خاص بالموقع- انتظر آدم شيني أشهراً عدّة حتى تتاح له فرصة الانضمام إلى قطاع آخذ في النمو بسرعة في الصومال. استكمل تدريبه وهو الآن مستعد لاستخدام مهاراته في قيادة الزوارق وتشغيل نظام تحديد المواقع العالمي... لخطف السفن. والقرصان الجديد البالغ من العمر 20 عاماً، ليس سوى واحد من مئات الشبان في هاراديري الراغبين بشدة في الانضمام إلى هذه العصابات أملاً في الحصول على نصيب ضئيل من الفدى التي تقدر بملايين الدولارات.
ويشير التدفق المطّرد لأمثال هؤلاء الشبان إلى أن الدوريات التي تقوم بها سفن حربية تابعة للاتحاد الأوروبي منذ كانون الأول 2008 لمنع حوادث خطف السفن وإلقاء القبض على القراصنة لم تسهم بشيء يذكر في الحد من الحماسة لأنشطة القرصنة بالصومال.

من جانبه، يثق زعماء القراصنة أيضاً بأن أعمالهم ستستمر. وهم حريصون على تجنيد المزيد من القوى البشرية لأنهم يطمحون إلى زيادة الهجمات على السفن خارج المياه الصومالية. وقال محمد وهو زعيم إحدى عصابات القرصنة في هاراديري «معظم عملياتنا البحرية تنظّم حتى الآن داخل حوض مياه بلادنا، إلى جانب أربع عمليات تجريبية ناجحة خارج المياه الصومالية... الآن نقوي هذا المسار لمضاعفة مثل هذه العمليات». وأضاف «وضعنا في الاعتبار أننا سنواجه خطراً ذات يوم ونفكر كثيراً في تغيير تكتيكات عمليات الخطف التي نقوم بها. نتمتع بالقوة المالية الكافية لمواصلة عملنا في البحر».

وبحسب المكتب البحري الدولي، فإن عمليات القراصنة الصوماليين تمثّل أكثر من نصف جرائم القرصنة التي أبلغ عنها على مستوى العالم في عام 2009، وتقريباً كل جرائم الخطف مع نجاحهم في تنفيذ 47 عملية خطف.

وقال رئيس برنامج مساعدة ملاحي شرق أفريقيا أندرو موانغورا، ومقرّه كينيا إن العصابات الصومالية حصلت على فدى تجاوزت 60 مليون دولار العام الماضي، مقارنة مع 55 مليون دولار عام 2008، مضيفاً إنها تحافظ على المستوى نفسه في العام الجاري. وأضاف موانغورا «ما اتضح في 2008 و2009 واستمر في 2010 هو أن القرصنة البحرية الصومالية تجارة كبيرة». وأشار إلى أن هناك نحو 1500 قرصان يعملون لحساب سبعة كيانات وعدد أصغر من «الزعماء» الذين يسيطرون على مشاريع منفصلة، لكنها مرتبطة بهذه الكيانات وتحصل على جانب كبير من تمويلها من كينيا ودبي ولبنان والصومال ودول أخرى.

وقال موانغورا إن القراصنة الصوماليين خطفوا 26 سفينة بين 29 كانون الأول والسابع من نيسان، وإنهم يحتجزون الآن 20 سفينة من تلك العابرة للمحيطات و242 من أفراد طواقمها.

ويشعر مسؤولون بارزون بقطاع الشحن أيضاً بالقلق من أن القرصنة الصومالية لا تزال في ازدياد. وقال رئيس الغرفة البريطانية لرابطة قطاع الشحن، جان كوبرنيكي، إن جيلاً جديداً من القراصنة الصوماليين الذين يتّسمون بالتنظيم الجيد آخذ في الظهور. وأضاف إن الانطباع في قطاع الشحن هو أن المال الذي يجنيه هذا الجيل الثاني من القراصنة يتدفق إلى خارج الصومال ليصل إلى عناصر إجرامية بدلاً من المساعدة في توفير الخدمات بالقرى الصومالية كما كان يفعل البعض في ما مضى. هذا في وقت يلفت فيه مسؤولون أميركيون إلى أن هجمات وقعت قرب الهند وفي قناة موزامبيق هي إشارة إلى أن المحيط الهندي بأسره أصبح في خطر.

وفي مواجهة ذلك، أصبحت القوات البحرية الأجنبية أكثر قوة بكثير في التعامل مع القراصنة، حيث تلقي القبض على المسلحين وتدمر الزوارق وتصادر الأسلحة حين تواجه المشتبه فيهم. لكن في ظل المبالغ الضخمة التي يحصلون عليها، فإن القراصنة مستعدون لإعادة الاستثمار في معدات جديدة.

وفي السياق، يقول تاجر أسلحة في سوق البكارة بالعاصمة مقديشو، إن هناك طلباً كبيراً على الأسلحة من القراصنة منذ كانون الأول، وليس هناك مؤشرات على التراجع. من جانبه، كشف خالد إبراهيم وهو وسيط يبيع الزوارق أن زيادة الطلب ترفع الأسعار. ويقول تاجر سيارات فخمة كان يؤجّر سياراته للقراصنة إنه تخلى عن تجارته ويستثمر الآن الأموال مباشرة في كيانات القراصنة لتحقيق مكاسب أكبر حين يتم توزيع الفدى في نهاية المطاف.

إلى ذلك، يأسف الحاج علي محمود، وهو رجل مسنّ في هاراديري لتهافت الشبان على الاشتراك في أنشطة القرصنة، لكنه قال إنه ليس هناك ما يمكن القيام به ما دامت شركات الشحن تدفع فدى مقابل الإفراج عن سفنها. وقال «لا أحد يشعر بالقلق من الذهاب إلى البحر. الشبان الذين خضعوا لغسيل دماغ يتوسّلون لتجنيدهم كقراصنة، ولكن كيف ننصحهم حين يكافأون بفدى بعدة ملايين من الدولارات؟»