أعلن مكتب رئاسة الحكومة البريطانية «داوننغ ستريت» أمس أنّ الملكة إليزابيث الثانية صدّقت على عدد من التعيينات الوزارية التي أعلنها رئيس الحكومة الجديد ديفيد كاميرون. وأضاف المكتب، في بيان، إنّ الملكة صدّقت على التعيينات الآتية: ويليام هيغ (محافظون) وزيراً للخارجية، جورج أوزبورن (محافظون) وزيراً للخزينة. وسيكون أوزبورن أصغر وزير للخزينة منذ 120 عاماً، وهو يريد أن يبدأ سريعاً معالجة قضية العجز في ميزانية الدولة ويرغب في طرح خفض الإنفاق الحكومي لتحقيق ذلك. إلى جانب ذلك، صدّقت الملكة على تعيين ليام فوكس (محافظون) وزيراً للدفاع، وهو صديق كاميرون الشخصي وشريكه في لعبة كرة المضرب، وهو لم يعارض التورط البريطاني في حربي العراق وأفغانستان، لكنّه انتقد التخطيط العمالي لهما. وصدّقت الملكة على تعيين كينيث كلارك (محافظون) وزيراً للعدل، وتريزا ماي (محافظون) وزيرة للداخلية ووزيرة لشؤون المرأة والمساواة.
وصدقت الملكة على تعيين أندرو لانسلي (محافظون) وزيراً للصحة، ومايكل غوف (محافظون) وزيراً للتعليم وفينس كيبل (أحرار ديموقراطيون) وزيراً للأعمال والابتكار والمهارات. واشتهر كيبل إثر الأزمة المالية العالمية بتحليلاته الصائبة لما يحصل.
كذلك عيّن داني ألكسندر (أحرار ديموقراطيون) وزير دولة لشؤون اسكتلندا ودايفيد لاوز (أحرار ديموقراطيون) وزيراً رئيساً للمال. ولدى لاوز خبرة في العمل المصرفي قبل أن يترك «باركليز بانك» لينضم إلى حزبه ويكون المسؤول عن وضع موازنة الظل له، وكان أيضاً مستشار الحزب للإنفاق البرلماني. وعُيّن المحافظ بيتر ريكتس مستشاراً للأمن القومي.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون أنّه يعكف حالياً مع نائبه نك كليغ على ملء المناصب الوزارية الشاغرة.
وكان مكتب رئاسة الحكومة البريطانية قد أعلن في وقت سابق أنّ الملكة إليزابيث الثانية وافقت رسمياً على تعيين كليغ نائباً لرئيس الوزراء الجديد. وأضاف إنّ حزب الديموقراطيين الأحرار سيشغل خمسة مناصب وزارية في الحكومة الجديدة، بما في ذلك تعيين كليغ.
وتابع إنّ مجلس العموم سيستدعى للاجتماع في الثامن عشر من أيار الجاري لانتخاب رئيس جديد للمجلس وأداء اليمين الدستورية للأعضاء، على أن يتم الافتتاح الرسمي للبرلمان وخطاب الملكة في الخامس والعشرين من الشهر نفسه.
وكانت الملكة إليزابيث الثانية قد كلّفت زعيم حزب المحافظين كاميرون تأليف الحكومة الجديدة بعد إعلان غوردون براون مساء الثلاثاء استقالته من منصبه كرئيس للوزراء. وستكون هذه المرة الأولى التي تشهد فيها بريطانيا حكومة ائتلافية منذ نحو سبعين عاماً.
ولقي تأليف الائتلاف الحكومي أصداء إيجابية في الأوساط الاقتصادية التي أبدت أملها بأن يتمكن من ضبط المالية العامة البريطانية.
غير أنّ أسعار الجنيه الاسترليني ومؤشر فوتسي 100 لم تتجاوب كثيراً مع أجواء التفاؤل بعدما سجلت ارتفاعاًً في بادئ الأمر.
وحدها السندات بقيت مستقرة وتراجعت عائداتها. ونتجت هذه التقلبات من إصدار بنك إنكلترا بموازاة إعلان الحكومة الائتلافية، أرقامه الفصلية التي جاءت أكثر تشاؤماً بقليل من توقعات شباط.
واغتنم حاكم البنك المركزي ميرفن كينغ، الذي يدرك جيداً أنّ وصول المحافظين الى السلطة سيعزز صلاحيات مؤسسته، الفرصة ليعلن أنّ مشاريع الحكومة الجديدة تكشف عن «توافق قوي جداً وراسخ جداً على معالجة العجز البريطاني»، مبدياً ارتياحه لهذا الأمر.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)



شخصية

ديفيد كاميرون



رئيس الوزراء الأرستقراطي تدرّج في مناصب عدّة داخل حزب المحافظين، قبل أن يصل إلى رئاسته ويعود به إلى الحكم. محبّوه وكارهوه كثر داخل حزبه

