بعد أكثر من عشرة أشهر على الانتخابات المفصلية في إيران، ومع الهدوء المطلق الذي تحقّق في أعقاب اضطرابات حزيران الماضي التي انتهت إلى منتصر ومهزوم، لا شك في أن رواية النظام لما جرى قد اكتملت، ومعها قراءته للمقدمات والنتائج، وتحليله لأسباب إخفاق انتفاضة المعارضة. لكن تجميع هذه الرواية لا يزال دونه عناء، كذلك الأمر بالنسبة إلى التحقّق منها
طهران ــ إيلي شلهوب
تقول مصادر من عصب النظام الإيراني إنّ تقديره للموقف، قبل أشهر من يوم الاقتراع، كان يقوم على عناصر ثلاثة: الأول، أنه بعد ثلاثة عقود على الثورة، كان يمكن أن تتعرض لنوع من الترهّل والتراخي. الثاني هو أن الجيل الثالث للثورة «طالع وواعد، ستكون أحلامه وتطلّعاته تختلف عن تلك الخاصة بآبائه الذين قاموا بالثورة، وأجداده الذين صنعوها وأعدّوا لها ومهّدوا». والثالث هو أن «الحكومة الإيرانية، لا النظام، كان مقدّراً لها، في مجالات معينة، أن تُصاب بانتكاسة، أو أن تكون قد أصيبت بانتكاسة».
وتضيف هذه المصادر الواسعة الاطّلاع أنه «بناءً على هذه المحاور الثلاثة، كنا نعتقد أن بعض أشباه المثقفين، أشباه المتعلمين ممن يعتقدون باحتكار المعرفة من الجيل القديم، يسعون إلى أن يركبوا على هذه العناصر ثورة اجتماعية. هناك تعثر إداري وتراجع في الأداء يمكن أن يُستغلّا لإطاحة النموذج الإسلامي».
في المقابل، توضح المصادر نفسها، أن «مشروعية النظام تأتي من نظرة دينية ولائية (من ولاية الفقيه) على قاعدتها يتعامل الجمهور معه. حكومات متغيّرة تتداول السلطة، أشبه بمستأجر لدى هذا النظام، تحاول أن تقدّم أفضل ما عندها لخدمة هذا الشعب. إذا حققت طموحه، تكون قد نجحت وأنجزت شيئاً للنموذج، وإذا فشلت، يستبدلها الشعب. وبالتالي، فإن النظام الولائي ثابت، والمتغيّر هو المستأجر الحكومي».
وفي قراءتها لما جرى خلال الانتخابات، ترى هذه المصادر أنّ «الغرب ارتكب خطيئة استراتيجية كبرى عندما ظن أن بإمكانه أن يحوّل هذا المستأجر إلى مالك دائم ويفرضه على الناس والنظام». وتضيف «كان تحليل الغرب قائماً على أنه كلما زادت نسبة المشاركة في الانتخابات زادت فرص مؤيديه بالفوز. وقد بدأ حملته قبل أشهر» عبر آلاف المواقع الإلكترونية للحثّ على كثافة الاقتراع، «موهماً الناس أن (مير حسين) موسوي فائز لا محالة. القيادة العليا (في إشارة إلى المرشد علي خامنئي) قبلت هذا التحدي وهذه المبارزة. في زيارة إلى كوردستان، قال المرشد بوضوح: ما يهمّني هو أعلى نسبة من التصويت. كان يعرف أن الناس سينتخبون من يعزّز أعمدة النظام والثورة. تجاوزت نسبة التصويت 85 في المئة. الكثير منهم أعطى موسوي فقط لأنه تعهّد الدفاع عن إرث الإمام الخميني. كان قد نجح في إقناعهم بأنّ (الرئيس محمود أحمدي) نجاد كان يُضرّ بالثورة. لكن في النهاية فازت القيادة والشعب، فيما فشلت النخب بعدما أخطأت التقدير».
