واشنطن ــ محمد سعيدتبدأ قمة الأمن النووي التي يستضيفها البيت الأبيض، فعلياً، اليوم الثلاثاء، إذ اقتصر يوم أمس على مواصلة الرئيس الداعي، باراك أوباما، لقاءاته القصيرة في «مركز وولتر للمؤتمرات» في واشنطن مع زعماء الدول المشاركة، علماً بأن 47 زعيماً سيحضرون إلى العاصمة الأميركية التي تحوّلت إلى قلعة أمنية حقيقية. والقمة المذكورة هي بمثابة تتويج لأسبوع طويل من الدبلوماسية الأميركية ـــــ النووية، التي بدأت بإعلان البيت الأبيض «العقيدة النووية الأميركية»، ومرّت بتوقيع واشنطن وموسكو اتفاقية «ستارت» الجديدة.
وفي ظلّ غياب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن القمة، يُتوقَّع أن تكون الكلمات والتوصيات متمحورة حول هدفين مركزيين: عدم السماح بـ«تسرّب» السلاح النووي إلى منظمات إرهابية أو «دول مارقة»، وحشد أكبر حلف دولي ممكن ضدّ السماح لإيران بتصنيع سلاح نووي، وخصوصاً أنّ الصين وروسيا مشاركتان في المناسبة، وهما دولتان تجاهد الولايات المتحدة لنيل موافقتهما على فرض عقوبات جديدة على طهران. وربما لهذا السبب، ندّد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، بالقمة، ووصفها بأنها «مهينة للإنسانية».
وكان أوباما قد كشف، في وقت متأخر أول من أمس، عن رؤيته للقمة، متوقعاً أن تمثّل «تقدماً هائلاً» على صعيد كبح الجهود التي تبذلها جماعات مثل «القاعدة» للحصول على أسلحة نووية، بما أن ذلك يمثّل «أكبر تهديد للأمن العالمي». وفي إشارة إلى الحملة التي تقودها بلاده لفرض عقوبات جديدة على إيران، شدد أوباما على ضرورة وجود «ردّ دولي قوي وموحّد» بشأن البرنامج النووي الإيراني.
كذلك تطوّع الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك بالكشف عن الأهداف الحقيقية للقمة، عندما قال، في حديث إلى صحيفة «واشنطن بوست»، إنّها «ستسهم في الحؤول دون حصول دول مثل إيران وكوريا الشمالية على السلاح النووي».
ومع لقاء أوباما ـــــ الملك الأردني عبد الله الثاني، اتخذ الاجتماع منحىً فلسطينياً ـــــ إسرائيلياً، مع تشديد المسؤولَين على ضرورة عودة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات «في أسرع وقت ممكن».
وعن التوقعات «المتواضعة» من القمة، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس إنها ستشهد إعلان إجراءات ملموسة اتخذتها بعض الدول تتعلق بجهود حماية الأسلحة النووية، مثل إعلان التشيلي تسليم ما لديها من يورانيوم عالي التخصيب إلى الولايات المتحدة، ومساعي واشنطن وموسكو للتوصل إلى اتفاق بشأن التخلّص من البلوتونيوم.
إلا أنّ مديرة برنامج أسلحة الدمار الشامل والإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي، لورا هولجيت، أكّدت أن البيان الختامي للقمة «لن يكون ملزماً من الناحية القانونية، بل مجرد وثيقة سياسية». وأوضحت أنّ ما تريده واشنطن من هذه القمة هو رفع مستوى الوعي وتعميقه والانتباه والمشاركة في المؤسسات الدولية، باعتبارها عناصر رئيسية في أدوات التعامل مع الخطر المتمثّل في المواد النووية غير المؤمنة والإرهاب النووي.

إسرائيل جزء من تحرّك جماعي يتعلق بالأمن النووي والإرهاب النووي، وليست جزءاً من المشكلة
وفي إشارة جديدة إلى ضعف فعالية القمة، كشف مسؤولون أميركيون أنّ المشكلة النووية التي تمثّلها الهند وباكستان غير مدرجة على جدول الأعمال، لأنّ من شأن إثارتها «أن تكون سبباً لشقاق وخلاف سياسي كبيرين».
واستبعد البيت الأبيض ما أُشيع عن احتمال إثارة مسألة البرنامج النووي الإسرائيلي خلال القمة، والمطالبة بأن تكشف إسرائيل أو تخضع ترسانتها النووية للتفتيش الدولي، نزولاً عند طلب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان. وقال رودس إنّ الولايات المتحدة «تعتقد أن إسرائيل ستكون جزءاً من تحرك جماعي يتعلق بالأمن النووي والإرهاب النووي، وليست جزءاً من المشكلة».
ويرى خبراء ومحللون أنه، رغم كل ما ترمز إليه القمة النووية والمراسم الخاصة بها، إلا أن أهدافها محدودة، تتمثل في السعي إلى إيجاد سبل لضمان أفضل للإمدادات الحالية للبلوتونيوم الصالح للاستخدام في تصنيع قنبلة وتخصيب اليورانيوم، وضمان أمن المواد النووية المعرضة للخطر، ومنع أعمال «الإرهاب النووي» والتخلّص الآمن من النفايات النووية.