ديما شريف
حين اختار أعضاء حزب المحافظين رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون (44 عاماً) ليكون رئيساً للحزب في 2005، كان مناصروه فخورين بأنّه وصل إلى منصبه هذا عبر التدرج في الحزب، من دون استغلال علاقاته وتاريخ عائلته ليفعل ذلك. ويتحدث هؤلاء عن تجديده للحزب عبر تعزيزه بالعنصر الشبابي والنسائي وتحويل اهتماماته إلى البيئة وقضايا أخرى لم يكن المحافظون يهتمون بها من قبل. لكنّ مناوئيه، من داخل حزبه وخارجه، سلّطوا سهامهم عليه باعتباره «أرستقراطياً وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب» ولا ينفع أن يكون رئيساً لحزب لطالما تفاخر بكون رؤسائه يأتون من خلفيات متواضعة، ليست بعيدة عن مشاكل الناس. ويستشهد هؤلاء بشائعة عن أنّ قصر باكينغهام توسّط لنيله أول وظيفة. ولد كاميرون في عائلة غنية كان معيلها يعمل سمساراً في البورصة، كما كان أجداده يعملون. أما عائلته من ناحية والدته البارونة، فكان منها نواب عن حزب المحافظين. وتربط كاميرون صلات عائلية بعيدة بالملكة البريطانية إليزابيت الثانية. إلى جانب ذلك، فإنّه متزوج من بارونة، كان زوج والدتها وزيراً في حكومة جون ميجور. لم يشذ كاميرون عن رغبات عائلته، ودرس في مدرسة إيتون التي يرتادها الأمراء والأرستقراطيون، ثم انتقل إلى أوكسفورد التي تخرّج منها بشهادة في الفلسفة والسياسة والاقتصاد. ويقول زملاؤه وأساتذته في الجامعة إنّه لم يكن يتعاطى السياسة فيها، وكان يعبّر عن «الآراء المحافظة المعتدلة».

متشكّك جداً حيال الاتحاد الأوروبي ويخاف من أي محاولات «لفدرلته»
بعد تخرّجه من الجامعة، استجاب كاميرون لإعلان وظيفة شاغرة في قسم الأبحاث في حزب المحافظين. كان كفؤاً في عمله لدرجة أنّه ترقّى بسرعة حتى أصبح بعد فترة مساعداً للوزراء المحافظين في الإعداد لظهورهم الإعلامي. كان من ضمن فريق العمل الذي ساعد رئيس الوزراء الأسبق جون ميجور على مواجهة الأسئلة الأسبوعية من البرلمان، كذلك عمل مع جورج أوزبورن الذي كان رئيس وزراء الظل. وعمل مستشاراً سياسياً لدى عدد من زعماء الحزب قبل أن يقرر في بداية التسعينيات أنّه يريد أن يصبح قائداً أيضاً والدخول إلى البرلمان نائباً، لكنّه لم يقدم بسرعة على ذلك. اتخذ قراراً بترك العمل في الحزب وفي منصبه مستشاراً لوزير الداخلية مايكل هوارد، والقبول بوظيفة في القطاع الخاص مسؤولاً عن العلاقات العامة في شركة «كارلتون»، التي تملك محطات تلفزيونية مهمة.
ترك كارلتون في 1997 ليعود إلى تحقيق حلمه بالترشح إلى مقعد في مجلس العموم. السنوات السبع هذه لم تكن ذات أثر جيّد على من عمل معه. يقول الصحافي جيف راندال، الذي يعمل في صحيفة «دايلي مايل»، إنّه لن يثق بإعطاء كاميرون مصروف جيب ابنته. أما مدير تحرير جريدة «صان» فقال إنّ كاميرون «ثعبان سام غامض».
بعد دخوله البرلمان، صعد نجم كاميرون سريعاً داخل اللجان، حتى احتضنه سلفه في رئاسة المحافظين مايكل هاورد وعيّنه وزيراً في حكومة الظل، إلى أن حلّ مكانه.
يُعرف عن كاميرون أنّه متشكّك جداً حيال الاتحاد الأوروبي ويخاف من أي محاولات «لفدرلته»، ويتساءل البعض عن مقدار التعاون الذي يمكن أن يلقاه من الدول الأوروبية الأخرى التي يحكمها يمين الوسط، بعد سعي رئيس الوزراء الجديد لدى وصوله إلى رئاسة حزبه إلى قطيعة مع هؤلاء في البرلمان الأوروبي وتحقيق تحالف مع أحزاب اليمين.


