أصبح قانون منع ارتداء كل ما يغطّي الوجه في عهدة النواب الفرنسيين. وتيرة التوتر ترتفع في الشارع، كذلك عدد المنقّبات
باريس ــ بسّام الطيارة
تجاهلت وزيرة العدل الفرنسية ميشال إليو ماري، أمس، تأكيد مجلس شورى الدولة الذي يفيد بأنه «لا مستند قانونياً للمنع المطلق للنقاب»،,!--لاقثشن--. فأعادت طرح مشروع قانون مؤلف من سبع فقرات، يشدد على «المنع التام لارتداء النقاب في الفضاء العام»، شارحة «الفضاء العام» بأنه «الشوارع العامة والأمكنة المفتوحة للجمهور أو المخصصة لخدمة العامة».
وحمل مشروع القانون سلسلة من العقوبات، تبدأ بفرض غرامة بقيمة ١٥٠ يورو على «الشخص الذي يستر وجهه»، مستثنياً «الإخفاء لضرورات أمن الشخص» (ويحصل هذا في حال نقل مجرم أو متهم أو شاهد من المحكمة وإلىها في بعض الأحيان)، أو لأسباب طبية، أو «إذا كانت في إطار احتفال مثل الكرنفال». لكنّ مشروع القانون الذي أُرسل إلى البرلمان ليدرسه بدءاً من ١٩ تموز المقبل، يلحظ أيضاً إمكان استبدال الغرامة بـ«برنامج تدريب على المواطنية الصالحة». إلا أنّ «غرامة من الوزن الثقيل» خُصِّصت لكل «من يستعمل التهديد أو القوة أو سلطته» كي يجبر شخصاً على إخفاء وجهه: ١٥ ألف يورو وسجن لسنة. إلا أن القانون حمل في طيّاته فترة سماح، إذ إنه ترك «ستة أشهر بمثابة مرحلة تربوية» قبل البدء بتطبيقه، كي تقوم الجمعيات والجهات المختصة بمحاولة لـ«ثني من يخفي وجهه».
بالطبع، لا يذكر القانون أي إشارة إلى الإسلام أو المرأة، ولا يستعمل مصطلحات نقاب أو برقع أو حجاب، بما أنّ الدستور يحظر استهداف ديانة معينة في أي قانون، كذلك فإنه يمنع التمييز بين المرأة والرجل. إلا أنّ الوزيرة إليو ماري لم تخفِ، في الحملة الصحافية التي استبقت بها طرح المشروع على طاولة مجلس الوزراء، أنّ الهدف هو «المبرقعات». ورغم قولها في مقابلة مع صحيفة «لو باريزيان»، إن «هذا القانون لا يستهدف المسلمات»، فقد تابعت أنه «حتى في مدينة مكة السعودية، النقاب ممنوع». ورداً على سؤال عما إذا كان ممكناً «الاكتفاء بالمنع داخل المؤسسات الرسمية»، رأت أنّ «الديموقراطية تسفر وجهها في كل مكان».
أما بالنسبة إلى احتمال ردّ القانون من قبل مجلس الشورى، فقد رأى القيادي في الحزب الحاكم إيمانويل لوكا أنه «في هذه الحال، يجب الاحتكام إلى الشعب عبر استفتاء عام». أما مارتين لوبن، التي تستعد لخلافة والدها في رئاسة الحزب اليميني المتطرف «الجبهة الوطنية»، فقد انتقدت «ضآلة الغرامة» التي تلحظها بنود مشروع القانون، مطالبة بفرض ثمن «تذكرة عودة قاسية لمن يستغل الضيافة الفرنسية لفرض عادات غير مبرَّرة على جمهوريتنا»، أي طرد الذين يقعون تحت طائلة هذا القانون.
وفي انتظار صدور القانون، سُجّلت اعتداءات على منقّبات؛ فقد كشفت تقارير الشرطة أن عراكاً حصل في وسط مدينة ترينياك (غرب البلاد) بين سيدة منقّبة برفقة زوجها، وسيدة تبلغ ستين عاماً، تبيّن في ما بعد أنها محامية ترافق ابنتها. وقالت إيلودي (٢٦ عاماً) المنقّبة، وهي فرنسية الأصل، إنّ الاثنتين باشرتا التهجّم عليها بالقول «أنظروا إلى هذا الوحش، نحن هنا في فرنسا». وتابعتا «عودي إلى بلدك»، فما كان من الزوج إلا أن أجاب «إنها فرنسية». عندها، هجمت الشابة عليها وصفعتها، فردّت لها الصفعة، فهجمت الأم عليها ونزعت عنها النقاب تماماً.
ويتوقع بعض المراقبين أن يرتفع مستوى التوتر مع اقتراب موعد بتّ القانون والبدء بتطبيقه، علماً بأن جمعيات علمانية كثيرة تعارض منع «إخفاء الوجه» بحجة حماية الحرية الشخصية. وتردّ جمعيات أخرى بأنّ «التعرّي ممنوع قانوناً، ولا أحد يتكلم عن المس بالحريات الشخصية». كذلك يجيب آخرون، عند الحديث عن الأسباب الأمنية وراء المنع، بطرح مقارنة مع «سيارات الأغنياء ذات الزجاج العاكس» التي لا يمكن معرفة من يستقلّها.
وفي مقارنة أخرى، تسجّل التقارير ارتفاع عدد المنقّبات، إذ تشير آخر الأرقام إلى أن عددهن وصل إلى ٣٠٠٠، بعدما كان بحدود ٣٠٠ عندما رمى ساركوزي في ساحة الجدال مسألة النقاب.