إدانة بريطانية للموساد باغتيال المبحوح وباريس تفتح تحقيقاًفي إشارة إلى إدانة دولية غير مباشرة لإسرائيل باغتيال القيادي في «حماس» محمود المبحوح، طردت لندن أمس دبلوماسياً إسرائيلياً لتورطه في استخدام جوازات سفر بريطانية مزورة، ما أثار غضب تل أبيب وارتياح «حماس»بعد أكثر من شهرين على اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح في دبي، حسمت بريطانيا أمر تورط الاستخبارات الإسرائيلية في تنفيذ العملية، واتخذت قراراً بطرد دبلوماسي إسرائيلي، مثيرة حنق الدولة العبرية التي وصف أحد نوابها التصرف البريطاني بالنفاق.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند، الذي كان يتحدث أمام مجلس العموم البريطاني أمس: «طلبت إبعاد موظف في السفارة الإسرائيلية من المملكة المتحدة بسبب هذه القضية، ويجري ذلك حالياً». ورجحت تقارير صحافية أن الدبلوماسي الذي طرد هو مسؤول «الموساد» في السفارة الإسرائيلية في بريطانيا.
وأوضح ميليباند أن التحقيق الذي أجرته وحدة الجرائم المنظمة في الحكومة البريطانية، أثبتت بما لا يجعل هناك أي مجال للشك أن الجوازات البريطانية الاثني عشر التي استخدمت في العملية تعود إلى «ضحايا أبرياء لسارقي هويات». وأكد أن المعلومات في الجوازات المزورة نُسخت «عندما سلمت للتفتيش لأشخاص لهم علاقة بإسرائيل، سواء في اسرائيل أو في بلدان أخرى»، مشيراً إلى أنه «بالنظر إلى أن عمليات التزوير كانت متطورة جداً وعالية الجودة، قضت الحكومة أنّ من المحتمل جداً أن عمليات التزوير قام بها عملاء لجهاز استخبارات».
وأوضح ميليباند أنه إذا ما أخذت هذه المعطيات في الاعتبار إلى جانب «استفسارات أخرى، خلصنا إلى أن هناك أسباباً قوية للاعتقاد بأن إسرائيل هي المسؤولة عن إساءة استخدام جوازات سفر بريطانية، وهذا أمر نراه خطيراً ويتعارض مع سيادة بلادنا، بل إنه جاء من طرف بلد نعدّه صديقاً لنا».
وأضاف ميليباند: «رغم أن إسرائيل دولة ديموقراطية فعلت أشياء جيدة وتعيش في منطقة مليئة بالمشاكل، غير أن الحكومة البريطانية لا يمكنها رغم ذلك إلا أن تتخذ عدة خطوات رداً على ذلك، لذلك لم نجد مفراً من إبعاد أحد العاملين بالسفارة الإسرائيلية في لندن».
وفيما أعلن ميليباند أن بريطانيا «ستواصل العمل على نحو وثيق مع إسرائيل بشأن مجموعة من القضايا، وخاصة التهديد النووي الإيراني»، شدد على ضرورة «أن يقوم هذا التعاون على الشفافية والثقة». وقال إن حكومته «ستتخذ عدداً من الخطوات للتعبير عن غضبها الشديد إزاء ما حدث والسعي إلى ضمان عدم وقوع هذا الانتهاك مرة أخرى». وأشار إلى أن وزارته «ستعدّل نصائح السفر للمواطنين البريطانيين إلى إسرائيل لتوضيح المخاطر المحتملة التي تواجههم هناك وتحديد الخطوات التي يمكن أن يتخذوها للحد من هذا الخطر».
وأضاف ميليباند أنه التقى في بروكسل أول من أمس نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان و«سلمه رسالة تطلب منه تقديم ضمانات رسمية بأن لا تكون إسرائيل أبداً طرفاً في إساءة استخدام جوازات السفر البريطانية في مثل هذه الطريقة في المستقبل».
وكانت وزارة الخارجية البريطانية قد استدعت السفير الإسرائيلي رون بروسور لإجراء محادثات أيضاً مع رئيس السلك الدبلوماسي البريطاني بيتر ريكيتس. وذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» أنه أُطلع السفير على نتائج التحقيق الذي أمر به رئيس الوزراء غوردن براون في شباط الماضي.
وأثار القرار البريطاني استياء إسرائيل، التي أكد سفيرها في لندن «خيبة الأمل» لطرد أحد دبلوماسييها. وقال إن «العلاقات بين إسرائيل والمملكة المتحدة تكتسي أهمية مشتركة لذلك أصبنا بخيبة الأمل لقرار الحكومة البريطانية».
كذلك استدرج القرار البريطاني عدداً من ردود الفعل الغاضبة، رغم أن الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية قال إن الدولة العبرية «لن ترد بالمثل».
ووصف عضو الكنيست اليميني المتطرف، اريه الداد، تصرف البريطانيين بالنفاق وفضل الكلاب عليهم لأنها «تظهر ولاءً حقيقياً». وتساءل: «من نصَّب البريطانيين قضاة لمحاكمتنا في مكافحة الارهاب؟».
ورأى عضو الكنيست عن حزب «كديما»، مجلي وهبي، في قرار الحكومة البريطانية أنه يعود إلى اعتبارات انتخابية. ودعا الحكومة الإسرائيلية أيضاً إلى «التفكير بكيفية نجاحها في تحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة، إلى حد أن حزب السلطة في بريطانيا يسعى لكسب الناخبين عبر إذلالنا وطرد دبلوماسي إسرائيلي».
وفي غزة، رحب القيادي في «حماس» صلاح البردويل، في بيان، بالموقف البريطاني. ورأى أن «إدانة الموساد رسمياً في جريمة الاغتيال هو تطور ملحوظ في الموقف البريطاني». وأعرب عن أمله في أن يتبع هذه الإدانة تطور على صعيد الشروع في محاكمة «قادة الاحتلال الصهيوني».
وفي السياق، أعلنت النيابة الفرنسية أمس أنها فتحت تحقيقاً أولياً في استخدام أربعة جوازات سفر فرنسية مزورة أو استخدمت أسماءً مزورة في قضية المبحوح. وأوضحت النيابة، في بيان، أن التحقيق فتح في 12 آذار ويمكن أن يؤدي إلى ملاحقات جنائية.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، الأخبار)