لم يكف أبو حمزة المصري عن إثارة قلق بريطانيا منذ تحوله إلى «الجهاد» والتقرّب من «القاعدة». أحدث إزعاجاته هي فواتير محاكمته وطلباته في سجنه، التي تثير حنق دافعي الضرائب
شهيرة سلّوم
غادر مصطفى كامل مصطفى، المعروف بأبو حمزة المصري (52 عاماً)، القاهرة باتجاه مدينة الضباب. الغرض كان العمل، بعدما أنهى دراسته في الهندسة المعمارية. كان ذلك في 1979، عام اندلعت الثورة الإسلامية، واحتل السوفيات أفغانستان، لتليها أعوام الجهاد الأفغاني. الصدفة غيّرت مجرى حياته، وحملته الى أفغانستان، قبل أن يتورط في رحلة رحيل وعودة الى العاصمة البريطانية، ثم الانخراط في تحريض الشباب المسلم على «الجهاد»، من خلال الكتابات والمواعظ الدينية، قبل أن ينتهي به الأمر في سجن «بلمارش» البريطاني. ويخوض حالياً أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان معركة قانونية للتغلب على قرار تسليمه إلى الولايات المتحدة، وأخرى من أجل الحفاظ على جنسيته البريطانية بعدما قررت وزارة الداخلية تجريده منها. معركة كلفت دافعي الضرائب البريطانيين أكثر من 100 ألف جنيه أسترليني (154.249 ألف دولار) حتى الآن ولا تزال تتوسع.
نفقات أثارت النقمة عليه، وشنّ الإعلام حملة ساخرة عليه. ويلخص النائب المحافظ باتريك ميرسر الحال بقوله إن «دافعي الضرائب البريطانيين سئموا من قيام هذا الرجل (أبو حمزة) بسلب أموالهم»، فيما يصفه محاموه بأنه أكثر شخصية استغلالية وهازئة في هذه البلاد.
وتحدثت صحيفة «ذا صن» البريطانية عن أن رجل الدين المصري حصل على خزانة ثياب جديدة ضخمة في زنزانته بعدما اشتكى من تجعّد ملابسه وعدم توافر رفوف لوضع ملابسه. وسخر أحد العاملين في السجن قائلاً إن «الجميع يتوقّع أن يطلب تزويده بخادم خاص في المرة المقبلة».
وقد جُهزت زنزانة أبو حمزة كي تتناسب ووضعه الخاص لكونه عاجزاً (فقد يديه وإحدى عينيه جراء انفجار في أفغانستان)، فزُوّدت بصنابير مياه خاصة على غرار ما هو مستخدم في المستشفيات بلغت تكاليفها 650 جنيهاً استرلينياً.
وكشفت الصحيفة نفسها عن أن تحالف دافعي الضرائب قدّر أن أبو حمزة المصري كلّف بريطانيا حتى الآن مليونين و750 ألف جنيه استرليني (4.241.850 دولاراً)، وهي قيمة الإعانات الحكومية وكلفة المنزل الذي تقيم فيه عائلته، وعلاجه، وفواتير السجن، وتكاليف محاكماته ودعاوى الاستئناف التي رفعها ضد حكم تسليمه، والتي يمكن أن تستغرق خمس سنوات، وتضيف 250 ألف جنيه أسترليني أخرى لفاتورة تكاليف أبو حمزة المصري.
ورحلة أبو حمزة في المملكة بدأت في العمل حارساً في ملهى ليلي. لكنه التقى «المجاهدين» في لندن، حيث عمل مترجماً لمن كان يقصد العاصمة البريطانية للعلاج. وفي عام 1987، التقى أبا الحركة الجهادية في أفغانستان الشيخ عبد الله عزام، معلّم زعيم

كلّف بريطانيا حتى الآن مليونين و750 ألف جنيه استرليني
تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، خلال أدائه مناسك الحج في مكة.
بعد فترة قصيرة، شدّ الرحيل إلى أفغانستان. وبعدما فقد يديه وعينه، عاد في 1993 الى المملكة المتحدة من أجل العلاج، لكنه غادر مجدداً بعد عامين من أجل الانضمام الى مسلمي البوسنة في حربهم ضدّ يوغسلافيا السابقة. ليعود بعدها الى لندن، وينتقل في 1997 الى مسجد «فينسبيري بارك». ومنذ ذلك الحين وضعته الاستخبارات البريطانية تحت المراقبة. عُرف كرمز قيادي في المجتمع الإسلامي البريطاني، يمضي معظم وقته في إعطاء مواعظ دينية تدعو للجهاد ضد الأنظمة الفاسدة في الشرق الأوسط. ويقول البعض إنه كان يدعو الى قتل غير المسلمين من أهل الذمة. وفي أيار 2004، اعتقلته السلطات البريطانية من أجل تسليمه الى الولايات المتحدة. ولكن بريطانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي، موقعة على اتفاقية تمنع تسليم أي شخص لأي دولة ينص قانونها على عقوبة الإعدام.
ويخوض محامو أبو حمزة منذ ذلك الحين معركة قضائية لمنع تسليمه. ووجه القضاء البريطاني الى أبو حمزة 16 تهمة، من ضمنها التشجيع على قتل غير المسلمين ونشر الكراهية العنصرية. ووُجد مذنباً في 11 تهمة.