strong>مصالح اقتصاديّة واستراتيجيّة تعرقل إمرارهالا يبدو أن محاولات الضغط التي قامت وتقوم بها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على الصين، لثنيها عن موقفها تجاه فرض عقوبات مشددة على إيران بسبب برنامجها النووي، قد أتت ثمارها، حتى الآن. فالعلاقة الاستراتيجية بين التنين الشيوعي وحكم الملالي الإسلامي وصلت إلى مستوى الذروة، حتى تجاوزت قضية مصالح اقتصادية أو تبادل تجاري

معمّر عطوي
بات من المُسلّم به في الواقع السياسي الدولي، أن الصين مرشّحة بامتياز لتبوّء المركز الأول في العالم، على لائحة الدول العظمى اقتصادياً وجيوستراتيجيّاً وديموغرافيّاً. واقع يقودها في المدى القريب لتحتل المركز الاقتصادي الثاني بعد الولايات المتحدة، مكان اليابان، إضافة إلى تمتعها بحق النقض في مجلس الأمن الدولي كعضو دائم إلى جانب أربع دول أخرى في العالم، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا.
القوّة الصينية وموقعها في مجلس الأمن وموقفها من الملف النووي الإيراني، عوامل تشجّع إيران على التمسك بنهجها النووي، وعدم التنازل عن برامجها في تطوير تقنياتها على مستوى تخصيب اليورانيوم «قيد أنملة»، حسبما يكرر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وبعيداً عن الموقف الروسي، الذي لا يزال متذبذباً بين موافق على العقوبات وغير مستبعد لإقرارها، وبين معتبر بأنها مبكرة أو غير مجدية، اجتازت بكين منعطفات خطيرة في علاقاتها بواشنطن والغرب عموماً، لتحافظ على علاقتها الاستراتيجية مع نظام الملالي.
فالدولة المرشّحة لأن تصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم بحلول عام 2026، حسب تقرير المصرف الأميركي «غولدمان ساكس»، تستمر في مواقفها الرافضة لأي عقوبات مشدّدة على طهران، متمسكة بالحل الدبلوماسي. ولهذا الموقف أسباب عديدة، منها ما يعتبر سنداً ومنها ما يمكن وصفه بالتبرير العملي.
لعل آخر محاولات تغيير موقف بكين تجاه طهران، كانت إسرائيلية، تمثّلت بزيارة وفد سياسي اقتصادي من الدولة العبرية في شباط الماضي (2010)، إلى الصين.
من الواضح أن الوفد حمل معه حوافز وإغراءات عسكرية واقتصادية، بهدف إسالة لعاب التنين نحو ما يمكن أن يعوّضه عن الحساب الإيراني المفتوح، نفطاً وغازاً وأسواقاً لاستهلاك البضائع الصينية. لذلك ترأس الوفد الإسرائيلي وزير الشؤون الاستراتيجية، رئيس الأركان السابق موشيه يعلون، الذي يمثّل دور المفاوض في مسألة التعاون التكنولوجي، وضمّ محافظ المصرف المركزي، ستانلي فيشر، الذي يتولى المسائل المتعلقة بالاقتصاد والاستثمارات، وهو ما تسعى الصين إلى تعزيزه.
واللافت أن هذه الزيارة، التي استغرقت أياماً، أتت استجابة لانتقادات لاذعة من الدوائر السياسية والإعلامية الإسرائيلية، بسبب «إهمال» الصين في حملة الحكومة الإسرائيلية ضد المشروع النووي الإيراني.
وبدا أن الوفد الإسرائيلي فشل في مهمته، في تكرار واضح لما حدث في عام 2007، حين زار الصين رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك إيهود أولمرت، ونائبته وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. زيارة تكللت يومها بالفشل في إقناع المسؤولين الصينيين بفرض عقوبات على إيران.
هذا الفشل لم يثن الدولة العبرية عن محاولات لاحقة قد تتمثّل بزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى بكين، الذي سبقه إليها أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي.
وإذا ما تأملنا حجم التبادل التجاري بين الصين وإسرائيل، والذي لا يتجاوز 5 مليارات دولار، فإن النتيجة ستكون صعبة أمام الوفد الإسرائيلي، الذي لا يدرك أهمية حجم هذا التبادل بين الصين وإيران، والذي تجاوز 29 مليار دولار، لتصبح بكين أكبر شريك تجاري للدولة الإسلامية على مستوى العالم.
