باريس ــ بسّام الطيارةمرّ اليوم الثالث للزيارة الفرنسية للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، شبيهاً باليومين الأوّلين، من دون تغطية إعلامية على المستوى الذي كان منتظراً، وخصوصاً أنه قبل لقائه مع الرئيس نيكولا ساركوزي، سوف يحتفل بيريز بإطلاق مبادرة «بيت أوروبا وإسرائيل المشترك»، إضافةً إلى حفل افتتاح متنزّه على ضفاف نهر السين، يحمل اسم مؤسس الدولة العبرية دايفيد بن غوريون، بناءً على اقتراح رئيس بلدية العاصمة الفرنسية برنار دولانوييه. مبادرة لقيت معارضة من داخل مجلس البلدية، إضافةً إلى بضع عشرات من المتظاهرين الذين احتجّوا، رغم أن بلدية باريس «عوّضت» على الفلسطينيّين بإطلاق اسم الشاعر الراحل محمود درويش على أحد أركان جسر الفنون، الذي يجمع بين ضفتي نهر السين المقابلتين لمتحف اللوفر الشهير.
ولم تكتفِ باريس بتنظيم «احتفالات صامتة» لبيريز، «صديق فرنسا الكبير»، فقد كانت الزيارة مناسبة لدفع مسار التقارب مع تل أبيب خطوة جديدة إلى الأمام، من خلال مشروع «بيت أوروبا وإسرائيل». مشروع يرى فيه البعض أنّه بمثابة «هدية ساركوزيّة لإسرائيل»، تعويضاً عن تأخير مسألة «رفع مستوى العلاقات الإسرائيلية ـــــ الأوروبية»، وابتعاد هدف «الشراكة المميزة» بعد العدوان على غزة.
التقارب السوري ـــــ السعودي لاستدراك تسلّل إسرائيل إلى الخليج
إلّا أن هذه الزيارة تأخذ أيضاً طابع «زيارة عمل على الملف الإيراني»، في ظل أجواء زيادة العقوبات بناءً على الإلحاح الفرنسي، وكأنه «يوجد سباق للوصول إلى فرض العقوبات قبل أن تحصل متغيّرات كبيرة في المنطقة»، كما يقول دبلوماسي رفيع المستوى لـ«الأخبار». بكلام آخر، «قبل أن تقوم إسرائيل بمغامرة ضرب إيران».
إلا أنّ أكثر من مراقب يلاحظ ابتعاد حكّام دولة الاحتلال عن التهديد بمهاجمة إيران، وتصاعد وتيرة تهديداتها للبنان وسوريا. ويرى مصدر مقرّب من ملف الشرق الأوسط، طلب عدم الإفصاح عن هويته، أنه «يجب ترك حيّز من الوقت لنرى ما إذا كانت التصريحات تدخل في إطار الضغوط غير المباشرة على طهران»، أم أنها عبارة عن ضغط على المجتمع الدولي ليفعّل العقوبات ضدها.
ويستبعد المصدر أن تستهدف إسرائيل سوريا في هذا الوقت، بعدما «جاء اعتراف أميركي بدور سوريا» في المنطقة، مشيراً إلى الموافقة على تعيين السفير الأميركي لدى عاصمة الأمويّين، روبرت فورد.
إلا أنّ مصدراً آخر رأى أنّ «التحركات الإسرائيلية» الأخيرة، تندرج في إطار الضغط على الساحة العراقية؛ ويفسِّر هذا الرأي بأنّ «إسرائيل لا تتردّد في اقتناص كل فرصة» للّعب على رقعة «الشرق الأوسط الكبير». ويشرح تحليله بأنّ تل أبيب، بتهديدها لحزب الله ولدمشق، تزيد من الضغوط على إيران، «وتصبح بذلك لاعباً في تأليف الحكومة العراقية». ويتابع المصدر شرح وجهة نظره بالتذكير بأنّ «الجدل الدائر في بغداد حالياً، يشبه إلى حد كبير ما ساد في لبنان قبل تأليف الحكومة».
ويستطرد بأنّ السعودية «لا يمكن أن تقبل أن تأخذ الحكومة العراقية لوناً لا يكون فيه للعرب السنّة وزن». ويقود تحليل المصدر إلى أنّ «تل أبيب تستفيد من هذه المرحلة عبر زيادة ضغوطها على طهران لتصل إلى بقية ملفات الشرق الأوسط».
ويرى المصدر نفسه أنّ «التقارب السوري ـــــ السعودي» هو إشارة إلى إدراك الرياض لهذه العقد التي تتسلّل منها إسرائيل إلى «الحديقة الخلفيّة الخليجية»، رغم أنه يوجد «توافق موضوعي في ما يتعلق بالخطر الإيراني».
ويستبعد المصدر عينه أن ينفجر الوضع بين سوريا وإسرائيل، معترفاً بأنّ «الدور السوري المتعاظم يستند إلى اعتراف أميركي» بضرورة التعامل مع دمشق، كاشفاً أنّ المفاوضات غير المباشرة بين الدولة العبرية وسوريا «كادت أن تعود إلى مسارها قبل أسابيع». وفي هذا الصدد، يلمّح دبلوماسي عربي، إلى أن القوة الصاروخية التي يتمتع بها حزب الله في جنوب لبنان، تمثّل نوعاً من «الردع الذي يوفّر الهدوء».