تسعى الولايات المتحدة إلى طمأنة حليفتها تركيا، بمختلف الطرق، إلى أنها لا تستغل هجمات «العمال الكردستاني» للضغط على حكومة أنقرة. آخر رسائل الطمأنة قرار المحكمة الأميركية العليا الذي يمنع أيّ نوع من المساعدات لـ«الكردستاني»
أرنست خوري
تجهد الإدارة الأميركية لنفي تهمة كبيرة عن نفسها، مفادها أنّها تغضّ النظر عن الهجمات الأخيرة لحزب «العمال الكردستاني» في محاولة منها لتكثيف الضغوط الداخلية على حكومة رجب طيب أردوغان بهدف ثنيه عن مواصلة سياساته الاقليمية تجاه القضايا الساخنة في الشرق الأوسط.
وأمام تزايد بعض المقالات والتقارير التركية التي تحدثت عن تقصير استخباري أميركي مقصود في التنسيق مع الاستخبارات التركية في ما يتعلق بتحرك الأكراد في شمال العراق، سارعت المحكمة الأميركية العليا (أعلى سلطة قضائية اتحادية في الولايات المتحدة) إلى دعم خطوة بادرت إليها الإدارات الأميركية المتعاقبة للحدّ من مجال حتى «الكلام» مع «العمال الكردستاني»، وهو التنظيم المصنّف أنه إرهابي على لائحة الارهاب الأميركية منذ عام 1997.
وأيّدت المحكمة الحظر الحكومي المفروض على «المساعدات المادية» للتنظيمات «الارهابية»، وهو ما من شأنه الحد من قدرة تنظيمات، كـ«العمال الكردستاني»، على الاستفادة من المساعدات الانسانية. وبرغم أنّ القرار القضائي يتحدث عن جميع المنظمات التي تصنفها وزارة الخارجية أنها إرهابية، رأت بعض الصحف التركية، كـ«توداي زمان» مثلاً، أنّ القرار موجّه أساساً ضدّ «الكردستاني، وحزب الله وحركة حماس».
ويحظر هذا القرار على المواطنين الأميركيين وجمعياتهم، تزويد أي دعم تقني أو لوجستي لهذا النوع من المنظمات، «حتى ولو كان هذا الدعم غير متصل مباشرة بأعمال عنفية».
وقال رئيس المحكمة جون روبرتس إنّ التجرية أظهرت على مدى 12 عاماً، أنّ السماح بتقديم مساعدات «لوجستية ومعلوماتية وقانونية وتقنية وإنسانية للتنظيمات الارهابية يمكن أن تتسخدم في النهاية لأغراض عنفية». وتابع أنّ هذا النوع من المساعدات «يساعد في تأمين شرعية للمنظمات الارهابية، تسهّل لها تجنيد أعضاء والحصول على مساعدات من شأنها تهيئة طريقها لتنفيذ عمليات إرهابية». إلا أنّ 3 قضاة من بين الأعضاء التسعة للمحكمة عارضوا القرار على اعتبار أنه «يتناقض مع بعض البنود الدستورية التي تكفل حقوق الانسان».

المساعدات المادية للمنظمات الإرهابية تؤذي علاقاتنا مع دول حليفة كتركيا

وصدر الحكم القضائي المذكور ليحسم قضية «هولدر ضد قانون المشاريع الانسانية» التي فُتحت إثر تقديم مواطنَين أميركيين وست منظمات أميركية غير حكومية يؤمّنون تدريباً في مجال حقوق الانسان وتعليم أصول التفاوض والقانون الدولي وتقديم الاستشارات حول كيفية تقديم التماسات إلى الأمم المتحدة، لـ«العمال الكردستاني»، وذلك في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
واللافت أنّ القضية التي صدر قرار المحكمة العليا في شأنها، قبل يومين، عمرها 12 عاماً، أي منذ 1998. فقانون مكافحة الارهاب صدر عام 1996 ومنع «المساعدات المادية» عن المنظمات المعنية، قبل أن يوسّع «قانون الوطنية» (patriot act) الذي صدر بعد هجمات 11 أيلول 2001، مفهوم هذه «المساعدات» ليشمل تقديم الاستشارات القانونية والمعرفة التقنية. وبرغم الدعاوى العديدة التي قُدمت ضد هذه القوانين، إلا أنّ جميع الادارات المتعاقبة في واشنطن، ومن بينها إدارة باراك أوباما، دافعت عن توسيع مفهوم هذه المساعدات. وظهر الشق السياسي في القرار القضائي جلياً، عندما جاء في أحد بنوده أنّ «السماح بالمساعدات المادية للمنظمات الارهابية، حتى وإن كان الهدف منها إنسانياً، يؤذي علاقات الولايات المتحدة مع دول حليفة كتركيا». وتابع نص القرار أنّ «هناك منظمات إرهابية تهاجم حلفاءنا في حلف شمالي الأطلسي كتركيا. ومن وجهة النظر التركية، سيوحي استمرار تقديم المساعدات المادية من الولايات المتحدة لهذه المنظمات الارهابية، بأننا نشرّع أعمالها».