باريس ــ بسّام الطيارةانتقدت معظم وسائل الإعلام عدم زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لمعرض الزراعة السنوية في أيّامه الأولى، خلافاً لعادات الرؤساء الذين سبقوه. ويولي الفرنسيون أهمية خاصة للمعرض الذي يعبّر عن تعلقهم بأصولهم الزراعية، وهذا ما دفع بساركوزي إلى زيارة سريعة في اليوم ما قبل الأخير، الذي صادف أول من أمس، لدفع الانتقادات، وخصوصاً بعد تراجع فرنسا إلى المركز الخامس في العالم في تصدير المنتجات الزراعية، وانعكاس الأزمة المالية على عالم الزراعة.
لكنّ ساركوزي لن يغيب عن المؤتمر الوزاري للطاقة الدولية، الذي سوف يُفتتح اليوم، ودعت إليه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ممثلي أكثر من ٦٥ دولة لبحث «الطاقة النووية المدنية»، واستُبعدت منه كلّ من كوريا الشمالية وإيران لـ «عدم احترامهما القوانين الدولية» بحسب تصريح أحد المصادر في المنظمة، شرط عدم الكشف عن اسمه.
وتأسّست منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التي تتّخذ من باريس مقراً لها، في الأصل لإدارة «مساعدة خطة مارشال» لأوروبا قبل أن تتحول إلى منظمة دولية لمجموعة من البلدان المتقدمة (٣١ دولة معظمها أوروبية، تشمل الولايات المتحدة وكندا وأوستراليا ونيوزلندا واليابان وكوريا والمكسيك وأخيراً التشيلي)، التي تقبل مبادئ «الديموقراطية التمثيلية واقتصاد السوق الحر». وتعدّ دراساتها وتقاريرها وسيلة ضغط لتحسين السياسات وتنفيذها، إذ إنّ «توجيهاتها غير الملزمة» تقود في معظم الأحيان إلى معاهدات دولية.
وتهتم المنظمة خصوصاً بالطاقة وترابط وسائط إنتاجها وتأثيرها في البيئة وإمكانات الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة الخضراء أو النووية، وهذا ما يقف وراء الدعوة إلى المؤتمر، الذي سيضم دولاً تملك التكنولوجيا النووية المدنية وأخرى تريد الحصول عليها.
وسترسل الدول المشاركة على مستوى الوزراء، صناعيين وخبراء حول طاولات مستديرة تتناول التكنولوجيا والتمويل والأمن النووي للمفاعلات أو أمن المنشآت. ويندرج هذا المؤتمر، بحسب مصادر في وزارة الخارجية الفرنسية، في إطار مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي، التي من المقرر أن تبحث خلال مؤتمر متابعة في نيويورك في ١٢ أيار المقبل. وأكّد المصدر الدبلوماسي أنها تتضمن في أحد جوانبها «الحق في امتلاك الطاقة النووية المدنية»، وأنّ المؤتمر هدفه «التشديد على ذلك لأنه يسهم في التوازن العام للمعاهدة».
ودفعت الأزمة المالية وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي نحو اهتمام جديد بالطاقة النووية. وحمل ساركوزي منذ وصوله لواء «نشر النووي المدني وبيعه» في العالم في حراك له قراءتان: الأولى اقتصادية، ففرنسا هي المصدر الأول للمفاعلات النووية المدنية، وتحتل شركة «أريفا» المركز الأول في استخراج اليورانيوم وتخصيبه، وليس غريباً أن تكون خمس شركات فرنسية (أريفا وألستوم وتوتال وغاز سويز وكهرباء فرنسا) «عرّابة» هذا المؤتمر. القراءة الثانية سياسية، وتقف وراء ستار تقديم «حق الدول في الحصول على النووي المدني» بدلاً من النووي العسكري، وتصبّ في مسار العمل على «تفهّم ردع الدول التي تخرق المعاهدات» ذات الصلة. وأفضل برهان على ذلك دعوة دول مثل سوريا، التي سوف تتمثّل بوزير، وبعض الخبراء إلى جانب عدد من الدول العربية التي تسعى إلى الحصول على هذه الطاقة والإحجام عن توجيه الدعوة إلى بيونغ يانغ وطهران. ودُعي ممثل عن «حكومة انقلاب النيجر» رغم «الحصار الدبلوماسي»، نظراً لأهمية احتياط اليورانيوم الموجود لديها.
وبالطبع سوف تكون إسرائيل بين الدول الـ٦٥ المدعوة، وسيجتمع ٧٠٠ مندوب على مدى يومين من اللقاءات والنقاشات.