ربى أبو عموأكثر ما يُقلق المحللين الروس، رغم توقيع بلادهم اتفاقية «ستارت» الجديدة مع الولايات المتحدة، هو عدم الحسم في قضية نشر الدرع الصاروخية في عدد من دول أوروبا الشرقية الواقعة على الحدود الروسية. ووصفت صحيفة «برافدا» الروسية الاتفاقية بأنها «ليست مجرد بداية، بل تفتح الباب أيضاً نحو المستقبل». لكنها ترى أن الكثير من الأشياء «يعتمد على خطط واشنطن وأجندتها الخفية. وتبقى الأفعال أعلى صوتاً من الأقوال».
وأصرت الصحيفة على اعتبار أن القضية الشائكة تكمن في استمرارية خطط نشر الدرع الصاروخية الأميركية في المناطق التي وصل إليها حلف شمالي الأطلسي، رغم الوعود التي قدمت إلى روسيا بعدم نشرها. ورأت أن التخطيط لنشر الدرع بموازاة التفاوض على معاهدة الحد من الأسلحة، هو كمن «يصافح الآخر باليد اليمنى فيما يخفي سكيناً باليسرى خلف ظهره».
وتابعت «برافدا» أنه فيما ترى موسكو أن توقيع المعاهدة هو بمثابة فتح صفحة جديدة بين البلدين، يبدو سلوك واشنطن عبثياً، إذ تصر على أن خططها لبناء دفاع صاروخي لا تزال خارج القواعد التي تقيد تطوير هذه النظم ونشرها. ورمت الكرة إلى ملعب واشنطن. وأشارت إلى أنه رغم قدرة روسيا على تدمير أي تمركز لحلف شمالي الأطسي قرب حدودها بكبسة زر، وحرق أي درع صاروخية على بعد 100 كيلومتر بغضون ثوان، ينصب الحديث اليوم عن السلام والخطط المشتركة لبناء عالم أفضل. وخلصت إلى أنه «إذا أرادت واشنطن أن تلعب بالكرة، فلنلعب. أما إذا أرادت أن تلعب بلعبة الثور، فعليها أن ترقى إلى مستوى النتائج. موسكو مستعدة للاحتمالين. ولطالما كانت».
أما صحيفة «إزفستيا»، فربطت بين توقيع المعاهدة والحرب الباردة، قائلة إن «هذا التوقيع سيكون الأخير في تاريخ الاتفاقيات الموروثة عن فترة الحرب الباردة». ورأت أن «المفاوضات الماراثونية بين البلدين أدت إلى وثيقة تمثّل نموذجاً للتنازلات المتبادلة في المجالين العسكري والسياسي».
ورأت الصحيفة أن «الولايات المتحدة لم تعد توقع أي اتفاقات مبنية على الاعتراف بالندية الكاملة إلا مع روسيا، لأن الترسانة النووية التي تمتلكها روسيا قادرة نظرياً على تدمير الولايات المتحدة بالكامل. وهذا ما يرغم واشنطن على معاملة موسكو بجدية كبيرة مقارنة بتعاملها مع بلدان لا تمتلك أسلحة نووية».
في المقابل، بدا الكاتب الروسي ألكسي أرباتوف، في مقال مطول نقل من خلاله وجهة النظر الروسية حيال الاتفاقية، أكثر تركيزاً على النقاط الخلافية. وبعد سرده لفحوى المعاهدة والتسلسل الزمني للمفاوضات، توقع أن تنشأ معارضة قوية في روسيا، مشيراً إلى أن حملة على ستارت الجديدة قد بدأت، رغم أن لا أحد اطّلع على مضمونها. فالعسكريون الروس المتخصصون في مجالات الحد من الأسلحة ومنظومات الأسلحة وغيرها، يمتلكون معلومات كثيرة.
وتتضمن لائحة الانتقادات بداية الدرع الصاروخية الأميركية التي يرى الروس أن واشنطن لم تتراجع عنها كلياً. كذلك فإن «ستارت» لم تتضمن الاتفاق على عدد كبير من منظومات الأسلحة التي يمكن أن تضيف قيمة حقيقية للقوة الهجومية الاستراتيجية النووية الاميركية.
وأشار أرباتوف إلى أن الولايات المتحدة تخطط لخفض عدد الرؤوس الحربية جزئياً من خلال إزالة بعضها وتخزينها. وإذا ما قررت الانسحاب، فستكون قادرة على تحويل هذه الرؤوس إلى صواريخ مجدداً، على أن تكون قادرة على إعادة بناء ترسانتها النووية في غضون أشهر.