الوفد الإسرائيلي فشل في مهمته في تكرار واضح لما حدث في عام 2007
الموقف الصيني تجاه إيران، تعزّز أكثر في السنوات الأخيرة، ولا سيما أن بكين أصبحت الدائنة الأولى لواشنطن ومنقذتها الأساسية في أزمتها المالية الكبرى (تجاوزت قيمة الديون التي حصلت عليها أميركا من الصين التريليون دولار).
لعل ذلك يتبيّن أكثر من خلال موقف بكين في المفاوضات السداسية في 17 كانون الثاني 2010، حين أرسلت مندوباً ذا مستوى أدنى من مندوبي الدول الخمس الأخرى المعنية بمناقشة الملف النووي الإيراني (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا). رسالة واضحة تشير إلى أن التنين الآسيوي لن ينخرط في لعبة القوى العظمى ضد حليفته الاستراتيجية، والتي ينبغي المحافظة على قوتها ودورها الجيوستراتيجي في منطقة شرق آسيا وجنوبها.
هذا الموقف، يعبّر عن دلالات إيديولوجية تجمع بين النظامين الشيوعي والإسلامي في وجه عدوّ تاريخي، لم يتخلّ يوماً عن حلم تحقيق إمبراطوريته على حساب مصالحهما ونفوذهما.
كذلك ينسجم الموقف مع حقيقة تاريخية تتجسّد بأهمية الحفاظ على دور طهران في المنطقة، كمركز أساسي لمصادر الطاقة من غاز ونفط، وكممر حيوي لموارد الطاقة إلى العالم، من خلال مضيق هرمز.
وربما تسعى بكين إلى عدم تعزيز موقف الغرب ضد إيران، على قاعدة أن إضعاف هذا البلد قد يقوّي شوكة الولايات المتحدة في المنطقة على حساب دولها، وقد يكون مقدمة لضرب كوريا الشمالية، الحديقة الخلفية التي تمثّل درعاً استراتيجيةً ومدى حيوياً تستخدمه الصين كورقة رابحة في وجه الخطر الغربي.
ما يجمع الصين وإيران لا يقتصر على المصالح الاقتصاديّة فحسب، إذ إن «قيام علاقات قوية بين البلدين يساعد على التصدي لسيطرة أميركا على الشرق الأوسط، ويزيد من مكانة بكين الاستراتيجية. فبكين ترى أن نفوذ إيران في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مفيد لتنفيذ جدول أعمالها السياسي والاقتصادي والاستراتيجي في المنطقة»، حسبما ورد في التقرير الأخير لمجموعة الأزمات الدولية.
وقد يكون للأزمة التي نشبت أخيراً بين واشنطن وبكين، على خلفيّة استقبال الأولى لزعيم التيبت الدالاي لاما، وتزويد تايوان بأسلحة متطورة بقيمة 6.4 مليارات دولار، إضافة إلى أزمة الهجوم التقني الصيني على موقع غوغل الأميركي، دور في تصلّب الصين تجاه مطالب الغرب في موضوع العقوبات الدولية على إيران.
بيد أن زيادة الاستثمارات الصينية في إيران، وارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين في كل المجالات، وخصوصاً في مجال الطاقة، يؤكد متانة العلاقة الاقتصادية بينهما.
على المستوى العملي، ترجع مواقف الصين المتصلّبة إلى أهمية إيران لها كثالث أكبر مصدّر من النفط الخام (أكثر من 400 ألف برميل يومياً، حسب تقديرات مجلة «التايم»)، وإلى المكاسب التي حصلت عليها الصين من استثمارات في قطاع النفط والغاز في إيران (بلغت هذه الاستثمارات 50 مليار دولار)، وخصوصاً أن الجمهورية الإسلامية باتت تحتضن ثاني أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم.
قيام علاقات قوية بين البلدين يساعد على التصدّي لسيطرة أميركا على الشرق الأوسط
لذلك لم تؤت زيارة وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أواسط شباط الماضي، إلى السعودية، أُكلها. فقد هدفت هذه الزيارة إلى مناقشة الملف النووي الإيراني مع المسؤولين السعوديين، الذين قيل إنها حملت إليهم اقتراحاً يقضي بأن يعرضوا على الصين زيادة إمدادات النفط، كتعويض عما يمكن أن تخسره في حال موافقتها على العقوبات المشددة على إيران في مجلس الأمن.
