت السند الداعم المالي الأساسي لها، وهي الآن تقف ضد الولاية وتعمل لعرقلة أعمال المرشد». غير أن مجموعة رفسنجاني نجحت أول من أمس في إقناع 134 نائباً من مجلس الشورى في التصديق على مشروع القانون لوقف (جعلها وقفاً) أموال الجامعة بما يحول دون التصرف بها، من أي جهة كانت. ومعروف أن هذا كان مشروع رفسنجاني منذ مدة بهدف الحؤول دون سيطرة الحكومة على الجامعة. خطوة كهذه شكلت انتكاسة لنجاد لأنها أدت عملياً إلى إبطال قرار المجلس الأعلى للثورة الثقافية. رهان رفسنجاني كان، على ما يبدو، على نقل الخلاف إلى مجلس صيانة الدستور الذي لا بد أن يرفض قرار مجلس الشورى باعتبار أنه مسيطر عليه من قبل المحافظين المتشددين، فتنتقل القضية إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يرأسه رفسنجاني فيحسم الأمر لمصلحته.
غير أن مجموعة نجاد سارعت أمس إلى الرد بـ142 تظاهرة طلابية في كل أنحاء إيران، بينها واحدة أمام مجلس الشورى حيث انضم ما لا يقل عن 20 نائباً، استقالوا من بعض مسؤولياتهم داخل البرلمان، إلى المتظاهرين، على ما تفيد المعلومات الواردة من طهران. ترافق ذلك مع حملة شعواء على مجلس الشورى مستندة إلى سنّة جرى تكريسها من أيام الإمام الخميني تفيد بعدم الجواز لأي مؤسسة تابعة للسلطة أن تقف في وجه أي قرار يصدر عن المجلس الأعلى للثورة الثقافية، بحسب مصادر واسعة الاطلاع. النتيجة: 100 نائب بعثوا أمس برسالة يطلبون فيها، بصيغة المعجل، سحب مشروع القرار هذا، وذلك إلى رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني الذي اعترف بأنه «أخطأ» وبـ«أننا وقعنا في الفخ»، بعد الحملة التي اتهمته بأنه يحابي رفسنجاني وبأنه يلعب على الحبلين. وتقول المصادر المطلعة إن سحب المشروع هذا جاء بموافقة ضمنية من المرشد «ولو لم يفصح عن ذلك»، لأسباب متعددة، بينها الحفاظ على هيبة مجلس الثورة الثقافية.

طهران تحذر «وكالة الطاقة» وتردّ على مجموعة فـييناالعقوبات الأميركية الأحادية على إيران باتت الشغل الشاغل للمشرّعين في الكونغرس، الذين ما إن ينتهوا من بتّ رزمة حتى يبدأوا بأخرى، قد تكون الأخيرة منها الخطوة الأقسى، فيما لا تزال موسكو تصرّ على أخذ مصالح شركاتها في الاعتبار

وجّهت إيران، أمس، «تحذيراً» إلى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا آمانو، عبر طلب استبدال اثنين من مفتشي الوكالة، لكنها أبدت استعدادها للتفاوض بشأن الملف النووي.
وقال وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، إن طلب بلاده من وكالة الطاقة استبدال اثنين من مفتشيها العاملين في إيران بسبب انحيازهما، «هو تحذير لأمانو كي يحرص على ألّا ينتهك مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية قواعد عمل هذه الهيئة الدولية».
وأضاف متكي أن «هذين الشخصين لم يعد يحق لهما المجيء إلى إيران لأنهما نقلا معلومات مغلوطة وخاطئة، وكشفا قبل الموعد المحدد معلومات رسمية» عن البرنامج النووي الإيراني.
وتابع متكي أنه «وفق قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن المعلومات التي يُحصل عليها خلال عمليات التفتيش سريّة وينبغي عدم نشرها»، داعياً أمانو إلى «إدارة الوكالة باحتراف».
من جهة ثانية، أكد متكي، ضمناً، أن إيران مستعدة لاستئناف المفاوضات بشأن الملف النووي مع الدول الكبرى، حسبما نقلت عنه «وكالة أسنا» الطالبية الإيرانية للأنباء، في حديث تلفزيوني.
ورحّب متكي باقتراح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، السبت، الذي أبدى فيه استعداد فرنسا لبدء مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي في إطار وكالة الطاقة «في أسرع ما يمكن»، قائلاً «نعتقد أن ثمة إشارات جدية على أن فرنسا ترغب في القيام بتحرك مستقل».
