باريس ــ الأخبارمثّل مؤتمر الرئيس السابق للحكومة الفرنسية، دومينيك دوفيلبان، الحدث الأهم الذي أعقب الانتخابات المناطقية الأخيرة، التي شهدت خسارة الرئيس نيكولا ساركوزي، وهو السبب الذي جعل خطاب دوفيلبان يستحوذ على اهتمام الإعلام والرأي العام بكثافة.
وبعد هذا الإعلان الصريح عن إنشاء «حركة سياسية» من أجل «تغيير السياسة المتبعة لتقويم فرنسا»، عاد إلى الأذهان الصراع بين رجلي اليمين الذي يمكن أن يدوم حتى الانتخابات الرئاسية المقررة بعد عامين. وبرر دوفيلبان تحركه بأنه بسبب «شعور بأنه لن تكون هناك سياسة جديدة بعد الانتخابات»، واصفاً حركته بأنها «حرة ومستقلة ومفتوحة أمام الجميع مهما كانت أصولهم ومشاعرهم والتزاماتهم السياسية»، في إشارة إلى «الهوية الوطنية» التي أجّجت الحديث عن الفرنسيين من أصول مهاجرة. وألبس دوفيلبان تحرّكه «رداءً ديغولياً»، عندما وصفه بأنه يسعى إلى «جمع كل شيء طيب في خدمة الجمهورية وخدمة فرنسا».
ويتفق المراقبون على أنّ الرجل لا يزال بعيداً عن حصد رصيد شعبي يسمح له بترشيح «جدي» للرئاسة، وأنّ أقصى ما يستطيع فعله اليوم، هو التأثير على مسار سياسة ساركوزي، الذي حاول ترطيب الأجواء معه باختيار وزير مقرب منه في التعديل الأخير بعد الانتخابات، هو النائب جورج ترون، وذلك رغم بعض استطلاعات الرأي التي تخلص إلى أن دوفيلبان متقدم على ساركوزي في قائمة المرشحين للرئاسة.
والجدير ذكره أنّ رئيس الوزراء السابق يفتقر إلى قاعدة وخبرة انتخابيتين، بما أنه لم يُنتخب لأي منصب عام منذ بدأ يعمل في الحقل العام.
ولا يكفي الحديث عن الخصومة بين الرجلين. ففي الواقع، ثمة تمايز قوي في مساريهما السياسيين؛ فدوفيلبان نموذج للخدمة التي تستولدها مؤسسات الدولة المركزية التي أسست لها الثورة الفرنسية، والتي تُخرّج موظفي الفئة الأولى. وللتذكير فقط، فإن كل رؤساء فرنسا السابقين من هذه الطينة. حتى الجنرال ديغول هو متخرج من المعهد العسكري.
أما ساركوزي المحامي، فقد دخل السياسة من باب «العمل الحزبي». هذا الماضي المتناقض يجعل طروحات الرجلين متناقضة بدورها. حتى وإن كانا من حزب «تجمع الأكثرية الشعبية» نفسه، إلا أن نزاعهما يتبع خطاً يفصل بين توجهين في الحزب الحاكم: توجه ديغولي تاريخي اجتماعي يمثله دوفيلبان وآلان جوبيه على رأس الديغوليين القدماء الذين خسروا نفوذهم لصالح التوجه الليبرالي الأقرب للتاتشرية ولسياسة المحافظين الجدد الذي يمثله إدوار بالادور ونيكولا ساركوزي.
أعطى دوفيلبان موعداً لإطلاق حزبه في ١٩ حزيران. تاريخ اختياره ليس بصدفة، فهو يلي الاحتفال السبعين بـ«نداء الجنرال ديغول من لندن» الذي صدر من لندن في ١٨ حزيران عام ١٩٤٠، وأسس للمقاومة ولإنقاذ فرنسا من النازية.