خاص بالموقع - توعّدت حركة «طالبان»، اليوم، بأن تواصل القتال حتى رحيل الجنود الأجانب من البلاد، في أول تعليق لها على إقالة قائد القوات الدولية ستانلي ماكريستال وتعيين دايفيد بترايوس مكانه، في وقت بات فيه حزيران الشهر الأكثر دموية في صفوف قوات الحلف الأطلسي منذ بداية الحرب في أواخر 2001. وأكد المتحدث، يوسف أحمدي، عدم اكتراث حركة التمرّد لمن يعيّن قائداً للقوات الدولية في أفغانستان. وقال «لا يهمّنا من هو القائد، أكان ماكريستال أم بترايوس. موقفنا واضح. سوف نقاتل المحتلين حتى رحيلهم».
وعينت واشنطن القائد الحالي للقوات الأميركية في العراق وأفغانستان، الجنرال دايفيد بترايوس، خلفاً لماكريستال الذي أثار أزمة بسبب تصريحات صحافية ساخرة انتقد فيها الرئيس باراك أوباما ومساعديه، كانت سبباً لإقالته.
والجنرال بترايوس (57 عاماً)، الذي يعتبر مهندس الاستراتيجية الناجحة في العراق، سينقل تجربته الى أفغانستان. وهو يتولى منذ عامين الإشراف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وأوكلت إليه الآن قيادة القوات التابعة للحلف الأطلسي في أفغانستان. وبترايوس ابن مهاجر هولندي من مواليد 7 تشرين الثاني 1952، وهو يعدّ «جندياً مثقفاً» يصفه المعجبون به بأنه في غاية الذكاء، فيما ينعته الآخرون بالغطرسة، غير أن الكل يجمع على احترامه.
ويُنسب الى بترايوس بأنه السبب في تحسن الوضع الأمني وإتاحة الشروع في سحب القوات الأميركية من هذا البلد، وصولاً الى سحب كامل القوات القتالية بحلول نهاية آب طبقاً للجدول الذي أعلنه أوباما مطلع 2009.
وقبل توليه مهماته في العراق، لخص بترايوس استراتيجيته قائلاً «ينبغي العيش وسط» الشعوب.
وهي مبادئ يتوقع أن يطبقها في أفغانستان حيث لم تسمح حتى الآن استراتيجية تعزيز القوات التي أقرها أوباما في نهاية 2009 بناءً على نصائح الجنرال ماكريستال، بتسجيل تبدل في الوضع لمصلحة القوات الحليفة.
وقال وزير الدفاع الأميركي روبيرت غيتس في أيلول 2009 في بغداد لدى حضوره مراسم انتقال المهمات الى الجنرال ريموند أودييرون، خلف بترايوس في العراق «أعتقد أنه أدى دوراً تاريخياً. الجنرال بترايوس هو بدون أي شك بطل المرحلة».
وهذا المظلّي المنحدر من ولاية نيويورك والذي يحمل دكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة برينستون العريقة (1987) هو صاحب خبرة ميدانية متينة لا غبار عليها.
وفي عام 2003 كان مسؤولاً عن القوات الأميركية في شمال العراق وقائداً للفرقة المجوقلة الـ101. وأشرف بعد ذلك حتى 2005 على عملية إعادة بناء الجيش العراقي.
ولدى عودته من العراق عمد الى إعادة كتابة دليل مكافحة التمرد، وهو وثيقة مرجعية للجيش وقوات المارينز في مكافحة المتمردين ومصدر إلهام للاستراتيجية الجديدة في العراق.
وقد اتبع الرئيس السابق جورج بوش نصائحه جزئياً عندما قرر إرسال 30 ألف جندي إضافي الى العراق. وفي أواخر كانون الثاني 2007 صدّق مجلس الشيوخ على تعيينه على رأس قيادة القوات المتعددة الجنسية.
وسعى في هذا المنصب الى تطبيق فلسفته التي نضجت بعدما طورها في أطروحته حول الأخطاء التي ارتكبها الأميركيون في فيتنام. وقال بترايوس الذي يهوى الاستشهاد بالفيلسوف الروماني سينيك أمام جنوده إن «عمليات مكافحة التمرد هي حرب تخاض على مستوى جامعي. إنها حرب رجل يفكر».
والقائد المثالي في نظره هو محارب قادر على الإلمام بكل تعقيدات أي نزاع على أرض أجنبية يجري بلغة وثقافة مختلفتين، وقادر على وضع نفسه في موضع العدو.
وقد نجح بترايوس، المولع بممارسة الرياضة والذي نجا مرتين من الموت، في خفض وتيرة العنف في العراق اعتباراً من خريف 2007 بفضل خطة قامت على زيادة عديد القوات ومشاركة أكبر للمسؤولين العراقيين في المحافظات والميليشيات السنية التي انخرطت في محاربة القاعدة ضمن مجالس «الصحوات».
ولقي تعيين بترايوس ترحيباً واسعاً، واليوم أعلن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن باريس لها «ثقة كاملة» بالجنرال بترايوس.
وقال فاليرو «في ما يتجاوز اختيار الأشخاص، إن الاستراتيجية في أفغانستان هي استراتيجية شاملة تبنّاها الحلفاء خلال قمة الحلف الأطلسي في بوخارست عام 2008 وتم تأكيدها في قمة ستراسبورغ ـ كيل عام 2009».
وأضاف إن «الجنرال بترايوس يعرف تماماً المسرح الأفغاني وكان يتابعه في إطار مهماته السابقة كقائد استراتيجي للقوات الأميركية في المنطقة. لنا به ملء الثقة لتطبيق الاستراتيجية التي قررها الحلفاء في إطار سلسلة القيادة».
ويأتي هذا التغيير المفاجئ على رأس القوات الدولية في وقت تسجل فيه أعلى خسائرها منذ اجتياح أفغانستان عام 2001 وقد قُتل 80 جندياً في ثلاثة أسابيع، ما يجعل من حزيران الشهر الأكثر دموية في صفوف القوات الأميركية والأطلسية.
واليوم، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية مقتل أربعة جنود بريطانيين. وبمقتلهم يرتفع الى 307 عدد الجنود البريطانيين الذين لقوا حتفهم في أفغانستان منذ بداية الحرب في 2001.

(الأخبار، أ ف ب)