بول الأشقرقبل ثلاثة أشهر، لم يكن هناك أيّ حدث مهم في ما يتعلق بالرئاسيات الكولومبية. كان الرئيس سالفادور أوريبي ينتظر الاستفتاء الذي يجيز له الترشح لولاية ثالثة. في المقابل، كان همّ المعارضين الوحيد كيفية إجباره على خوض دورة ثانية. لكنّ المحكمة الدستورية عارضت التجديد، وتحوّل الحدث إلى مسلسل مثير خاتمته مجهولة، وقد يحطم أرقام المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
أثبتت انتخابات أواسط آذار النيابية غلبة الأفكار «الأوريبية» وأحزابها، وقد حصل حزبا الوحدة الوطنية والمحافظ المواليان على الأكثرية المطلقة في مجلسي النواب والشيوخ، وكرّست أرجحية وزير دفاع أوريبي خوان مانويل سانتوس، وقضت على طموحات سيرجيو فاخردو، عمدة مدينة ميديين سابقاً والرجل المرجح لتمثيل المعارضة لو ترشح أوريبي، إذ لم يحصل حزبه على عدد كاف من الأصوات ليتمثل في البرلمان. في موازاة الانتخابات البرلمانية، جرت في اليوم نفسه انتخابات أوّلية في حزبين لتحديد مرشحيهما في الاستحقاق الرئاسي: من جهة معركة طاحنة في صفوف الحزب المحافظ فازت فيها نويمي سانين، الوزيرة والسفيرة ومرشحة سابقة، على وزير الزراعة أندريس فيليبي أرياس الملقب بـ«أوريبي الصغير». ومن جهة أخرى، معركة من نمط آخر في صفوف حزب الخضر حيث تنافس آخر ثلاثة رؤساء بلدية في العاصمة بوغوتا، واحد يميني والآخر وسطي والثالث يساري، انتسبوا معاً إلى الخضر وقاموا بحملتهم معاً، وكلّ واحد منهم يشرح ما هي ميزات المرشحين الآخرين. نمط حضاري لم تتعوّده كولومبيا، ولكنّه على ما يبدو أثّر إيجاباً على الناخبين الذين أعطوا للخضر عدداً من البرلمانيين فاق طموحاتهم. وفي النهاية، اختير الفيلسوف «الوسطي» أنتاناس موكوس لتمثيل الحزب.
بين أواسط آذار وأواسط نيسان، تصدّر سانتوس بسهولة، وتلته سانين على مسافة محترمة، ثم بعيداً عنهما، المرشحون الأربعة الجدّيون الباقون: الأخضر موكوس والليبرالي رافايل باردو واليساري غوستافو بيترو والأوريبي المنشق جيرمان ييراس. وبدت حظوظ سانين أكبر للانتقال إلى الدورة الثانية.
لكنّ انسحاب فاخردو وقبوله نيابة الرئاسة مع موكوس قلب الطاولة رأساً على عقب.
مع بداية أيار، تجنّدت كلّ الأوساط التقليدية، وعدّل سانتوس استراتيجيته، فغيّر ألوان حملته، وتبنّى ألوان الرئيس. ونجح في وقف النزف. ومنذ أسبوعين، هو وموكوس متعادلان، ومن المؤكد أنّهما سينتقلان غداً إلى الدورة الثانية في 20 حزيران.
أراد سانتوس تحويل الحملة الانتخابية إلى استفتاء على السياسات الأمنية التي تؤيّدها الأكثرية، والتي تتلخص بمحاربة «الفارك». ومع عودة المسائل الاقتصادية والاجتماعية إلى الواجهة، نجح موكوس في تسليط الأضواء، لا على السياسات الأمنية التي سلّم بها وحسب، بل على وسائلها. ورأى أنّ هذه السياسات تفقد قيمتها إذا اعتمدت على وسائل غير شرعية، في إشارة إلى فضائح الباراميليتاريس والاستخبارات التي لوّثت ولايتَي أوريبي.
لا أحد يعلم اليوم من سيكون رئيس كولومبيا القادم، بين «الأخضر» موكوس الذي يرى أنّ الوسيلة هي التي تجوهر الهدف، و«الأوريبي» سانتوس الذي يعتقد أنّ كل الوسائل متاحة لإدراك الهدف.