الغرب ارتكب خطيئة استراتيجية كبرى، عندما ظن أن بإمكانه أن يحوّل المستأجر إلى مالك دائم ويفرضه على الناس والنظام
وتؤكد هذه المصادر أنّ الغرب عمل بجهد على قلب هذا «الجيل الثالث» على الثورة. تقول إن العديد من كوادر «الثورة الخضراء» أجروا تدريبات في أكثر من مكان في الخارج، لإنجاحها. «استراتيجية الغرب كانت واضحة. الخطوة الأولى كانت العمل على تغيير أفكار شباب إيران. كانوا يضخّون يومياً كميات كبيرة من المواد الإعلامية عبر مواقع الإنترنت ومحطات التلفزة والإذاعة الناطقة بالفارسية، ويعملون عملاً دؤوباً على إقناعهم بالأخذ بالنمط الغربي. أمّا الخطوة الثانية، فكانت تغيير السلوك. سلوك هؤلاء الشباب. كانوا يعتقدون أن الخطوة الثانية عندما تحصل، فإن الشباب الإيراني سيندفع تلقائياً لتغيير النظام. اعتقدوا أن اللحظة قد حانت»، إلى حدّ أن بعض الجهات والدول الغربية، وفي مقدمتها بريطانيا، «لم تحسب حساب خط العودة في اندفاعها لتغيير النظام. كانت واثقة بأنّ الله بريطانيّ، كما يقول المثل الإنكليزي. اعترفوا في نهاية المطاف بأنّ الله إيرانيّ».
أما عن كيفية إدارة تداعيات ما بعد الأزمة، فتقول المصادر نفسها إنه «لا بد من توعية الناس ليكشفوا شيئاً فشيئاً أصحاب التقدير الخاطئ وهؤلاء المرتبطين بالخارج». وتضيف «سيكون تعاملنا مع كل طيف أو جهة أو مجموعة حسب موقفها الحالي. هناك من له مصالح مع الغرب، وهؤلاء لا يمكن أن يتراجعوا. وهناك مجموعة تكنوقراط مع الثورة، لكنّ تقديرهم للموقف كان خاطئاً. وهناك مجموعة ثبت ارتباطها بسفارات أجنبية. وهناك طبعاً الجمهور العام. هؤلاء عادوا إلى أماكنهم الطبيعية»، مشيرةً إلى أنّ «القيادة الدينية العليا، المرشد، ومن يواليه ولاءً جذريّاً، يمارسون سياسة حكيمة عنوانها العريض الحد الأقصى من الاحتواء والحد الأدنى من الإقصاء. قد نتحمّل الكثير من الرموز والتكنوقراط من غير المخلصين ومن غير المقتنعين بما يكفي بصوابية النموذج، إلى أن يؤمنوا ويقتنعوا أو يغادروا».
وفي هذا السياق، تقول مصادر مطلعة مقربة من النظام وممن تعبّر عن وجهة نظره، إنّ البداية كانت مع وصول نجاد إلى الحكم. وتوضح أن هذا الرجل «عبارة عن خلطة غريبة عجيبة أربكت الغرب والداخل الإيراني معاً. يحمل المهدوية، بما تختزنه من تعبير عن ثقافة غيبية، بيد. ويحمل النووي، بما يختزنه من تعبير حداثوي، بيد أخرى». وتضيف «كان هذا الغرب معتاداً أسماءً معروفة له، سبق أن تعامل معها ودرسها درساً جيداً، مثل (الرئيس الأسبق أكبر هاشمي) رفسنجاني و(الرئيس السابق محمد) خاتمي. جاء نجاد من اللامكان. ابن حدّاد غير مدين لأيّ من الأحزاب أو العائلات أو آيات الله بشيء. رئيس من طينة الناس».
تتابع هذه المصادر «تحمّلوا نجاد 4 سنوات، جرت خلالها حملة منظّمة في الداخل والخارج لشيطنته وتشويه صورته. كان إسقاطه مطلوباً بأيّ ثمن. في الخارج لأنه كسّر أصناماً سعت الولايات المتحدة والحركة الصهيونية إلى تحصينها لأكثر من 60 عاماً مثل أسطورة المحرقة والتفوّق العسكري الإسرائيلي. فضلاً عن اعتماده سياسة حافة الهاوية مع الغرب على قاعدة إمّا النجاح والنصر أو السقوط. لا تسوية ولا حل وسطاً». أمّا في الداخل، فلأنه سعى إلى تكريس أنموذج آخر، يختلف عن ذاك الذي حاول إرساءه المحافظون والإصلاحيون التقليديون. كان رئيساً شعبوياً بامتياز. وقف في وجه الإقطاع الديني» في إشارة إلى رفسنجاني الذي تؤكّد أوساطه أن «نجاد استبدل، يوم فوزه بولايته الأولى، نحو 2500 إلى 3000 مدير عام من مؤيّدي رفسنجاني».