ووفق مصادر اقتصاديّة صينيّة رسميّة، فإن بكين استوردت خلال العام الماضي 204 ملايين برميل من النفط الإيراني، إضافة الى أن بعض الدول الآسيوية مثل ماليزيا وأندونيسيا والهند، دخلت على خط تعويض ما فقدته طهران من مشاريع جراء انسحاب الشركات الأوروبية من إيران، تنفيذاً للعقوبات الصادرة عن الأمم المتحدة ( 3 قرارات صدرت حتى الآن).
ولا يتوقف التعامل التجاري بين البلدين على مصادر الطاقة والنفط الخام، بل يشمل أيضاً الصادرات الإيرانية للصين، من مواد أولية وجلود ومعادن وكبريت، والذي قد يصل الى 60 في المئة من حجم التبادل التجاري، بينما ترفد الصين إيران بمنتجاتها التي أغرقت أسواق العالم، والتي بلغ حجمها إلى إيران نحو 40 في المئة.
كذلك بلغت استثمارات الشركات الصينية في مشاريع النفط والغاز في إيران نحو 50 مليار دولار، فقد وقّعت شركتا النفط الوطنية الإيرانية والنفط الوطنية الصينية عقداً بقيمة 7.4 مليارات دولار لتطوير المرحلة الحادية عشرة من حقل بارس في جنوب البلاد، لإنتاج 50 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.
وبدأت شركة «نيكو» الصينية العمل على تنفيذ عقد تطوير حقل أزادكان، تبلغ قيمته 100 مليار، فيما وقّعت إيران مع شركة «سينوبيك» في عام 2007 عقداً بقيمة ملياري دولار لتطوير حقل ياداوران، الذي ينتج 20 ألف برميل نفط يومياً.
والأهم من كل ذلك، المفاوضات الجارية بين شركة النفط الوطنية الصينية والشركات الإيرانية على شراء غاز مسال بقيمة 6.3 مليارات دولار، في وقت تستورد فيه إيران 22 مليون لتر من البنزين المكرر من الصين يومياً.
ووفقاً لمحطة «برس تي في» الإيرانية، ففي نهاية عام 2004 وصل حجم تصدير النفط الإيراني الى الصين يومياً نحو 300 ألف برميل، ما جعل من طهران في المرتبة الثالثة كجهة مصدّرة لبكين من النفط بعد أنغولا والسعودية.
وعلى صعيد المشاريع المتعلقة بالبنى التحتية، شاركت الصين في بناء مترو العاصمة الإيرانية، فيما جرى التخطيط لاستثمار 220 مليون دولار للمساعدة في تمويل طريق سريع جديد يربط بين طهران وبحر قزوين في ساحل البحر.
ومن الواضح أن العلاقات تتعدى ذلك الى المستوى العسكري، الذي يقول الخبراء إنه بدأ منذ انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979، من خلال تطوير تكنولوجيات أسلحة وصواريخ ومقاتلات دفاعية. وعن هذا تحدثت وكالة مهر الإيرانية للأنباء، في 18 آب 2005، أن إيران استقبلت وفداً عسكرياً من الصين لإجراء محادثات بشأن «تطوير العلاقات العسكرية، وتعميق العلاقات الثنائية بين البلدين».
ويروي موقع الدفاع الباكستاني أن الخبراء الغربيين يعتقدون بأن الصين تقف وراء تطوير صواريخ إيرانية مثل «نصر ــ 1». كما تحدثت صحيفة «واشنطن تايمز» الشهر الماضي عن التطورات الأخيرة في إيران، مؤكدة أن الصين تقدّم لطهران التكنولوجيّات الدفاعيّة ونظم الأسلحة.
وكشف موقع القوة العسكريّة الصينيّة «شاينا ديفنس ماسوب» في تقرير مؤرخ في 17 آذار الماضي، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قدّمت تقريراً للكونغرس في العام الماضي ينصّ على أن «الصين وروسيا ساعدتا إيران في التحرك نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الصواريخ الباليستية».
ويقول تقرير الموقع العسكري الصيني، إن صواريخ قصيرة المدى، من طراز «نصر 1» و«نصر 2» والتي يتجاوز مداها 60 ميلاً، صنعت في الصين، وقد أعلن أنها موجودة بحوزة القوات المسلحة الصينية، لكن باسم «هوندغو».
