جددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، خلال مؤتمر آيباك أمس، التزام واشنطن بأمن إسرائيل والسعي إلى الوصول إلى حلّ الدولتين مع وجود علاقات طبيعية بين إسرائيل والدول العربية. كما أكدت ضرورة فرض «عقوبات مؤلمة» على إيران إذا تطلّب الأمر وقتاً للوصول إلى اتفاق
واشنطن ــ محمد سعيد
أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، أنّ إسرائيل تواجه «خيارات صعبة لكن ضرورية» على الطريق نحو السلام في الشرق الأوسط لأنّ الوضع القائم مع الفلسطينيين لن يدوم.
وقالت كلينتون، في كلمة ألقتها أمام المؤتمر السنوي الذي تنظمه لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (ايباك) منذ الأحد ويستمر ثلاثة أيام، «لا يمكن أن يدوم الوضع القائم بالنسبة إلى جميع الأطراف. إنّه لا يعد سوى بالعنف والتطلعات غير محقّقة». وأضافت «هناك طريق آخر. طريق يؤدي إلى الأمن والاستقرار لكل شعوب المنطقة. وسيتطلب من كلّ الأطراف، بما في ذلك اسرائيل، أن تتخذ خيارات صعبة وضرورية». وأوضحت أنّ «الطريق إلى الأمام واضح... دولتان لشعبين يعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمان مع عقد سلام بين إسرائيل وسوريا وبين إسرائيل ولبنان وإقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل وجميع الدول العربية».
وأكدت كلينتون التزام إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما «الصلب» تجاه أمن إسرائيل ومستقبلها. وتابعت «بالنسبة إلى الرئيس (باراك) أوباما وإليّ شخصياً وإلى كلّ الإدارة، التزامنا بأمن إسرائيل، ومستقبل إسرائيل قوي». لكنّها صرّحت بأنّ من واجب الولايات المتحدة «أن تقول الحقيقة حين تقتضي الضرورة». وحثت إسرائيل على اتخاذ خطوات لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، الذي قالت إنّه «يهدد مستقبل إسرائيل على المدى الطويل كدولة يهودية آمنة وديموقراطية». وأضافت إنّ خطة البناء الاستيطاني الإسرائيلي الجديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية «تقوض جهود السلام».
رأت أنّ هدف الغرب هو فرض عقوبات مؤلمة على إيران
في المقابل، اتهمت كلينتون مسؤولين فلسطينيين بالتحريض على العنف من خلال «عرضهم الخاطئ» لإعادة بناء كنيس الخربة في القدس المحتلة. وأضافت «إنّ هذه الاستفزازات سيئة ويجب إدانتها لأنّها تؤجج التوترات من دون طائل وتعرّض إمكان التوصل إلى سلام حقيقي للخطر». وقالت إنّ الولايات المتحدة ستواصل المطالبة بأن تنبذ «حماس» العنف وتعترف بإسرائيل. وكررت نداءات الولايات المتحدة للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط. كذلك تناولت كلمة كلينتون التهديد الذي يمثله البرنامج النووي لإيران، التي تسعى الولايات المتحدة وأعضاء غربيون آخرون في مجلس الأمن الدولي إلى استهدافها بجولة جديدة من عقوبات الأمم المتحدة بسببه.
وقالت كلينتون إنّ الولايات المتحدة عقدت العزم على العمل مع شركائها في مجلس الأمن الدولي كي تظهر لزعماء إيران أنّ هناك عواقب للتصلب في النزاع بشأن برنامجها النووي. وقالت «هدفنا ليس مجرد زيادة العقوبات بل فرض عقوبات مؤلمة»، مضيفة إنّ الوصول إلى اتفاق يستغرق وقتاً لكن هذا «استثمار يستحق حتى نكسب أوسع نطاق من الدعم لجهودنا».
بدوره، دعا رئيس اللجنة لي روزنبرغ البيت الأبيض إلى إبقاء الخلافات مع إسرائيل سريّة. وأعرب عن اعتقاده بأنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أدّى دوره لدى اعتذاره عن إعلان خطط بناء المستوطنات في القدس الشرقية. ورأى أنّ على الإدارة الأميركية التركيز على الضغوط على الفلسطينيين لردّهم إلى محادثات السلام.
من جهتهم، أعرب المشاركون في اجتماعات المؤتمر عن قلقهم من التوتر القائم حالياً بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كما عبّروا عن مخاوفهم من تداعيات أيّ ضربة إسرائيلية لإيران.
وقال المدير التنفيذي لمؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، روبرت ستاتلوف، أمام المؤتمر أول من أمس، إنّ الأزمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل «خطيرة وحقيقية». وأضاف إنّ الأزمة «ستترك آثاراً على العلاقة بين البلدين وعلى أعلى المستويات». وحذّر محللون، بينهم ستاتلوف، من أنّ الخلاف على مسألة الاستيطان يمكن أن يعطل الجهود التي تبذلها واشنطن لحشد التأييد لفرض عقوبات جديدة على إيران المتهمة بالسعي إلى حيازة قنبلة ذرية.
وليلاً استقبل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن على العشاء نتنياهو، الذي التقى كلينتون ظهراً، وسيلتقي اليوم أوباما.
إلى ذلك، أظهر استطلاع جديد للرأي في الولايات المتحدة أنّ معظم الأميركيين يفضلون أن تدعم حكومتهم الإسرائيليين في الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي.
وبيّن الاستطلاع، الذي طلبت إجراءه مؤسسة «مشروع إسرائيل»، أنّ 80 في المئة من المستطلعين يوافقون على أنّ «أعداء أميركا يستخدمون الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي حجة لخلق مشاعر معادية للأميركيين، وحتى لو حُلّ النزاع، فسيجدون عذراً آخر لتبرير عدائيتهم تجاه أميركا». وقال 73 في المئة من الأميركيين المستطلعين إنّ الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي يتعلق بالأيديولوجيا والدين لا الأرض.