في المقابل، يقول مقرّبون من النظام إن «خاتمي استبدل عدداً مشابهاً يوم فاز بالرئاسة، ما يعني أنها ممارسة معتادة، كل رئيس يأتي بجماعته ليحكم من خلالها».
تضيف المصادر نفسها، في شرحها للحملة على نجاد في الداخل، إنه «شنّ حملة شعواء على الفساد والإفساد. حاول تكريس أنموذج جديد للحاكم الزاهد. امتنع على سبيل المثال عن قبض راتبه كرئيس للجمهورية. سعى إلى إعادة توزيع الثروة بما يضمن للفقراء الحد الأدنى من مقوّمات العيش. وزّع المال مباشرةً على الناس. وبما يضمن أن يتحمل الأثرياء النصيب الأكبر من الأعباء. فضلاً عن أن سياسته الصدامية مع الغرب أضرّت بمصالح طبقات اجتماعية اقتصادية ترى في الانفتاح على الغرب والتسوية معه تعزيزاً لمصالحها». وتؤكّد هذه المصادر أن «خطأ الإصلاحيين كان في تركيزهم على المدن وتجاهلهم سكان المحافظات على قاعدة أنها تصوّت تاريخياً للإصلاحيين. أمّا نجاد، فقد زار محافظات إيران جميعها. كل أسبوع في محافظة، حيث افتتح مشاريع واستجاب للمطالب ووزّع الأموال».
بل أكثر من ذلك. تقول هذه المصادر إنّ «أحد أسباب محاصرة نجاد هو كونه لا ينتمي إلى أيّ من التيارات السياسية التقليدية. لا هو إصلاحي ولا هو محافظ. رئيس شعبوي مدعوم من الحرس الثوري الذي خرج من صفوفه. يعتقد بأنّ الحكومة منظومة متكاملة مثل المسبحة. على كل حلقة منها أن تكون في مكانها وتؤدّي دورها أداءً متكاملاً وأيّ خطأ في أيّ من الحلقات يؤدي إلى انفراط عقدها. هو يصر على أن يختار مساعديه بنفسه ولا يقبل أن يملي عليه أحد شروطه. حتى المرشد. واقعة (قريبه ومدير مكتبه اسفنديار رحيم) مشائي نموذجاً. طلب منه خامنئي إقالته فلم يحرّك ساكناً. بعدها بأسبوعين وجّه إليه رسالة علنية بهذا الخصوص، فلم يستجب لها إلّا بعدها بأسبوعين. تحدى السلطة الدينية وسحب شرطة الأخلاق من الشوارع تحت عنوان أن الأخلاق لا تُضبَط بهذه الطريقة».
وفي تبريرها لعنف الاضطرابات ودمويتها، تقول هذه المصادر «كانت لافتة تلك السلسلة من المقالات التي صدرت قبيل الانتخابات، والتي تدعو إلى نظرية أنّ الإصلاحات بحاجة إلى دم. كان الرهان على نموذج تيانانمين، بمعنى استدراج العسكر إلى مواجهة دموية. من هنا كانت الأوامر الصارمة التي صدرت للقوات المسلحة خلال الاضطرابات بمنع إطلاق النار، إلّا في حالة الدفاع عن النفس. بل إن قوات الحرس بذلت جهوداً جبّارة لمنع الميليشيات والمصلّين في الجوامع من الخروج إلى الشارع والاصطدام مع المعارضة بما يؤدي إلى وقوع الحرب الأهلية التي يريدها الغرب». وفي هذا السياق، جاءت «تعليمات خامنئي بمنع المسّ برموز المعارضة ومنع اعتقالهم وتقييد حركتهم».
