معمر عطويبعد خمس سنوات على الاتفاق بشأنه بين برلين وموسكو، أبصر النور مشروع مدّ أنابيب الغاز عبر بحر البلطيق، أو ما يعرف في ألمانيا بخط أنابيب بحر الشرق، هذا الأسبوع، مع البدء ببناء المرحلة الأولى منه.
وكانت الاحتفالات ببدء بناء المشروع مناسبة ذكّرت من خلالها صحيفة «دي فيلت» الألمانية بأهمية المستشار السابق الاشتراكي غيرهارد شرودر في التوصّل إلى تنفيذ هذا المشروع، حيث عنونت تقريرها، يوم الجمعة الماضي، بأن «شرودر يحتفل باتفاقه في شأن الطاقة مع الروس».
وترى الصحيفة أن ثمة «قوة دافعة» تقف خلف «مشروع ـــــ ميغا»، كما يسمى، حيث عمل المستشار شرودر بقوة على مدى سنوات من أجل بناء خط أنابيب بحر البلطيق.
لكنّ المفارقة هي أن شرودر الذي بذل، رغم معارضة ألمانية داخلية، جميع الجهود لتطوير العلاقات مع موسكو وتجاوز رواسب الحرب العالمية الثانية، تعرّض في أواخر ولايته في عام 2005 لحملة ظالمة من بعض الساسة ووسائل الإعلام الألمان، على خلفية تقارير تقول إنه سيتسلّم بعد مغادرته منصب المستشار رئاسة مجلس إدارة الشركة الروسية الألمانية «غاز بروم»، وخصوصاً أن المستشار السابق هو الذي أرسى أساس المشروع مع الرئيس الروسي السابق رئيس الحكومة الحالي، فلاديمير بوتين. وقد اتهمته الأصوات المعارضة لهذه الخطوة باستغلال منصبه السياسي من أجل الحصول على مكاسب اقتصادية، رأت أنها لم تكن سوى نتيجة لما قدّمه من تسهيلات للشركة الروسية المعنية بالتنفيذ، من أجل إطلاق مشاريع مع ألمانيا وأوروبا.
شرودر الذي شارك في حفل إطلاق المشروع، الأسبوع الماضي، في منطقة بورتوفاجا الروسية القريبة من الحدود الفنلندية، أثنى على «الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا. والأهم من ذلك أن اتفاقه هذا، وإن بدأ تنفيذه متأخراً، قد لقي موافقة المستشارة المحافظة، أنجيلا ميركل، وحزب الخضر، الذي دقّق في الشروط البيئية للمشروع.
أمّا المستشارة ميركل، فقد رحّبت رسمياً، إلى جانب مفوّض الطاقة في الاتحاد الأوروبي غونثر أوتينغر، ببدء بناء المشروع، كإسهام في توفير أمن الطاقة في أوروبا، مع الإشارة إلى أن الغاز الروسي هو الذي يمثّل «الجزء الأهم» في سوق الطاقة الأوروبي، حسبما يرى أوتينغر، فيما يرى شرورد أن خط أنابيب الغاز هذا «سيصبح الخط الأكثر أماناً لإمداد الطاقة في أوروبا، وسيعمّق الشراكة الاستراتيجية مع روسيا».
أما الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، الذي حضر الحفل، فقد أكد أن أهمية هذا المشروع تكمن في أنها تضمن حاجة الجميع المتزايدة إلى الطاقة «إذا حافظنا جميعاً على البيئة وبحثنا عن خيارات متعددة من مصادر الطاقة، كالطلب على الوقود الأزرق (الغاز)».
من جهته، توقع رئيس كتلة الخضر في البرلمان الاتحادي الألماني، يورغن تريتن، توافر أمان أكبر من أجل إمداد ألمانيا بالطاقة، فيما رأت صحيفة «دي فيلت» أي (العالم)، أن الغاز من بين أنواع الوقود الأحفوري الأخرى، مثل النفط والفحم، هو أكثر أماناً للبيئة. ويمتدّ الخط الأول من هذه الأنابيب، الذي وُضع ابتداءً من الثلاثاء الماضي (6 نيسان 2010)، نحو 1220 كيلومتراً من روسيا إلى لوبمان في منطقة غرايفسفالد في قاع البحر، بالقرب من جزيرة غوتلاند السويدية.
وتبلغ التكلفة نحو 7.4 مليارات يورو، وينتهي العمل بهذا الخط في نهاية عام 2011، ويضخّ نحو 27.5 مليار متر مكعب من الغاز في العام. وبعد عام، ستتضاعف السعة ويصبح هناك أنبوب آخر مواز.