قال مراسل صحيفة «ذا إندبندنت» البريطانية في الشرق الأوسط، الصحافي روبرت فيسك، أمس إنّ الولايات المتحدة استخدمت الكذب في حروبها، منتقداً تعاطي الإعلام الغربي مع القضايا الدولية بعد أحداث 11 أيلول 2001. وضرب مثالاً بأنّه لا أحد في الغرب يتكلم على أحداث غزة. وأضاف أنّ قادة الغرب يتنافسون وسيبقون يتنافسون على تقديم الدعم الإنساني وإظهار ذلك، لكنّه تساءل: «لماذا لم يقدم هذا الدعم الإنساني إلى الصومال ولا إلى غزة؟».كلام فيسك جاء خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الجزيرة الخامس «العالم العربي والإسلامي.. رؤى بديلة» الذي بدأ أمس في العاصمة القطرية الدوحة.
وركز فيسك، في كلمته التي كانت تحت عنوان «العلاقة بين القوى الكبرى والإعلام»، على مجموعة من المصطلحات صاغتها السياسة الخارجية الغربية مثل «صناع القرار الرئيسيين» و«حلول ذات مغزى» و«جدار أمني» وبعض العبارات الأخرى قال إنّ الإعلام ينساق وراءها، وطالب الإعلام بالتمعن في العبارات التي يستخدمها.
وقال إنّ هناك «حرب عبارات»، وإنّه لا يدين «الجزيرة» عندما تستخدم هذه العبارات، لكنّه أشار إلى أنّها غير مناسبة، وأنّها تخدم الجهات التي تخنق الإعلام.
وأوضح فيسك أنّ الإعلام عندما يستخدم مصطلحات السياسة يصبح جزءاً من الطبقة السياسية التي تحكم العالم، ونبّه إلى المغالطات التي تحملها تلك العبارات عندما تسمي مناطق محتلة بمناطق متنازع عليها وجدار العزل بالجدار الأمني وعبارة مستعمرات بدل مستوطنات. وقال إنّ تفادي الوقوع تحت طائلة هذه المصطلحات ممكن بالرجوع إلى المصطلحات كما هي في الكتب، ونصح بتجنب موسوعة ويكيبيديا التي اعتبرها متحيزة.
وكان رئيس مجلس إدارة شبكة «الجزيرة»، الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، قد ركز في كلمته على «قدر المسؤولية الملقاة على عاتق الجزيرة تجاه جمهورها وتجاه المنطقة». وقال: «إنّنا في الجزيرة لا ينبغي أن نقيس أنفسنا بما أنجزناه، لكن بما يمكن أن نحققه مقارنة بقدراتنا». وأوضح أن منتدى هذا العام يأتي ليقدم فرصة لـ«بحث ما يمرّ به العالمان العربي والإسلامي من تحوّل». وقال إنّ «حجم نفوذ الجزيرة في المنطقة والعالم يحمّلها مسؤولية فهم ما يجري وتقديمه لجمهورها العريض في المنطقة والعالم».
وربط حمد بن ثامر بين التطورات التي شهدتها المنطقة العربية والإسلامية خلال العام المنصرم، واختيار موضوع المنتدى هذا العام، «وهو البحث عن رؤى بديلة للتعامل مع أزماتنا، مستعينين في ذلك بكم، وأنتم نخبة المفكرين والصحافيين من الشرق والغرب».
من جهته، قال المدير العام لشبكة «الجزيرة»، وضاح خنفر، الذي كان أيضاً من المتحدثين في الجلسة الافتتاحية، إنّ المنتدى يأخذ هذا العام منحى جديداً للغوص في العالمين العربي والإسلامي «لفكّ تركيب معقد استعصى على الفهم من المحللين والإعلاميين، وحتى الساسة والمفكرين». وأضاف أنّ «عالمنا العربي يعيش في حالة انتقال بدأت منذ الحرب العالمية الأولى»، موضحاً أنّ هذا العالم لم يصل إلى الاستقرار بعد، مقدماً خريطته السياسية غير الثابتة دليلاً على صحة رأيه.
وشدد خنفر على أنّ ذلك هو ما دعا المنتدى إلى الوقوف لإنعام النظر في المصطلح والمفهوم، وخصوصاً في ظلّ ما تواجهه الصحافة من السطحية نتيجة الأزمة المالية الطاحنة. وأكد «جسامة المهمة»، قائلاً إنّ «المؤسسات الإعلامية التي قلصت في تغطيتها لعالمنا العربي تجاهلت تطورات هائلة ستنعكس على العالم أجمع».
(الأخبار)