ديما شريففي المقابل، أمضى أحمد ورسول سنتين في غوانتنامو ثم أطلق سراحهما في 2004، بعدما توصل المحققون إلى أنّهما ليسا إرهابيين. في 2005، ترك نيلي الجيش وأصبح شرطياً. ويقول إنّه عانى كثيراً في تلك الفترة ليتخطى الفترة التي قضاها في غوانتنامو. منذ سنة، انضم نيلي إلى موقع التحادث «فايسبوك»، وقرر البحث عنهما، فوجد صفحة شفيق رسول، فأرسل له رسالة. صدم رسول بتلقيه رسالة من سجانه السابق يقول له فيها إنّ ما حصل له ولأصدقائه في غوانتنامو كان خطأً. لكنّ هذه المفاجأة لم تمنع رسول من الرد على نيلي. وصل الخبر إلى هيئة الإذاعة البريطانيّة «بي بي سي»، التي اقترحت على الثلاثة أن يلتقوا تحت رعايتها في لندن، فوافقوا.
بدأ اللقاء بمزحة بين الثلاثة. قال أحمد ورسول لنيلي: «تبدو مختلفاً من دون قبعتك». فأجابهما: «تبدوان مختلفين من دون بِذلة السجن». انكسر الجليد وبدأ الثلاثة يتحدثون.
قال نيلي إنّه فكر كثيراً بهذا اللقاء، وإنّه أراد مراراً أن يلتقيهم ليقول لهم إنّه يشعر بالذنب من اعتقالهم ويعترف بالضرر الذي لحقهم. وأضاف أنّه بعد وصول السجناء إلى المعتقل، وبدء تواصله مع من يتكلم الإنكليزية منهم، شعر بأنّه ليس في مكانه الصحيح وأنّ هؤلاء ليسوا إرهابيين. ويتذكر نيلي كيف كان يتحدث مع أحمد من وراء الأسلاك، فوجد شيئاً مشتركاً بينهما. إذ سأله أحمد إذا كان يستمع إلى موسيقى الراب. ففوجئ نيلي بأنّ في غوانتنامو شخصاً معتقلاً يتصرف في أوقات فراغه مثله تماماً: «أحسست كأنّني في حانة مع أحد الأصدقاء نتحدث عن الموسيقى والنساء».
أما السؤال الأهم فكان عن السبب الذي دفع أحمد ورسول إلى الذهاب إلى أفغانستان. اعترف الشابان بالدافع وراء الرحلة: المخدرات. كانا آنذاك في بداية العشرينيات، ومدعوين إلى زفاف صديق لهما في باكستان. فقررا الذهاب قبل أسابيع والتوجه إلى أفغانستان مع قافلة إغاثة. «كنا نريد المساعدة، لكن هدفنا الحقيقي كان التجوال وتدخين المخدرات الأفغانية»، يعترف أحمد. ورأى نيلي أنّهما كانا في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب.
وكان لنيلي اعتراف أيضاً. فخلال بقائه في المعتقل، ضرب أحد السجناء وصدم رأسه بالأرض. ويقول نيلي إنّه اعتقد أنّ الرجل سيضربه، ليتبيّن له لاحقاً أنّ السجين كان يظن أنّه سيُعدم فحاول الدفاع عن نفسه. ويقول أحمد إنّه لا يجب محاكمة نيلي لأنّه أدرك أنّه أخطأ وهو يعيش اليوم مع هذا الذنب.
وعرضت «بي بي سي» حلقة عن اللقاء الذي جمع الأصدقاء الجدد في الوقت الذي يسود فيه داخل الإدارة الاميركية خلاف على مصير المعتقل الأميركي الأشهر.
فبعدما تسلم الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما منصبه، تعهد إغلاق السجن بعد عام. لكنّ الإدارة لا تزال اليوم حائرة بالتدابير التي يجب اتخاذها، ولا سيما بعد توجه بعض المفرج عنهم إلى الانضمام إلى تنظيم «القاعدة» فور عودتهم إلى السعودية واليمن.
ولا يجد بعض المدافعين عن بقاء المعتقل حرجاً من قصص مشابهة لما عاناه أحمد ورسول المعتقلين خطأً، فيما يسعى أوباما ببساطة إلى تغيير عنوان السجن.