ويقول المهندسون الصينيون إن خبراء الأسلحة الإيرانيين استفادوا كثيراً من الخبرات الصينية في كيفية صناعة قطع غيار لنظم معدات حربية أميركية الصنع الموروثة من عهد الشاه، محمد رضا بهلوي.
علاوة على ذلك، وإن كان التنين الصيني يخشى ظهور دولة نوويّة في منطقته تساهم في سباق التسلح، بيد أنه قد يكون متفائلاً، على الأقل في المدى المنظور، أن طهران لا تمثّل ذاك الخطر على المجتمع الدولي ما دامت تُفسح المجال أمام الحوار. موقف قد يُستشفّ من كلام وزير الخارجية الصيني، يانغ جيه تشي، في 5 شباط الماضي، في ميونيخ، حيث حضر المؤتمر الأمني الدولي.
حينها قال «نعتقد أن إيران لم تغلق الباب تماماً بشأن اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكذلك بإمداد الوقود النووي.
نعتقد أن أفضل حلّ لهذا الموضوع يجب أن يكون من خلال الوسائل الدبلوماسية من أجل حفظ السلام والأمن في منطقة الخليج».
هذا الموقف ينبّه أيضاً إلى خطورة انعكاس أي توتر بين إيران والغرب على دول المنطقة، وبالتالي ستكون مصالح الصين عرضة للتهديد، كما هي الأسواق التي تستهلك منتجاتها.


تعاون صاروخي

يقول خبراء عسكريون غربيون إن صاروخ «نصر»، الذي أعلنت طهران تدشينه في شهر آذار الماضي، هو تطوير لأنظمة صواريخ «هوندغو» الصينية، المضادة للسفن، وهو قادر على تدمير أهداف تزن 3000 طن. وحصلت إيران سنة 1986 على صواريخ «سيلك وورم» الصينية المضادة للسفن وعلى أنظمة «سي 801» و«سي 802»، التي عزّزت قدرات إيران العسكرية. وساعدت الصين إيران خلال العقدين الأخيرين، في مجال تكنولوجيا الصواريخ، ولا سيما في ما يتعلق بصواريخ «سكود» الطويلة المدى وصواريخ «كروز». وباعت بكين لطهران صواريخ من طراز «سي إس إس»، مداها 150 كيلومتراً، وراجمات صواريخ، وزوّدتها بالمعدّات اللازمة لتطوير مصانع الأسلحة والذخيرة الإيرانية. ولعل أهمّ اتفاقيّة بين الجانبين، هي اتفاقية التعاون النووي الثنائية المشتركة، التي وقّعت في عام 1992، وتقضي بتزويد إيران بالمعدات والمساعدات التقنية خلال عقد كامل.
يشار إلى أن الصين ساعدت الجمهورية الإسلامية منذ أواخر الثمانينيات في بناء المنشآت والمراكز البحثية، وكذلك في تدريب العديد من العلماء والتقنيّين الإيرانيين في الصين.


بكين تتمسّك بالحلّ الدبلوماسي: على استعداد لمناقشة معاقبة طهرانكل الأنظار تتجه إلى الصين هذه الأيام، حيث مربط فرس العقوبات الدولية التي يمكن فرضها على إيران بسبب برنامجها النووي. بيد أن بكين وإن وافقت على عقد محادثات سداسية بشأن الإجراءات الجديدة فهي لا تزال متمسّكة بالحل الدبلوماسي
وافقت الصين على عقد محادثات «تتّسم بالجدّية» مع القوى الغربية بشأن فرض عقوبات جديدة على إيران، التي يجري أمين مجلسها الأعلى للأمن القومي، سعيد جليلي، مباحثات مع المسؤولين الصينيين في بكين، منذ يوم أمس.
والتقى كبير المفاوضين الإيرانيين وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي، كما التقى عضو مجلس الدولة الصيني، داي بينغ غوه، وبحث معهما توسيع وتطوير العلاقات بين طهران وبكين وكذلك القضايا الدولية، حسبما ذكرت وكالة مهر الإيرانية للأنباء.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشين غانع، قوله إن «الصين تعبّر عن قلقها الجدي من وضع المسألة النووية الإيرانية، وهي على اتصال وثيق بالأطراف المعنية وتسعى إلى تسوية مناسبة عبر السبل الدبلوماسية». ولم يعط تشين أي إشارة إلى النية في فرض عقوبات، لكنه قال إن الدول الست تشاورت الأربعاء واتفقت «كل الأطراف على استمرار الاتصال عبر قنوات مختلفة».