شخصية

وليم هايغ



لم يكن وليم هايغ موفّقاً في رئاسته لحزب المحافظين، واعتقد البعض أنّ ولايته بأخطائها قضت على مستقبله السياسي. لكنّ دايفيد كاميرون أعاده إلى الواجهة

يفتخر وزير الخارجية البريطاني الجديد وليم هايغ (48 عاماً) بأنّه عضو في منظمة «أصدقاء إسرائيل المحافظين» منذ كان في الخامسة عشرة من عمره. كذلك يفتخر بأنّه استطاع، بتوجيه من دايفيد كاميرون، تنفيذ سياسة فك الارتباط مع أحزاب يمين الوسط الأوروربية للتحالف مع تلك المنتمية إلى اليمين واليمين المتطرف. سببان يواجه من أجلهما انتقادات عديدة من البريطانيين، ومنهم زميله الجديد في الوزارة، وزير البيئة كريس هان (الأحرار الديموقراطيين) الذي سمّاه العام الماضي بالـ«نازي».
هايغ هو ربما القيادي المحافظ الأكثر سوءاً للحظ، إذ إنّه الوحيد في حزبه منذ عشرينيات القرن الماضي الذي لم يستطع أن يترأس حكومة بلاده بعدما كان رئيساً للحزب (1997 ـــــ 2001). فابن صاحب معمل المشروبات الغازية، الذي درس في أوكسفورد إدارة الأعمال، خسر الانتخابات في 2001 بطريقة مذلة، ما دفعه إلى الاستقالة والابتعاد عن الحياة السياسية مع استمرار احتفاظه بمقعده في مجلس العموم.
كان هايغ عضواً في حزب المحافظين منذ صغره، وفي السادسة والعشرين من عمره قرر الترشح لمقعد في البرلمان، لكنّه خسر. أعاد الكرّة بعد سنتين في 1989، ونجح في انتخابات فرعية، ليصبح أصغر نائب محافظ في تاريخ الحزب.
ورغم كونه نائباً جديداً، دخل في 1990 إلى الحكومة ليصبح مساعداً لوزير الاقتصاد نورمان لامونت. بعد ذلك انتقل إلى وزارة الضمان الاجتماعي ليصبح في السنة التالية وزير دولة. في 1995 أصبح وزيراً لشؤون ويلز، إلى أن سقطت حكومة جون ميجور في 1997. حينها ترشح لرئاسة الحزب، واستطاع في السادسة والثلاثين من العمر أن يربح في وجه منافسيه الأقوياء مثل القيادي المعروف كينيث كلارك ومايكل هاورد الذي ترأس الحزب لاحقاً. عمل طيلة فترة حكمه للمحافظين على تحسين صورته لتصبح عصرية أكثر، وكان يكرر كم هو متأثر بحاكم تكساس آنذاك جورج بوش الابن وسياسته «المحافظة الرؤوفة».

يفاخر بأنّه من «أصدقاء إسرائيل المحافظين» ومتأثر بجورج بوش الابن
يرى بعض المراقبين أنّ فترة حكم هايغ للحزب كانت الأفشل في التاريخ الحديث. فهو لم يكن يتمتع بالخبرة الكافية لإدارة حزب بهذا الحجم، كما لم يكن «قابلاً للانتخاب» رئيساً للوزراء. قلة خبرته هذه انعكست على عدد من المواقف أثار فيها هايغ استهجان أعضاء حزبه قبل الناس العاديين، مثل زيارته لإحدى الحدائق العامة وركوبه في إحدى الألعاب مع بعض مساعديه وعلى رؤوسهم قبعات عليها اسمه.
وكانت صحيفة «صان»، التي تعدّ محافظة، قد عنونت خلال انعقاد مؤتمر الحزب في 1998 على صفحتها الرئيسية «هذا الحزب اختفى... توقف عن الوجود... هذا حزب سابق. سبب الموت: الانتحار». وعانى هايغ في آخر سنتين له في الرئاسة من منافسة أعضاء في وزارة الظل له ولسلطته، ما عزز من صورته الضعيفة أمام الناس.
ورغم ذكائه وقدرته على النقاش بطريقة جيدة، وجد استطلاع للرأي، في آخر ولايته، أنّ 70 في المئة من الناس يظنون أنّه قد يقول أي شيء للحصول على صوت انتخابي. وما زاد الطين بلة هو خطابه في مؤتمر الحزب العام في 2001 الذي كان معادياً للأجانب وعنصرياً، ما أدى إلى القضاء على مستقبله مؤقتاً. وانصرف هايغ بعد ذلك إلى الكتابة، إلى أن تسلّم ديفيد كاميرون رئاسة الحزب في 2005، فأعاده إلى الأضواء، وعرض عليه منصب وزير خارجية الظل، ليعود اليوم إلى الحكومة في واحدة من أهم الوزارات فيها.
ديما...