أما عن إلقاء خامنئي بثقله خلف نجاد في هذه المعركة، فتقول مصادر واسعة الاطّلاع إنّ ذلك يعود إلى ثلاثة أسباب. «الأول، لأن نيّات خصومه (نجاد) كانت واضحة. كان واضحاً أنّ مطلبهم هو إسقاط الجمهورية الإسلامية، أو بالحد الأدنى تغيير مفهوم الولاية فيها، وتغيير وجهتها السياسية، وخاصةً في ما يتعلق بعلاقتها بالغرب، وموقفها من المقاومة وإسرائيل. يدرك هؤلاء أن هذه الثوابت لن تتغير ما دامت الطبقة الحاكمة في إيران لا تزال هي نفسها. ثانياً، لأن السنوات الخمس الماضية كانت المرة الأولى التي يصفّى فيه الحكم في إيران. اتجاه واحد يحكم، هو اتجاه خامنئي، من دون أيّ شريك، ما مكّن المرشد من مباشرة تنفيذ رؤيته الاستراتيجية (الخطة العشرينية التي بدأ تطبيقها عام 2005). أمّا ثالثاً، فلأن المرشد تأكّد من نزاهة عملية الاقتراع، ومن أنّ ما شابها من شوائب لا يؤثّر في النتيجة النهائية». كان لافتاً أن قادة المعارضة، وخصوصاً موسوي، كانوا يحيدون في البداية عند الحديث عن عمالة للغرب. كان هناك تأكيد دائم، في خلال الاضطرابات والفترة التي تلتها، أنه «شخصية سياسية نزيهة ومن أشد الموالين للثورة، بل من قادتها الأوائل، وأنه أكثر محافظةً وجذريةً من نجاد نفسه». أما اليوم، فإن الحديث مع أوساط النظام يحمل تلميحات لا تعكس هذا الجو، بل تحمل اتهامات بالمبادرة إلى فتح الأبواب للغرب للتدخّل في الشأن الإيراني الداخلي.
بالنسبة إلى أسباب فشل الثورة الخضراء، هناك شبه إجماع على أنها تتوزع بين أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة. هناك أولاً تشرذم المعارضة وتوزّعها أطيافاً مختلفة في ما بينها إلى حدّ التناقض. أطياف لا تجمعها سوى المصلحة الظرفية في إسقاط نجاد. هناك أيضاً الدعم الغربي العلني لها. دعم يؤدي دور السيف ذي الحدّين: يوفّر المال والقوة الإعلامية، لكنه يصبغ المعارضة بشبهة العمالة ما يبعد عنها أطيافاً واسعة من الشعب، مؤمنة بمبادئ الثورة وقيمها، كما يعطي السلطة الضوء الأخضر للبطش بها. هناك أيضاً طريقة تعامل أجهزة النظام معها، التي جعلتها «تذبح نفسها بالقطنة» وسلّمتها إلى الغرب «جثة هامدة» على حد تعبير المستشار الإعلامي لنجاد، علي أكبر جوانفكر.
نجاد عبارة عن خلطة غريبة عجيبة أربكت الغرب والداخل الإيراني معاً. يحمل المهدوية بيد، والنووي باليد الأخرى
لكنّ السبب الأساس، بحسب مصادر متابعة خبيرة في الشأن الإيراني، يعود إلى كون هذه «الثورة لم تستطع أن تستجيب لتطلعات هذا الشعب». وتوضح هذه المصادر أن الثورة الخمينية نجحت قبل 30 عاماً لأنها استطاعت أن ترفع شعارات تتطابق مع المتطلبات التاريخية للشعب الإيراني: أولّها الحرية، في محاكاة لمطلب مزمن، جاء بعد نحو 2500 عام من الاستبداد. وثانيها الاستقلال، في وجه تهديدين قاريّين تاريخيين لطالما صادرا القرار الإيراني ـــــ الإمبراطورية الروسية في الشمال، والإمبراطورية البرتغالية وبعدها البريطانية والآن الأميركية في البحر. دافع قادة الثورة عن «مبدأ ضرورة صنع القرار في إيران، مهما كان ومهما تكن نتيجته». وهناك ثالثاً مفهوم «الجمهورية الإسلامية»، الذي يزاوج بين الحداثة والإسلام ولكن على الطريقة الإيرانية.
