نيويورك ـ نزار عبود يتّضح من مسودة البيان الختامي الأولى الصادرة عن مؤتمر المراجعة العامة لمعاهدة حظر الانتشار النووي، في نيويورك، أنه سينجح في موضوع نزع السلاح النووي، لكن الغموض لا يزال يحيط بأسلوب تطبيق قرار الشرق الأوسط الصادر عام 1995. فهو لا يشير إلى إسرائيل بالاسم، ولا يَعدّها من الدول المسلّحة نووياً، ويبقى أيّ تقدم في جعل الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووي رهن نوايا الدول الخمس الكبرى، وتجاوب إسرائيل معها.

تتضمّن المسودة الأولى المنبثقة عن مؤتمر المراجعة خطة عمل مؤلفة من 26 نقطة، تتمحور حول تخليص العالم من السلاح النووي، وجعله من الأسلحة المحظور اقتناؤها «ضمن أطر قانونية دولية محددة». وكان مؤتمر عام 2000 قد أقرّ خطة عمل من 13 نقطة. وهذا يعطي مؤشراً على مدى تعاظم التحديات التي تغلّف المؤتمر. ذلك أن النقاط الـ13 الجديدة تعدّ مؤشراً على تصاعد الهواجس المتعلقة بنزع السلاح النووي، سواء من حيث وصوله إلى «جماعات إرهابية»، أو لجهة استحواذ دول نامية على التقنيات التكنولوجية المتطورة، بعدما كانت هذه التقنيات من حقها بموجب المعاهدة التي أُقرّت في الستينيات.

الخطة التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، تستند إلى خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي ألقاه في براغ العام الماضي، والذي كان محوره النزع التام لشتى أنواع الأسلحة النووية، واتفاق المؤتمر على الحاجة إلى تطبيق البند السادس من المعاهدة المتعلقة بنزع السلاح «ضمن إطار زمني محدد».

كذلك تدعو الوثيقة الختامية في صيغتها الأولى، الدول النووية الخمس إلى «عقد مشاورات في موعد أقصاه عام 2011 لتسريع التقدم الفعلي في موضوع نزع السلاح». وهذا الكلام غير جديد على ضوء الاتفاق الذي جرى في واشنطن ويكاد يتقاطع حرفياً معه، ولا سيّما أن عاصمة كوريا الجنوبية سيول، ستستضيف القمة النووية الثانية عام 2011.
وبموجب تلك المشاورات سيطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الدعوة إلى عقد مؤتمر في عام 2014 لـ «دراسة السبل والوسائل للاتفاق على خريطة طريق لإزالة كل الأسلحة النووية ضمن إطار زمني محدد، بما في ذلك استخدام وسائل قانونية شاملة».
ونص البند الرابع المتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، على «تطبيق أهداف المعاهدة والقرارات الواردة في قرار مراجعة وتمديد المعاهدة لعام 1995، الذي جرى تبنيه من دون تصويت، بينما خلا هذا من أيّ تطوير في اللغة قياساً على ما جرى عام 1995 «مكانك راوح».





وكانت الدول الموقّعة على المعاهدة قد وافقت عام 1995 على تمديد المعاهدة إلى ما لا نهاية، شريطة جعل منطقة الشرق الأوسط منزوعة من السلاح النووي تماماً. كذلك تتضمن الوثيقة شروطاً إلزامية للدول بالإفصاح عن كل المواد المشعّة التي بحوزتها، للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لمراقبة تخزينها والتصرف به. لكن هذا الكلام لا يطاول السلاح النووي الإسرائيلي، إلا إذا أُجبرت إسرائيل على الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي أم بي تي.

من جانب آخر، سيناقش حكّام الوكالة في الاجتماع الإداري المقبل لوكالة الطاقة، الذي سيُعقد في فيينا في حزيران المقبل، المسألة النووية الإسرائيلية. وسيتعيّن على المدير العام للوكالة يوكيا أمانو، رفع تقرير عن القرار الذي صدر العام الماضي عن الوكالة بشأن القدرات النووية الإسرائيلية.

وتنص مسودة الوثيقة الختامية الحالية أيضاً، على التشديد الصريح على التعهد الصادر في مؤتمر المراجعة الذي عقد عام 2000 بـ «إنجاز الإزالة التامة لترسانة الدول النووية، بما يفضي إلى النزع النووي التام»، الذي تلتزم به كل الدول الـ198 الموقّعة على معاهدة حظر الانتشار بموجب البند السادس. وتشدّد على أهمية عدم نقل تكنولوجيا السلاح النووي، أو السعي إلى تطويرها أو قبول تسلّمها من أي دولة أخرى.

ويؤكد المؤتمر، الذي بدأت جلساته في 3 أيار الحالي ويستمر حتى 28 منه، أن واجب جميع الدول، ولا سيّما تلك التي لديها أسلحة نووية، هو «بذل جهود خاصة لتأسيس إطار قانوني مطلوب لتحقيق المرحلة النهائية من نزع السلاح، والمحافظة على عالم خال من الأسلحة النووية».

كذلك، تشجب الوثيقة الختامية بصيغتها الراهنة، التجارب النووية الكورية الشمالية، ولا تتقبّل اعتبار كوريا الشمالية دولة نووية، بينما لا تتناول الوثيقة البرنامج الحربي النووي الإسرائيلي من قريب أو بعيد. وهو شرط فرضته الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة. وهي ترحّب بتوقيع 181 دولة على معاهدة حظر التجارب النووية، بينها 151 دولة وضعت أدوات لتطبيقها. علماً بأن الدول النووية الكبرى لم تعد تحتاج إلى إجراء تجارب نووية بسبب سيطرتها على التقنية الحسابية المعقّدة غير المتاحة لبقية الدول قاطبة. وما لدى الولايات المتحدة متاح حكماً لإسرائيل.

وتعليقاً على هذه الخطة، رحّب ائتلاف المنظمات الأهلية الدولية الستين، التي تحمل اسم «الحملة العالمية من أجل إزالة الأسلحة النووية»، بنص الوثيقة الختامية عموماً، «ولا سيّما في تشديدها على الحاجة إلى تحقيق النزع التام للأسلحة النووية ضمن إطار زمني محدد، وتحت معاهدة دولية ملزمة شاملة، أي معاهدة سلاح نووي»، حسبما جاء في بيان لهذه المنظمات.