واشنطن ـــ محمد سعيد خاص بالموقع- تبدأ القمة النووية، التي يستضيفها البيت الأبيض، أعمالها يوم الاثنين، بمشاركة قادة ورؤساء حكومات ووزراء خارجية 47 دولة، فيما يُعدّ بمثابة محاولة لتسجيل فصل جديد في تاريخ القوة النووية.

وتعقد القمة النووية بعد حدثين هما إعلان إدارة الرئيس باراك أوباما تقرير «مراجعة الوضع النووي» الجديد، والتوقيع الأسبوع الماضي في براغ على معاهدة «ستارت» بين الولايات المتحدة وروسيا لخفض مخزونات الأسلحة الاستراتيجية.

ورغم أن تقرير «مراجعة الوضع النووي» جاء مخيّباً لآمال الناشطين في مجال نزع السلاح النووي، الذين كانوا يأملون إعلاناً أميركياً بعدم المبادرة إلى استخدامه، فإنّه يمثّل عقيدة نووية كبيرة جديدة. فبينما كانت الولايات المتحدة تحتفظ بحق استخدامه للرد على أي هجوم عليها أو على حلفائها بأسلحة دمار شامل، فقد عُدِّل الوضع الآن، لكي تمثّل الأسلحة النووية رادعاً ضد هجوم نووي.

وتعدّ الولايات المتحدة التوقيع على معاهدة ستارت الجديدة، والقاضية بخفض الأسلحة النووية لدى البلدين بمقدار الثلث، بمثابة دليل قوي على جديّة واشنطن في السعي لإخلاء العالم من الأسلحة النووية بدءاً بنفسها وموسكو، وكلاهما يستحوذان على نحو 96 في المئة من الأسلحة النووية في العالم. وسيمهّد ذلك للتعديل المزمع لمعاهدة حظر الانتشار النووي، والذي سيُجتمع لأجله في الأمم المتحدة في أيار المقبل.

وينتظر المراقبون أن تُصدر القمة النووية قرارات وتوصيات تتناسب مع ثقل القمة ذاتها، وخاصة أنّ العالم يمرّ في منعطفات تاريخية تستوجب إعادة النظر في كثير من الأطر الدولية التي بدأت تفقد فعاليتها.

وقال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، بن رودس، إنّه ينبغي النظر إلى القمة من منظور نقطة البداية للطبيعة الخطرة التي تمثلها التهديدات النووية، وخاصة من قبل «جماعات إرهابية كتنظيم القاعدة الذي يسعى جاهداً للحصول على مواد نووية بنية استخدامها».

وستركّز القمة على وضع ضوابط ولوائح تنظّم نقل المواد النووية وتحصر حركتها، كما ستسعى إلى وضع إطار زمني لتأمين كافة المواد النووية في العالم في غضون أربع سنوات. وسيتضمن البيان الختامي توصيات بتشديد العقوبة على مهرّبي المواد النووية والمتاجرين غير الشرعيين بها، وخاصة المواد التي يمكن استخدامها في صنع أسلحة نووية.

وأوضح رودس أنّ القمة ستركز على تأمين مخزونات البلوتونيوم واليورانيوم العالي التخصيب، وهما المادتان الأساسيّتان في تصنيع قنابل نووية واسعة التدمير. وقد تعلن إدارة أوباما تقديم حوافز مادية تساعد الدول التي لديها مخزونات من المواد النووية على زيادة تأمين هذه المواد أو اتخاذ إجراءات بعينها، مثل قرار الحكومة التشيلية شحن مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب إلى الولايات المتحدة.

وتخشى الحكومة الأميركية أن تتحول القمة النووية، نظراًَ إلى مشاركة العديد من الدول الإسلامية والعربية فيها، إلى منبر للهجوم على إسرائيل والمطالبة بممارسة ضغوط دولية لإخضاع ترسانتها النووية وبرامجها للإشراف الدولي عبر الوكالة الدولية. وهذا هو السبب الرئيسي لتغيّب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن الحضور، وخاصة مع ورود تقارير عن أنّ مصر وتركيا قد تُلفتان الأنظار إلى ازدواجية المعايير النووية الدولية، وخاصة تجاه إسرائيل. ويمثّل هذا الأمر خللاً في نظام الضبط النووي العالمي، إذ إنّ إسرائيل ترفض حتى الآن الانضمام إلى الموقّعين على معاهدة حظر الانتشار النووي، لذلك فهي في حلّ من أي التزامات وردت في هذه المعاهدة التي أصبحت سيفاً على رقاب الموقّعين عليها، حتى لو حاولوا إطلاق برامج نووية للأغراض السلمية.