وتضيف هذه المصادر إنه «بعد أكثر من ثلاثين عاماً على الثورة، لا يزال قادتها يؤكدون أنهم لم يصلوا بعد إلى النموذج النهائي المرغوب. أنهم في طور المحاولة. المسيرة لم تنته. وهناك أمر آخر مهم جداً، هو أن حكام إيران توطّنوا على المواجهة منذ ما قبل نجاح الثورة حتى. فضلاً عن أن العقل الجمعوي للطبقة السياسية التي تحكم إيران يجمع على استحالة المصالحة مع الغرب».
وتؤكّد هذه المصادر ضرورة ألا يجري التعاطي مع إيران بالمعايير نفسها التي تجري من خلالها مقاربة المجتمعات الأخرى. وتضيف إنّ للمجتمع الإيراني خصوصيته التي تنبع من طبيعة شخصيته، ومن التجارب التاريخية التي مرّ بها. وتوضح أن إيران «تقوم على عناصر ثلاثة: المدنية والإسلام والحداثة. الأول ناتج من حضارة عمرها آلاف السنين، يعتدّ بها الإيرانيون، وهي متنوعة تنوّع الأعراق والاتنيات التي قطنت إيران التاريخية. وهناك الإسلام، الذي ألبس الخصوصية الإيرانية. تحوّل إلى إسلام إيراني. تماهى التشيّع مع الثقافة الإيرانية وأُلبست شخصياته صفات الشخصيات التاريخية الإيرانية. إسلام منفتح على الجميع وعلى كل شيء. لا شيء محرّماً. إسلام ينزل بالمقدّسات إلى الشارع. يعتقد الإيرانيون بوجود طرق متعددة للوصول إلى الله، بعدد ألسنة البشر. وأخيراً هناك الحداثة التي يعشقها الإيرانيون، مترافقة مع إصرارهم على إظهار تمايزهم عن الآخر».
ومع ذلك، توضح المصادر، أنّ إيران انطوائية بطبيعتها. شعبها محافظ لا يسعى إلى التغيير. يحفظ قديمه. والدليل أن السلالات التي حكمته استمرت كل منها مئات السنين. وحتى قادة (رؤساء) ما بعد الثورة، كلّ منهم انتُخب لدورتين، المدة القصوى التي يحق فيها الترشح بحسب الدستور الإيراني». وتتابع أن الشعب الإيراني يتميز «باعتداد بالنفس يلامس الشوفينية. ينظر إلى الآخر بفوقية، نابعة من إحساسه بتفوّق حضارته وعقيدته. مقتنع بأنّ على الآخرين أن يبذلوا جهداً للتعرّف عليه لا العكس. عليهم تعلّم لغته. نزعة بدأت تجد اليوم في إيران من يسعى إلى الانقضاض عليها، عبر تعلّم لغة الآخر والسعي إلى الوصول إليه».


أمن على الطريقة الإيرانية

تنقل مصادر مطلعة عن معنيين إيرانيين قولهم، رداً على سؤال عما إذا كانت الدولة في إيران بوليسية، أن الوضع في هذا البلد يختلف عما هي الحال في العالم الأول، وكذلك عما هو معمول به في العالم الثالث.
ويوضح هؤلاء أن «الأجهزة الأمنية في العالم الصناعي تمتلك من التقنيات، مثل الأقمار الاصطناعية وأجهزة الاتصالات والمراقبة، ما يغنيها عن الخروج من مكاتبها. تتحكم في كل شيء من داخل الغرف المغلقة». ويضيفون «أمّا في الدول النامية، فإن المراقبة تكون لصيقة إلى حد تكشف فيه عن نفسها وتزعج الشخص المُراقب، وغالباً ما لا تحقق الغاية المرجوّة منها». ويختمون بالقول «في إيران الوضع مختلف. لا نمتلك تقنيات الغرب، ولا سذاجة أجهزة العالم الثالث. نكتفي بالمراقبة من على بعد بضع مئات الأمتار». وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن عناصر الجمارك في مطار طهران يبدون مضيافين أكثر عند نقاط المغادرة منهم عند نقاط الدخول. والأسباب لا تزال مجهولة.