بول الأشقرخاص بالموقع- انتهت أول من أمس عملية إفراج امتدت ثلاثة أيام، وأدّت إلى إطلاق رهينتين من طرف منظمة الفارك دون مقابل، ومن بينهما بابلو إميليو مونكايو، وهو أقدم رهينة بأيدي المجموعة المسلحة. وقد اعتُقل العسكري مونكايو إثر تسليم نفسه مع آخرين بعدما نفدت ذخيرتهم خلال هجوم على ثكنة قبل 12 سنة وكان عمره 19 سنة، وأعيد أمس إلى أهله وصار عمره 31 سنة.
أما الرهينة الأخرى، خوسويي دانييل كالفو، فقد سلمته الفارك نهار الأحد الماضي. وسلّمت الفارك أيضاً المعلومات الكفيلة بإيجاد جثة الجندي إرنستو غيفارا، الذي توفّي في المعتقل. وبذلك تكون قد انتهت هذه العملية التي اقترحتها الفارك قبل 11 شهراً فيما وضعت الحكومة عدداً من العوائق قبل أن تتحقّق أخيراً.
وقصة مونكايو هي أيضاً قصة والده غوستافو، أستاذ المدرسة، الذي اجتاز أكثر من 800 كلم وصولاً إلى بوغوتا للفت أنظار العالم إلى واقع ابنه وباقي المخطوفين، وكذلك للتنديد بسياسة حكومة ألفارو أوريبي، التي كانت ترفض أيّ تفاوض أو تبادل أسرى.
وكان قد أُفرج خلال ولاية سلفه عن 21 من أصل الـ23 جندياً الذين استسلموا مع مونكايو في الموقعة نفسها. وبعدما جرّب الوالد إميليو جميع الوسائل من الاتصال بالرؤساء والسياسيين وبرجال الدين، ترك عمله التدريسي وتحوّل إلى «رجل من أجل السلام»، وواجه أوريبي عندما أتى هذا الأخير ليلاقيه عند وصوله إلى بوغوتا بتظاهرة حاشدة.
لذلك، لحظة الإفراج عنه، تكلّم بابلو إميليو عن «العمل الجبار الذي قام به والدي»، وشكر رؤساء فنزويلا والبرازيل والإكوادور لجهودهم ولم يذكر اسم أوريبي.
وأجريت عملية الإفراج بإشراف الصليب الأحمر وبمساعدة ميدانية من البرازيل التي قدّمت الطوافات وطواقمها، وضمنت التنسيق التقني والعسكري، وبمشاركة عضو مجلس الشيوخ بييداد كوردوبا عن منظمة «كولومبيون وكولومبيات من أجل السلام» التي لا يحبّذ أوريبي دورها لقربها من تشافيز.
وسلّمت الفارك وثيقة لكوردوبا أعلنت فيها أنّها لن تفرج بعد اليوم عن أيّ رهينة بطريقة أحاديّة، ولا يزال في حوزتها 22 عنصراً من القوات المسلحة التي تريد مقايضتهم بأعضائها المعتقلين، معيدةً الحديث عمّا يسمّى في كولومبيا «التبادل الإنساني».
و«التبادل الإنساني» الذي قام به كلّ أسلاف أوريبي لم يفلح خلال ولايتَيه بسبب مطالب متضاربة من الطرفين، وتشدد أوريبي. وعشية عملية الإفراج، عبّر أوريبي عن استعداده لإجراء التبادل دون أن يجزم المراقبون إذا كان هذا الكلام جدياً هذه المرة، لأنّه لم يبقَ له إلا أشهر قليلة قبل انتهاء ولايته، أم إذا كان لتضييع الوقت وحصر الآثار التي قد تولّدها هذه العملية التي تسعى من خلالها الفارك إلى تحسين صورتها.
أخيراً، أنجزت هذه العملية قبل شهرين من الدورة الأولى لانتخابات رئاسية من دون أوريبي، التي تجري لأول مرة دون أن يكون موضوع السلام يتصدر اهتمامات الكولومبيّين. وهذه من آثار ولايتَي أوريبي الذي نجح في إقناع أكثرية الكولومبيين بضرورة التعاطي مع الفارك بأسلوب القوة لا غير.
وهذا ما توقفت عنده مارليني أورخويلا، الناطقة باسم «جمعية أهالي العسكريين المخطوفين» التي تلقّت حديث أوريبي عن التبادل الإنساني بـ«تفاؤل حذر لأنّ الوقت صار ضيقاً»، والتي توجهت إلى مرشحي الرئاسيات قائلة «من المؤلم ألّا يحمل أيّ منكم مشروع سلام ولا حتى مشروع تبادل إنساني لأنّ هذه المطالب لا تجني أصوات الناخبين».