750 ملياراً لمنع المضاربات ووقف انهيار العملةباريس ــ بسّام الطيارة
يعيش الأوروبيون في هاجس أن تكون إجراءات قمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ منطقة اليورو، التي رحبت بها الأسواق، غير كافية أو أنها جاءت متأخرة. ورغم التأثير «الأولي» الذي تجسد بارتفاع مؤشرات البورصات العالمية و«عودة الصحة لليورو»، إلا أن المراقبين لا يزالون حذرين، فالمراحل الأولى لارتفاع مؤشرات البورصة هي عادة «علامة على أن المضاربين يحققون أرباحهم صعوداً»، وبالتالي يجب الانتظار حتى تثبيت «التوجه العام» الذي هو بخلاف «المؤشر الآني» الذي يمكن الاستكانة إليه.
وعقد وزراء المال الأوروبيون الأحد اجتماعاً لإنشاء صندوق للدعم المالي لا سابق له من أجل دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات، على أمل وقف انتقال أزمة تهدد أسس الوحدة النقدية. وأقرّ وزراء المال في الدول الـ٢٧ الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ليل الاحد الاثنين آلية لدعم دول هذه المنطقة التي تعاني صعوبات، يمكن ان تصل قيمتها الى ٧٥٠ مليار يورو. إلا أن هذا لم يمنع من بروز «تفاوت سياسي» يذكّر بأحلك أيام النزاعات السياسية بين الأوروبيين، حسب قول سياسي كان يحضر «متأسفاً» الاحتفال بمرور ٦٠ عاماً على إنشاء الاتحاد الأوروبي.
وكان وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية بيار لولوش، الذي يراه عدد من المراقبين وزيراً في الكي دورسيه محل الوزير الحالي برنار كوشنير في أول تغيير وزاري، قد أعرب أمس عن أسفه لعدم مشاركة بريطانيا في آلية الدعم التي تقررت في بروكسل. ودعا الى تبني آليات أوروبية للتقارب الاقتصادي.
وجاء في حديث لولوش لإذاعة «فرانس انتر» أن «البريطانيين لم يرغبوا في المشاركة في آلية الدعم، في هذا المجهود الجماعي، وأنا آسف لذلك»، مضيفاً أن «مصائرنا مرتبطة، وليس هناك حل منفصل عندما يكون هناك هجوم شامل».
وكان وزير المال البريطاني اليستر دارلينغ قد أعلن الأحد أن بلاده لن تقدم ضمانتها لصندوق الطوارئ لمساعدة دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات مالية. ويتفق الجميع على أن غياب الاتفاق والنهج السياسي الموحد في أوروبا يؤدي دوراً كبيراً في «فتح نوافذ أكبر سوق أوروبية على المضاربات».
وقد جاء التفرد البريطاني ليدل على أن الاتحاد الأوروبي لا يزال «بعيداً جداً عن تشكيل كينونة موحدة» تتخذ القرارات الملزمة وتكون رادعاً لكل من يريد مهاجمة عملتها.
وقد وضع لولوش اصبعه على الجرح بقوله «إننا اليوم في صدد ابتكار تقارب اقتصادي ثوري في اوروبا»، داعياً إلى إعداد «قواعد تحمل الحكومات تدريجاً على العمل معاً». وشدد على أن من شروط النجاح «أن يتطور كل بلد نحو مسلكيات جماعية وآليات رقابة»، وهو اعتراف صريح بغياب أي تعاون وغياب الرقابة التي سمحت لصناديق الاستثمار بـ«الغرف من منطقة اليورو» وتسجيل أرباح خيالية لا يمكن استيعابها قبل عشرات السنين، وأشار خبير اقتصادي لـ«الأخبار» إلى أن معظم المضاربين يقطنون في «جنات ضريبية» بحيث لن تعود أي نسبة من أرباحهم إلى صناديق الحكومات التي دعمت الأسواق. ويتحدث بعض الخبراء عن ضرورة «إضفاء الطابع المؤسساتي على مجلس منطقة اليورو على مستوى رؤساء الدول» مع إمكانية تأليف «مجموعة من الحكماء» لإدارة التوجهات الكبرى للسياسة المالية الأوروبية.
والحديث عن اليورو بدأ يأخذ «منحنى كارثياً»، إذ إن المخاوف من قدرات بعض الدول الاوروبية الغارقة تحت الديون، على ضبط مالياتها وتسديد ما يترتب عليها من ديون في الأوقات المحددة زعزعت الثقة بالعملة الأوروبية الموحدة.
وهو ما دفع رئيس مجموعة «يوروغروب» جان كلود يونكر إلى التصريح بأن العمل سوف يؤدي إلى «إقامة خط دفاع مغلق لمنطقة اليورو». كما اعتمد رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني «لهجة حربية» أيضاً لإقرار «حالة طوارئ»، فيما دق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ناقوس «التعبئة العامة».
ويدل كل هذا إن لزم الأمر على أن «الخطر على العملة الأوروبية قائم» بغض النظر عن عامل المضاربات. ويعود الخطر أساساً إلى غياب الجهود في مجال «تقليص العجز في موازنات دول اليوروغروب»، والتفاوت في احترام «معاهدة الاستقرار» وهي الآلية التي تحد من العجز العام في كل من الدول الأعضاء المختلفة، والتردد في فرض «عقوبات» في حال التخلف عن ضبط الماليات العامة. وهي حال معظم دول اليورو التي يمكن أن تتعرض لهجوم مقبل إذا «استوعبت الأسواق» الـ ٧٥٠ مليار يورو. وبالفعل فإن إقرار برنامج مساعدة تحت أي تسمية كانت لا يعني «نهاية الأزمة».
وبالفعل، فقد أعلن البنك المركزي الأوروبي إطلاق «عمليات تدخل» في سوق السندات في منطقة اليورو، للقطاعين العام والخاص على حد سواء، على أن يحدد مضمونها في وقت لاحق، لكنها يمكن أن تتخذ شكل شراء سندات الدول ما يعني عملياً إقراض هذه الدول، لتجنب أن تتوجه الحكومات إلى السوق للاقتراض، وهي مبادرة استثنائية تهدف الى التخفيف عن كاهل دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات تحت ضغط الديون حيث تسجل معدلات الفائدة للقروض ارتفاعاً كبيراً، إلا أن هذا يعني أيضاً «التدخل المباشر لقطع الطريق على المضاربين» أي أن الخروج من «ليبرالية الأسواق مقبولة لإنقاذ الليبرالية».


وكالات التصنيفومن البداية كانت أهداف التصنيف هي «قياس ملاءة المستدين» أي الدول في حال إصدارها سندات خزينة أو الشركات الكبرى في حال لجوئها إلى السوق للاستدانة.