أوباما ومدفيديف يوقّعان الاتفاقيّة للضّغط على إيران وكورياربى أبو عمّو
وَصَل باراك أوباما إلى البيت الأبيض، حاملاً معه أحلاماً كثيرة. بدا كشخصيّة «بابا نويل» الساعية إلى تحقيق السعادة لكل أطفال العالم، من دون أن تنجح. هكذا، أطلق أوباما «أحلاماً» تُعدّ أبلغ تعبير عن رؤيته لمصالح بلاده، بدءاً من حل الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي وقضية الشرق الأوسط، وليس انتهاءً بتحقيق عالمٍ خالٍ من الأسلحة النووية. وحين اتفق أوباما ونظيره الروسي ديمتري مدفيديف على توقيع اتفاقية «ستارت» الجديدة، اليوم، خلفاً لـ«ستارت 1» التي انتهى العمل بها في كانون الأول من العام الماضي، عمل على توظيف هذه الخطوة لمصلحة حلمه: عالمٌ لانووي. حتى بدا كأنه «مُطلق الحمامات البيض».
هكذا، أخذ الرئيس الأميركي قسطاً من الراحة وابتسم. إنه «إنجازه» الثاني ربما بعد تصديق الكونغرس على مشروعه لإصلاح الضمان الصحي. احتاجت «ستارت» الجديدة إلى وقت قُدّر بـ10 اتصالات هاتفية و5 لقاءات بين الرئيسين. ووصفها أوباما بأنها «خطوة جديدة لتحقيق طموحاتنا وآمالنا: شراكة قوية مع نظام فلاديمير بوتين (رئيس الحكومة)، عمل جماعي لوقف اتجاه إيران وكوريا الشمالية نحو امتلاك الأسلحة النووية، وصولاً إلى عالم خال من الأسلحة النووية».
ورغم أهمية الاتفاقية في تكريس شراكة سياسية بين واشنطن وموسكو، إلا أن النقطة الأخيرة في ثلاثية أوباما (مع توقيع قرار إغلاق معتقل غوانتنامو) هذه تحتلّ المرتبة الدنيا في سياسة البيت الأبيض الخارجية. وتأتي على الأكثر في سياقٍ إعلامي بحت، يهدف إلى الضغط على الدول الراغبة في الاقتداء بأميركا وروسيا، نووياً. فالتقليص لا يلغي أن واشنطن وموسكو تمتلكان 95 في المئة من الأسلحة النووية في العالم.
وفي السياق، حدد الخبير في معهد «كاتو» الأميركي دوغ بانداو أهمية الاتفاقية من خلال «تحقيق علاقات جيدة مع روسيا»، الذي رآه «أمراً حيوياً جداً بالنسبة إلى أوباما الذي يسعى إلى توحيد موقف القوى الكبرى لدفع إيران إلى التعاون في قضية برنامجها النووي».
وتنصّ المعاهدة على خفض عدد الرؤوس النووية لدى البلدين بنسبة 30 في المئة عمّا نصّت عليه معاهدة خفض الترسانة النووية الاستراتيجيّة للبلدين المعروفة بمعاهدة موسكو أو «سورت»، والموقّعة عام 2002، ليتحدد عدد الرؤوس النووية بـ1550 لكل من الدولتين. فضلاً عن تحديد عدد الصواريخ (صواريخ عابرة للقارات أو محمولة على متن غواصات وقاذفات) لدى كل من البلدين، سواء أكانت منشورة أم لا، بما لا يزيد على 800 صاروخ.
وفي ما يتعلق بالدرع المضادة للصواريخ، أوضحت واشنطن أن المعاهدة لا تفرض أي قيود عليها على صعيد التجارب وعمليات تطوير ونشر أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ، سواء الجارية منها أو المقرر إجراؤها. كما أنها لا تعوق المشاريع الأميركية على صعيد الضربات بأسلحة تقليدية بعيدة المدى.
ولناحية المراقبة، نصت المعاهدة على إجراء عمليات كشف ميدانية على المنشآت النووية وتبادل معلومات وبيانات والإعلان المتبادل عن الأسلحة الهجومية والمواقع النووية.
ويمكن هذه الاجتماعات، التي أنتجت هذه البنود، أن تنتهي ببساطة، إذ ينص أحد البنود على إمكان انسحاب أيّ من الطرفين من المعاهدة.
أمر الانسحاب هذا لمّح إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل يومين من التوقيع، قائلاً إن من حق بلاده الانسحاب من المعاهدة الجديدة «في حال قيام واشنطن بتوسيع منظومة الدفاع المضاد للصواريخ كمّاً ونوعاً، وتأثيرها على القوات النووية الاستراتيجية الروسية تأثيراً ملموساً».
وذكّر لافروف بمعاهدة عام 1972، التي كانت تفرض قيوداً على إنشاء منظومات شاملة للدرع الصاروخية. وقال إن «الولايات المتحدة خرجت منها. وقد عبّرنا عن أسفنا الشديد بهذا الشأن. ولا نزال نواجه عواقب تلك الخطوة، علماً بأن مسائل إنشاء منظومات درع صاروخية من جانب واحد لم تحل بعد».
لطالما كانت الأسلحة النووية جزءاً من «توازن رعب» مع الاتحاد السوفياتي. إلا أنه يبدو أن إدارة أوباما تتجه نحو سياسة جديدة «تعطي دوراً أكبر للأسلحة التقليدية في عملية الردع»، بحسب البيت الأبيض، الأمر الذي أعلنته الإدارة الأميركية أول من أمس في تقرير حول عقيدتها النووية الجديدة.
وقال الخبير في الشؤون الروسية في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، أندرو كوشنز «من المؤكد أن دور الأسلحة النووية في أمن الولايات المتحدة يتقلص شيئاً فشيئاً». وأوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «الفكرة تنطوي على أمتلاك أسلحة تقليدية فتاكة، بإمكانها أن تضرب أيّ هدف في العالم خلال ساعة».
فتحت «ستارت» الجديدة الباب أمام شراكة روسية ـــــ أميركية تصب في رغبة الطرفين ومصالحهما. فبعد وصول أوباما إلى البيت الأبيض، طوى العديد من أخطاء الإدارة السابقة وأراد الانفتاح على روسيا. رغبة تنمّ عن حاجة أميركية إلى البلد الأوروبي الشرقي في عدد من الملفات، كإيران وأفغانستان. وقدّم في هذا الصدد عدداً من التنازلات، كان آخرها الإعلان عن تعليق نشر الدرع الصاروخية في كل من بولندا وتشيكيا.
في المقابل، تبحث روسيا عن شراكة مع أميركا وأوروبا، في ظل إدراكها في المرحلة الحالية عجزها عن التحول إلى قطب يحاكي ما كان عليه الاتحاد السوفياتي.
أما أوباما، فقد يواصل «التبشير» بالسلام، مستخدماً الجملة السحرية هذه في تحقيق حلمه الحقيقي، ألا وهو مصالح أميركا في العالم.


رفض النوويوأمام الأمم المتحدة، وقف رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي (1984 ـ 1989) معلناً أن «الحرب النووية لا تعني موت مئة مليون شخص، بل هي انقراض أربعة آلاف مليون شخص. إنها نهاية الحياة كما نعرفها على كوكبنا».
(الأخبار)