بول الأشقرخاص بالموقع - كانت برازيليا تستعدّ هذا الأسبوع لاستقبال قمتين خلال يومين. نهار الخميس قمة «إيباس» (الهند والبرازيل وأفريقيا الجنوبية) ونهار الجمعة قمة «بريك» (البرازيل، روسيا، الهند والصين). إلا أن زلزال الصين عدل في الأجندة، وجرت القمتان في يوم واحد: لكي يستطيع الرئيس الصيني هو جين تاو العودة السريعة إلى بلده.
وهذه المنظمات بحسب الرئيس البرازيلي لويس إغناسيو لولا داسيلفا «إيباس» و«بريك»، هي «منظمات تعبر جيداً عن الجغرافيا الجديدة السياسية والاقتصادية، التي يعيشها العالم في بداية القرن الواحد والعشرين... ونبحث من خلالها عن أجوبة تقدمية على هذه العولمة غير المتوازية وغير الشغالة التي يعيشها العالم».
«إيباس» أولاً، فهي مؤلفة من ثلاث دول ديموقراطية رائدة في قاراتها، إلا أن هذه الريادة لم تستطع أن تؤمن لها القدرة للتأثير على المستوى العالمي أو حتى الإقليمي. من هنا، فإن الطابع السياسي الإرادي أكبر في «إيباس» منه في «بريك»، حيث أرادت الدول أن يكون مبرر اجتماعاتها الدائمة تقليص الفقر في بلادها وفي العالم، وبدأت من عبرها تتطرق إلى المواضيع السياسية، كما دلت القمة الأخيرة التي استقبلت رياض المالكي، وزير خارجية السلطة الفلسطينية في حكومة فياض، أو كما عبرت تصاريح الرؤساء حول مسألة النووي الإيراني حيث أجمعوا، من خارج جدول الأعمال الرسمي، على استمرار التفاوض واستبعاد العقوبات ومطالبة إيران بإبداء مرونة وشفافية في التعاطي مع الملف.
أما «بريك» فشيء آخر ــ واضع العبارة هو مقال لشركة «غولدمان ساكس» عام 2001 للصحافي أونيل عن اقتصادات المستقبل... وقد تبنّتها دبلوماسيات الدول الأربع ــ هنا نحن أمام لاعب اقتصادي من الطراز الأول: كان يمثل قبل عقد 8 في المئة من الناتج العالمي وأصبح اليوم 15 في المئة منه، والأهم ربما أن «بريك» ستكون مسؤولة حسب صندوق النقد العالمي خلال حقبة 2008 ـ 2014، عن 61 في المئة من النمو العالمي.
وسيتخطى ناتج «بريك» عام 2032 ناتج مجموعة الدول السبع، سنوات قليلة بعد أن يتخطى ناتج الصين والولايات المتحدة (عام 2027). بالتأكيد، لكل واحدة من الدول الأربع نقاط ضعف جدية: ففي الصين، المشكلة الديموقراطية وآثار هيكلية الديموغرافيا بعد عقود من العائلات بولد واحد، في الهند المشكلة التربوية مع مئات الملايين من الأميين والتفتت المناطقي، في روسيا الانحطاط الديموغرافي وقد تراجع عدد سكانها، والارتهان الاقتصادي إلى موارد الطاقة، والبرازيل بنموها الأضعف وبموقعها المتواضع في التجارة العالمية وفي ارتهانها للمواد الأولية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المجموعة لديها صعوبات على المستوى السياسي، تعود بالأساس إلى أن عضوين من «بريك» بعكس الباقين هما عضوان دائمان في مجلس الأمن. أو كما وصفها وزير الخارجية البرازيلي سيلسو أموريم «لأننا نريد المساهمة في خلق عالم يكون فيه صوت الجميع مسموعاً أكثر وليس استبدال أرستقراطية مجموعة الدول الثماني القديمة بأرستقراطية الدول الصاعدة الجديدة».
وبسبب هذه المفارقة بالذات التي تعبر عن موقع متميز للدول الأربع في إدارة شؤون العالم (روسيا والصين عضوان دائمان في مجلس الأمن)، يظهر ضعف الأداء على المستوى السياسي، حيث هناك فوارق حقيقية بين الأعضاء حول مسائل مثل إصلاح مجلس الأمن أو السياسة النووية العالمية أو التغيرات المناخية وغيرها التي لم توضع رسمياً على جدول الأعمال مع أنها كانت مواضيع مشاورات مشتركة (التغيرات المناخية)، أو ثنائية (الملف الإيراني).
وأخيراً، ما يجب استخلاصه من قمة «بريك» مذكرة التعاون والأداء المشترك بين مصارف التنمية في كل من الدول. وهذه المرة، موضوع العملة البديلة الذي ركزت عليه الصين في القمة الأولى قبل سنة في روسيا، «لأن هيمنة الدولار عنصر أساسي في تفشي الأزمة»، بقي في الكواليس أو بالأحرى في الملفات التقنية: إنه مادة لندوات مقفلة بين المصارف المركزية يطبخ «من دون عجلة ومن دون درامية ومن دون مضاربة». وما يهم «بريك» حالياً هو إقرار سريع لآليات أخذ القرار في البنك الدولي الأسبوع المقبل، وفي صندوق النقد الدولي قبل نهاية السنة.