بول الأشقر إنها قصة مثيرة ومؤثرة. فصلٌ جديد من جريمة بشعة ارتكبتها الديكتاتورية العسكرية الأرجنتينية بين عامي 1976 و1983، حين أمرت بخطف أطفال رُضّع، ولدوا في المعتقل قبل اغتيال أمهاتهم، وتقديمهم لعائلات عسكرية. هذه الجريمة، التي لم يعترف بها أحد، لم تُشمل، كما هو بديهي، في قانون العفو. وسمح آنذاك بإعادة مقاضاة الزمر العسكرية التي حكمت الأرجنتين في ذلك الوقت.
مصدر الإثارة يكمن في أن السيدة إرنستينا هيريرا نوبلي (85 عاماً)، المتهمة بـ«تبني طفلين عام 1976»، كانت قد سلمت كأس العالم لكابتن الأرجنتين، ماريو كامبس، بعد مونديال عام 1978، وإلى جانبها الديكتاتورة فيديلا، وهي صاحبة أكبر مجموعة إعلامية في الأرجنتين، وقد تصدرتها بعد وفاة زوجها المؤسس عام 1969. والمجموعة حالياً على خلاف قاس مع الحكومة التي أصدرت قانوناً جديداً للإعلام هو قيد المناقشة، ويهدف إلى الحد من تمركز الوسائل الإعلامية.
يعود المسلسل القضائي إلى عام 2002، بعد مقاضاة هيئة «جدات ساحة أيار» نوبلي بشأن شرعية ظروف الحصول على أولادها. اعتقلت نوبلي وقتها بعدما قدمت براهين مزورة على ظروف التبني. لكن سرعان ما أُفرج عنها وأُقيل القاضي بتهمة التحيّز. وغرقت القضية في دهاليز القضاء بين قاض جديد يماطل وطقم محامي دفاع يضع العراقيل تلو العراقيل، مانعاً التقدم بعد مرور 8 سنوات.

الكشف عن ضحايا جدد لمسلسل تبني الأطفال الرضّع

وكان اللافت نشر الولدين رسالة مفتوحة، قالا فيها إنهما «ملاحقان لإيذاء أمهما في خلافها السياسي مع الحكومة»، وتضامنا مع السيدة «التي اختارتنا أولاداً لها منذ 34 عاماً، ونحن اخترناها والدة لنا». في المقابل، «أسفت» الجدات لمضمون الرسالة، وقد استطعن حتى الآن التعرف إلى هوية مئة رضيع ورضيعة، وإعادتهم إلى عائلاتهم. وطلبت من السيدة نوبلي «إطلاق سراح الولدين كي يفكرا وحدهما»، معبرة عن «احترامنا لكما، كنتما من أحفادنا أو لم تكونا، ولحقكما في اختيار الحياة التي تريدانها... إلا أن القضية ليست سياسية بل قضية حقوق إنسان... وأنتما مواطنان لديكما حقوق، لكن أيضاً عليكما واجبات».
قبل شهر، دخلت المسألة فصلها الأخير بعد تعيين قاضية جديدة أمرت بإجراء فحوص الحمض النووي للولدين مارسيلا وفيليبي، في المستشفى المخصص لهذه الغاية، لمقارنتها بأرشيف العينات. إلا أن الولدين ماطلا ورفضا إجراء الفحص إلا في مستشفى محدد، على أن تقارن نتائجه بعينات العائلتين اللتين رفعتا الدعوة لا غير.
قبل أيام، ردت محكمة الاستئناف جميع طعون الدفاع، آمرة بإجراء فوري للفحوص التي صارت إجبارية لا اختيارية. ولم يبق الآن إلا انتظار أسابيع في قضية ما كانت لتستمر كل هذا الوقت لولا شخصية المتورطين بها ومواقعهم.