وأضاف متكي «نعدّ هذه المقاربة إيجابية، وإذا توافرت إشارات أكثر جدية عن هذه الإرادة، تستطيع أوروبا الدخول في مرحلة جديدة للاضطلاع بدور أكثر أهمية» لتسوية الأزمة النووية الإيرانية.
وأوضح متكي أن إيران «أعدّت رداً» على الرسائل التي بعث بها أعضاء مجموعة فيينا (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا) بشأن الاقتراح الإيراني، لافتاً إلى أن هذا الرد سيُرسل «قريبا». وأضاف أن طهران «ستردّ أيضاً على رسالة» وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين اشتون، التي كانت قد عرضت، في منتصف حزيران، أن تلتقي المفاوض الإيراني سعيد جليلي لتبحث معه الملف النووي.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، إن تركيا والبرازيل ستواصلان السعي لتنفيذ الاتفاق مع إيران، الذي يقضي بمبادلة قدر من مخزونها من اليورانيوم المخصّب بكمية من اليورانيوم الأعلى تخصيباً، وذلك رغم العقوبات الدولية الجديدة على طهران.
في هذا الوقت، أعلن أعضاء في الكونغرس الأميركي أنهم توصّلوا إلى اتفاق على مشروع قانون يعاقب الشركات التي تتعامل مع قطاعي المال والطاقة في إيران.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن القانون الجديد سيمنع الشركات التي تزوّد إيران بالوقود المكرر أو التي تنقل النفط الخام من البلاد إلى مكان يمكن أن يُكرّر فيه، من العمل في الأسواق الأميركية. كذلك يمنع القانون أي مصرف دولي يتعامل مع إيران من التعامل مع النظام المصرفي الأميركي، وقد يكون لهذا البند أثر كبير على المصارف التي تتعامل مع الدولتين.
ووصفت الصحيفة مشروع القانون الجديد بالخطوة الأقسى التي يتخذها الكونغرس لعزل الجمهورية الإسلامية.
وسيسمح القانون للرئيس باراك أوباما بإلغاء العقوبات على إحدى الشركات المتعاملة مع إيران، غير أنه يتعيّن على الإدارة أن تعلن أن الشركة مذنبة بانتهاك القانون.
في غضون ذلك، قال مساعد الرئيس الروسي، سيرغي بريخودكو، إن روسيا تريد ضمانات من الولايات المتحدة بأن العقوبات الأميركية الأحادية الجانب على إيران لن تؤثر على الشركات الروسية.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن بريخودكو، قبيل مغادرة الرئيس ديمتري مدفيديف إلى واشنطن، أن روسيا تأثرت بالعقوبات التي فرضها قرار أممي سابق اتخذ ضد إيران.
وفي السياق، أكد نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في الإمارات العربية، مرتضى معصوم زاده، أن السلطات الإماراتية تنفّذ بصرامة العقوبات الدولية على إيران، وتبدي تشدّداً متزايداً مع الشركات الإيرانية التي تتهم أحياناً بمساعدة طهران على تجاوز العقوبات.
لكنه أبلغ وكالة «فرانس برس» أن هناك 8000 شركة إيرانية في الإمارات، بينها ألف شركة فقط تحت لواء مجلس الأعمال، وليس هناك أي شركة من شركات المجلس أغلقت.
وفي إسلام آباد، قال رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، إن باكستان ستسير قدماً في خطتها لاستيراد الغاز من إيران رغم العقوبات الأميركية الأحادية على هذا البلد.
ونقلت وسائل إعلام باكستانية عن جيلاني قوله، خلال لقاء مع نواب، «في ما يتعلق بالولايات المتحدة، نحن غير ملزمين بالالتزام بهذه العقوبات، ولكن لو أنّ الأمم المتحدة هي التي فرضتها لكنّا نظرنا في ذلك احتراماً للقانون الدولي».
إلى ذلك، يجري نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، في طهران اليوم، محادثات مع المسؤولين الإيرانيين، تتناول العلاقات الثنائية وتطويرها والقضايا الإقليمية والدولية، حسبما ذكرت وكالة «إرنا» الإيرانية» للأنباء.
وذكرت «إرنا»، أن الشرع سيجري لقاءات مع الرئيس محمود أحمدي نجاد ورئيس البرلمان علي لاريجاني وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي ووزير الخارجية منوشهر متكي.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، إرنا)