وشدد المتحدث الصيني على أن بلاده تصر على «ضرورة حماية نظام حظر الانتشار النووي العالمي، وفي هذه الأثناء لا بد من أخذ السلام والاستقرار الإقليمي بعين الاعتبار».
في غضون ذلك، قال تشين إن الرئيس الصيني، هو جين تاو، سيحضر قمة بشأن الأمن النووي تعقد في واشنطن هذا الشهر.
في المقابل، نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، رامين مهمانبرست، قوله في طهران، إن العقوبات السابقة ضد بلاده لم تفلح. وأضاف إن الدول الأخرى يجب ألا تلجأ إلى «أساليب خاطئة مثل الضغوط والعقوبات».
وكان مسؤولون في بكين قد ذكروا أن الصين وافقت على الانخراط في محادثات «تتسم بالجدية» مع شركائها، الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في شأن بحث رزمة العقوبات الجديدة على إيران.
وفي السياق، أعلنت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، أن الصين وافقت على التفاوض في هذا الشأن.
وفي نيويورك أيضاً، قال وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، «لقد وافقوا على البدء»، مشيراً إلى «أن التحدث عن الموضوع هو خطوة جديدة إلى الأمام».
ورأت مندوبة إسرائيل لدى الأمم المتحدة، غابرييلا شاليف، في حديث مع الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، أن موقف بكين الجديد يعبر عن «تغيير وتقدم مهمين من جانب الصين، التي خففت من حدة معارضتها لفرض عقوبات جديدة على إيران»، محذّرة من «فرح سابق لأوانه» في هذا المجال.
وأضافت شاليف أنه «في النهاية، فإن الأمم المتحدة لن تفرض عقوبات تشلّ النظام الإيراني كتلك التي تطالب بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون». وأكدت أن «العقوبات الجديدة، إذا افترضنا أنها ستعتمد، لن تمنع إيران من مواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم، وستستهدف حصراً حرس الثورة» الإسلامي. وأشارت إلى أن بعض الدول مثل الولايات المتحدة قد تعمد إلى فرض عقوبات موازية لتلك التي سيفرضها مجلس الأمن الدولي، وقد تكون «أقسى».
في هذا الوقت، حثّت منظمة «هنري جاكسون» البريطانية، الصين على أداء دور حيوي في الجهود الرامية إلى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، ورأت، في بيان، أن نظام إيران يمثّل تهديداً أمنياً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي.
ورحّبت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات، والتي تضم نواباً وسياسيين بريطانيين، بما اعتبرته «تحولاً إيجابياً محتملاً في السياسة الصينية، وبقرار الرئيس هو جينتاو حضور القمة النووية في واشنطن وإبدائه استعداد بلاده لمواصلة مناقشة اتخاذ إجراء جديد في مجلس الأمن الدولي ضد إيران»، مشيرة إلى أن السياسة التي انتهجتها منذ العام الماضي إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، للانخراط مع النظام الإيراني «لم تؤدّ إلى شيء».
وفي موسكو، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، أندريه نيستيرينكو، «إننا لا نؤمن بفاعلية العقوبات للتوصل إلى تسوية شاملة للوضع، لكن لا بد أحياناً من الاستعانة بهذه الآلية لحمل طهران على اتخاذ موقف بنّاء أكثر في المحادثات، ويقوم تعاوننا مع السداسية على هذا المبدأ بالذات، وذلك في إطار اتباع مسارين لطالما أعلنّا التزامنا بهما».
وأضاف نيستيرينكو «من جهة أخرى، فإننا مقتنعون كما في الماضي بضرورة اتخاذ موقف متوازن من استخدام العقوبات وفقاً لمدى استعداد إيران للتعاون كيلا نغلق باباً للحوار اللاحق، وبالإضافة إلى ذلك فإن العقوبات يجب أن تكون ذكية، أي لا تحمل طابع الإجراء العفوي والعقاب الشامل للبلاد بأسرها، يجب أن تتخذ إجراءات كهذه بشكل مركّز ودقيق، وتهدف إلى تعزيز نظام حظر انتشار السلاح النووي».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، مهر)