جليلي «شاور نفسه» أكثر من ساعة في جنيفطهران ــ إيلي شلهوب
أصبح البرنامج النووي الإيراني، منذ مدة طويلة، المعيار الذي على أساسه تقاس نتائج صراع «العالم كله» مع إيران التي تسعى إلى انتزاع إقرار غربي بأمرين:
بحقيقة كونها نموذجاً متكاملاً (فكراً وسياسة واجتماعاً واقتصاداً وعسكراً...) مختلفاً عن الأنموذج الغربي. وبواقع أنها قوة إقليمية عظمى تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها على الساحة الدولية، مع ما يستدعيه ذلك من اعتراف بمصالحها (الاقتصادية والأمنية) وبمنطقة نفوذها وبحقها في تقرير قضايا ونقض أخرى.
وتؤكد مصادر وثيقة الاطلاع أن «إيران حققت في خلال صراعها هذا تقدماً نوعياً يمكن الاستدلال عليه في أكثر من مؤشر»، مشددة على أن «تصنيع قنبلة نووية أمر غير وارد. أصلاً ما الحاجة إلى قنبلة كهذه؟ على المستوى العسكري، هناك نوعيات من الأسلحة أكثر فعالية وإمكانية للاستخدام، ولها قدرة على تحقيق ردع يضاهي ذاك الذي تحققه هذه القنبلة. وعلى مستوى الهالة والنفوذ، يكفي امتلاك التقنية النووية، الانضمام إلى النادي النووي للحصول عليه».
وبعدما أشارت إلى فتاوى المرشد علي خامنئي في شأن تحريم تصنيع واستخدام السلاح النووي، قالت هذه المصادر «هل حالت الترسانة النووية دون المصير الذي آل إليه الاتحاد السوفياتي؟ هل حمته مما كان يخطط له؟ هل حمت القنابل النووية إسرائيل من الهزيمة التي منيت بها على أيدي حزب الله في تموز 2006».
وتقول هذه المصادر، في تعدادها للمؤشرات المذكورة آنفاً، إنه «مرّت نحو سبعة أشهر على اتفاق جنيف والموعد النهائي الذي حدده (المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد) البرادعي، وأربعة أشهر على الموعد النهائي الذي حدده (الرئيس الأميركي باراك) أوباما، ولا تزال الدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة، تفاوض وتفتح أبواباً، لعل وعسى... صحيح أنها أبقت على الدوام سيف العقوبات مرفوعاً، لكنها كانت، ولا تزال، تهرع كلما عبّر الإيراني عن رغبة في الكلام. وما ذلك إلا دليل على انعدام الحيلة لدى واشنطن التي لو كانت لديها خيارات، لما تأخرت في استخدامها».
وتضيف هذه المصادر، في مؤشر ثانٍ، إن «هذه الدول لا تزال عاجزة عن تحديد الجهة التي تتولى هذا الملف في إيران، ومعها آلية اتخاذ القرار بهذا الشأن. مرة يفاوضها أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، ومرة أخرى وزير الخارجية أو نائبه، ومرة ثالثة... ومن يعرف في خفايا النظام الإيراني يدرك أن الأمر والنهي في هذه القضية محصوران بجهة واحدة لا ينوب عنها أحد فيه: مرشد الثورة علي خامنئي». وتوضح أن «ما جرى يوم عاد سعيد جليلي من جنيف، حيث أبرم اتفاقاً متكاملاً لتبادل اليورانيوم مع الغربيين، كان معبراً. طرح المرشد سؤالاً يتيماً: مَن يضمن أن يسلّمونا القضبان النووية؟ لا ثقة لنا بهم. فسقط الاتفاق».
لكن المصادر تشدد على أن «الأكثر تعبيراً كان ما حصل خلال اجتماعات جنيف نفسها: بينما كانت مجموعة 5 + 1 تفاوض جليلي. استأذنه مندوبوها للتشاور في ما بينهم. خرجوا معاً إلى الحديقة حيث أمضوا نحو 45 دقيقة يتحادثون، بينما هو ينتظر وحيداً. ولما عادوا وأبلغوه بما توصلوا إليه من توافق، استأذنهم جليلي للخروج من أجل التشاور. سألوه: تتشاور مع من؟ فكان جوابه: للتشاور مع نفسي. وأمضى جليلي نحو ساعة وربع ساعة يتمشى في الحديقة يشاور نفسه، فيما كان المندوبون الستة ينتظرونه في القاعة».
وتتابع المصادر أن «الغربيين يبحثون منذ أشهر قراراً دولياً بعقوبات على إيران وما توصلوا إلى اتفاق بعد. اتفاق كهذا غير وارد من دون إجماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، مع ما تحمله من تناقضات في ما بينها تُفرغ هذه العقوبات من مضمونها»، مشددة على أن «إيران أثبتت، خلال العقود الماضية، قدرتها على مواجهة العقوبات، التي نجحت في الاحتيال عليها بطرق عديدة، في مقدمها الاتكال على الذات، أحد أسباب التقدم العلمي والصناعي الذي فرضته الحاجة، وهي أمّ الاختراع. فضلاً عن أن طهران تمتلك من الأوراق والقدرة على المساومة واستغلال التناقضات الدولية، ما يدفع الشركات العالمية إلى التنافس على خرق العقوبات، على ما بيّنته التقارير الأخيرة التي تحدثت عن الطريقة التي تعاملت بها الشركات الغربية من هجوم الشركات الآسيوية على السوق الإيرانية».
وتقول هذه المصادر إن «الغرب حاول استخدام ورقة الداخل ففشل. والمعارضة التي يراهن عليها لن تقوم لها قيامة قريبة»، مشيرة إلى «التسوية التي أبرمت مع عمودها الفقري، (الرئيس الأسبق أكبر هاشمي) رفسنجاني على قاعدة التقاعد المبكر مع الحفاظ على إرثه وتاريخه، لا على نفوذه ونشاطه السياسي». وتضيف «أما العمل العسكري ضد إيران، كالغزو مثلاً، فدونه استحالة، والضربات الموضعية للمواقع النووية دونها فشل، ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الإصرار على المضيّ قدماً، وإلى مزيد من الالتفاف الشعبي حول النظام»، مشيرة إلى أن الأكثر أهمية في النووي هو «امتلاك المعرفة، عقول الخبراء لا المنشآت التي لن يؤدي تدميرها إلا إلى تأخير الساعة فقط».
أما في شأن العدوان الإسرائيلي على لبنان أو سوريا، فإن اللازمة التي تسمعها في طهران تبدو متطابقة: «إسرائيل أعجز من أن تشن عدواناً. ليست بحاجة إلى حجج أو أعذار. لو كانت قادرة لفعلت. هي إذاً عاجزة».


دمشق وطهران مع تكتّل اقتصادي إقليميوأفادت الوكالة بأن اللقاء، الذي حضره رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري ووزير الإسكان الإيراني علي نيكزاد، تناول «التطور الذي تشهده العلاقات السورية الإيرانية على كل المستويات، ولا سيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي».
وأشارت «سانا» إلى أن الأسد ورحيمي عرضا آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وخصوصاً ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق.
كذلك التقى رحيمي نائب الرئيس السوري فاروق الشرع.
(أ ف ب، سانا)