بول الأشقرقبل عشرة أيام، قتل في سيوداد خواريز على الحدود مع الولايات المتحدة ثلاثة موظفين من قنصلية الولايات المتحدة، بينهم أميركيان. بعد الحادث، صرحت وزيرة الأمن الداخلي الأميركي جانيت نابوليتانو، بأن قرار نشر الجيش المكسيكي في سيوداد خواريس «لم ينفع بشيء». وما لم يحققه وقوع أكثر من 18 ألف قتيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة حيث كانت الإدارة الأميركية الجديدة كالقديمة تكتفي بترداد عبارة «دعم خطوات» كالديرون، أحرزه مقتل الموظفين الثلاثة. كأن عيون المسؤولين الأميركيين تفتحت على ما وراء الحرب للسيطرة على تهريب المخدرات في اتجاه الولايات المتحدة، بدءاً من أنها الدولة التي تستهلك 80 في المئة من كوكايين العالم، وهي مستوردة بأكثريتها من طريق المكسيك. حسب عدد من المحللين، قد نكون عشية تدويل الصراع لأن الكارتيلات تبدو مستعدة لنقل الصراع إلى داخل الولايات المتحدة، وخاصة أنه أصبح لديها مجموعات مسلحة هناك، فضلاً عن أن الموظفين قتلوا، أسوة بالذين يقتلون يومياً في المكسيك، بواسطة ألفي قطعة سلاح تدخل المكسيك يومياً من الولايات المتحدة.
تمثّل ضربة سيوداد خواريس صفعة كبيرة لخطط كالديرون، لكنها ليست إلا نقطة مرئية من عنف يترك عدداً من الولايات خارج سلطة الدولة. أنهت سيوداد خواريز ذاك الأسبوع بـ500 قتيل منذ بداية السنة، وهو ضعف عدد قتلى السنة الماضية حتى نهاية آذار عندما أمر الرئيس المكسيكي بانتشار الجيش في الشوارع.
قبل أسبوع، زار الرئيس المكسيكي المدينة للمرة الثالثة خلال شهر ونصف شهر، وجرت تظاهرات مطالبة بإخراج الجيش، الذي لا يراه الناس عنصر حماية، بل بالعكس عنصراً مجدداً للعنف.
في المكسيك، لم تعد فقط المعارضة تقوم بمساءلة «عسكرة» حرب المخدرات، بل وصلت الأصوات المعترضة إلى «حزب العمل الوطني» الحاكم. وتأتي عبارة نابوليتانو المستحدثة والمحبَطة للدلالة على هذا الخلاف: ما تعرفه الولايات المتحدة هو أن مكاتبها الحدودية تلقت قبل مقتل موظفيها، فقط خلال آخر شهر، ستة تهديدات مباشرة، ما يعني أن كالديرون بالرغم من طمأناته عاجز عن توفير الحماية. وللمرة الثانية فقط خلال شهر، يقفل مكتب قنصلي لأيام. وقد يؤدي هذا الواقع إلى إلغاء زيارة ميشيل أوباما المحددة بين 13 و15 نيسان.
قبل أيام، وصل إلى المكسيك وفد أميركي كبير تتقدمه هيلاري كلينتون، مع وزير الدفاع روبرت غيتس ونابوليتانو ومدير الاستخبارات ومستشار أوباما في شؤون الإرهاب وقائد هيئة الأركان الأميركية في إطار التنسيق في مبادرة ميريدا، الموقعة في كانون الأول عام 2008 بين بوش وكالديرون، التي تأخر اجتماعها الثاني عدة أشهر عن موعده.
ومبادرة ميريدا عبارة عن مساعدة عسكرية لسنتي 2009 و2010 حجمها مليار و350 مليون دولار. وفيما ينتظر أن يؤدي الاجتماع إلى إقرار شق «اجتماعي» للمساعدات الأميركية، الأهم أنه كان ينوي تطبيق بدءاً من شهر تشرين الأول على كارتيلات المخدرات التكتيكات الاستخبارية نفسها التي تطبق في العراق وأفغانستان، وتقرر تطبيقها فوراً.
أمام فشل حرب كالديرون التي ارتفع عدد ضحاياها فقط هذه السنة إلى 2200 قتيل، صرحت هيلاري كلينتون قائلة: «نعترف بقسطنا من المسؤولية وبأن الطلب يمثّل حافزاً للحرب وبأن قسماً كبيراً من الأسلحة قد جرى شراؤها عندنا، إلا أن الأهم لم تعد الاجتماعات، نريد الآن نتائج ونريدها فوراً». وفيما رأى قيصر محاربة المخدرات السابق براين ماك كافلي، أن «سيوداد خواريس أخطر بما لا يقاس من بغداد أو كابول»، رأى عدد من مسؤولي المؤسسة الحاليين أن «هذيان بوش في محاربة الإرهاب بعد 11 أيلول جعلنا نتلاشى في معالجة معضلة تحولت إلى كارثة». واستشهدت مجلة «بروسيسو» بتصريح لأحد مستشاري أوباما شارك في الاجتماع بأن «النتائج لم تعد تنتظر، لأن هناك شعوراً متمادياً على ضفتي الحدود بأننا ببساطة نخسر الحرب».