ويعني ذلك أنّ من يلتزم بالضوابط النووية الدولية يواجه عقاباً صارماً، بينما من يرفض التوقيع على المعاهدات المنظمة لذلك، يمكنه أن يفعل ما يشاء، وعلى المجتمع الدولي أن يغضّ الطرف عنه، ولا سيما إذا كان هذا الطرف هو إسرائيل.

وقد دافعت الإدارة الأميركية عن امتلاك إسرائيل لبرنامج نووي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي، يوم الجمعة الماضي، إنّ إسرائيل «لم تنتهك أي التزامات وردت في هذه المعاهدة. وادّعى أنّ سجل إسرائيل يظهر تعاوناً كاملاً بشأن قضايا حظر الانتشار النووي. وأشار إلى أن تل أبيب أبدت مسؤولية فيما يتعلق بقضايا منع الانتشار النووي. وأضاف «بناءً على هذا، فإننا نعتقد أنّها جزء من الحل وليست جزءاً من المشكلة». وزعم كراولي أنّ لدى إسرائيل برنامجاً نووياً سلمياً، وأنّ سجلّها يؤكد أنّها تصون التكنولوجيا التي في حوزتها وتحميها.

وقد حاولت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التخفيف من وقع عدم حضور نتنياهو، فأوضحت أنّ إسرائيل تبقى ممثَّلة في هذه القمة من خلال نائب رئيس الوزراء دان ميريدور. ورأت كلينتون أنّ حضور إسرائيل من الأهمية بمكان، لا لإلزامها باحترام النظام النووي الجديد، ولكن «لأنّها تشاطر الولايات المتحدة القلق تجاه طموحات إيران النووية والتهديدات الإرهابية النووية».

وقد رحّب البيت الأبيض بمشاركة ميريدور، واصفاً الدولة العبرية بأنها «الحليف الوثيق» الذي يعمل معه عن كثب فيما يتعلق بالأمن النووي. وقد وقّعت جميع الدول العربية معاهدة حظر الانتشار النووي، بينما لم توقّعها أي من الدول النووية الثلاث، إسرائيل والهند وباكستان. وتقدّر مراكز أبحاث وخبراء أميركيون أنّ لدى إسرائيل أسلحة نووية تتراوح ما بين 200 إلى 500.

وأشارت كلينتون إلى أنّ استراتيجية الولايات المتحدة لحماية نفسها وحلفائها من أي هجوم نووي ترتكز على دعم الإطار الأساسي لمعاهدة حظر الانتشار النووي من خلال صفقة ثلاثية الجوانب، تبدأ بموافقة الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية على عدم السعي للحصول عليها، وثانياً بسعي الدول التي تمتلك أسلحة نووية إلى التخلص منها، وثالثاً حق كل دولة في الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية بموجب الضمانات المناسبة.

الدول المشاركة في القمة

الولايات المتحدة، الجزائر والأرجنتين وأرمينيا وأوستراليا وبلجيكا والبرازيل وكندا وتشيلى والصين وجمهورية التشيك ومصر وفنلندا وفرنسا وجورجيا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإسرائيل وإيطاليا واليابان والأردن وكازاخستان وماليزيا والمكسيك والمغرب وهولندا ونيوزيلندا ونيجيريا والنرويج وباكستان والفيليبين وبولندا وجمهورية كوريا والاتحاد الروسي والسعودية وسنغافورة وسويسرا وجنوب أفريقيا وإسبانيا والسويد وتايلاند وتركيا والإمارات وبريطانيا وأوكرانيا وفييتنام.

كذلك هناك تمثيل للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية.