واشنطن ـ محمد سعيد خاص بالموقع- دعت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية، في عددها الصادر أمس، الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التوقف عن إطلاق التصريحات الخشنة تجاه إيران، ما لم تقترن بالقدرة على فرض عقوبات دولية عليها إذا لم توقف برنامج تخصيب اليورانيوم.



وقالت في معرض تعليقها على ما سمّته «تهديدات أوباما الجوفاء لإيران» إن تلك التهديدات قد أضعفت الولايات المتحدة، وإن «عدم قدرة الولايات المتحدة على دعم التهديدات بإجراءات ملموسة رداً على المراوغات الإيرانية بشأن برنامجها النووي المُثير للجدل، ينذر بضعف قوة عالمية ووهنها».



غير أن الصحيفة أشارت إلى أن «هناك بصيص أمل من أوباما، إلا أن النجاح في التعامل مع برنامج إيران النووي يتطلب دبلوماسية هادئة يصحّ أن يطلق عليها «دبلوماسية الأبواب المغلقة» مع إيران والشركاء الدوليين.



ورأت «ذا غارديان» أن «أوباما تولّى الرئاسة متعهّداً بالانخراط في حوار مع إيران بشأن برنامج تسلّحها النووي. وكرئيس تحدث بشدة عن إصراره على العمل مع الأطراف لمنع انتشار المزيد من الأسلحة النووية، وذلك عندما قال في براغ في نيسان 2009 إن القوانين ينبغي أن تكون ملزمة، والانتهاكات ينبغي أن يعاقب عليها، وينبغي على العالم الاتحاد من أجل منع انتشار هذه الأسلحة».



وقالت الصحيفة إن زيادة الضغط، عن طريق فرض عقوبات إضافية على سبيل المثال، هو وسيلة سياسية لا عقوبات في حدّ ذاتها، وينبغى اللجوء إليها فقط في حالة تمكّن الولايات المتحدة من جعلها تقترن بإجراء فعّال، لكن هذا هو ما لم يحدث حتى الآن من الرئيس أوباما، ما ستكون له عواقب سيّئة.



ورأت الصحيفة أن التخاذل في اتخاذ إجراء في حق إيران، التي تظهر جرأة وتحدياً دائماً للمطالب الأميركية، أضعف مظهر واشنطن وصورتها الخارجية، وجعلها تخسر الأداة الرئيسية التي تستخدمها لحظر الانتشار النووي، مشيرة إلى أن أوباما كان قد سبق أن قال في أيار الماضي إن أمام إيران حتى نهاية عام 2009 «لكي تغيّر المسار» بشأن برنامجها النووي.



ومنذ ذلك الحين تحدّت إيران ثلاثة مواعيد نهائية حدّدتها الولايات المتحدة؛ الأول في أيلول الماضي، والثاني في تشرين الأول، والثالث مع نهاية العام الماضي. ورغم موقف الصين المعارض علناً لاستصدار قرار عقوبات من مجلس الأمن، فإن أوباما قال في خطابه عن حالة الاتحاد في السابع والعشرين من كانون الثاني الماضي إذا «واصل قادة إيران تجاهل التزاماتهم، فما من شك في أنهم سيواجهون عواقب متزايدة وهذا وعد».



وتابعت الصحيفة «عجز الولايات المتحدة عن التصرف مع إيران لن يقتصر تأثيره على إيران فقط، بل ستتجرّأ دول أخرى، ولا سيما مع فشل الولايات المتحدة في الحصول على تأييد الصين في العقوبات المفروضة على إيران، وهو ما أظهر نفوذ واشنطن المحدود على بكين، أو ربما أظهر شيئاً آخر، وهو زيادة قوة بكين ونفوذها على الساحة الدولية».



وبفعل الفشل الأميركي مع بكين، وبّخت وزارة الخارجية الأميركية الصين على رفضها دعم موقف أقوى ضد إيران. ولاحظت «ذا غارديان» أن الولايات المتحدة، في محاولة للضغط على الصين، أعلنت صفقة أسلحة لتايوان بـ6 مليارات دولار، لكن الصين لم ترتدع أو تتراجع، بل أوقفت بعض الصفقات العسكرية مع الولايات المتحدة، ولم تكتف بذلك فقط، بل أخذت تلوّح بفرض عقوبات على الشركات الأميركية.



وقالت الصحيفة إن التوتر الزائد في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين صبّ في مصلحة إيران التي نجحت في خلق حالة من الانقسام في موقفي البلدين بشأن برنامجها النووي، وهو ما قد يعزز مقاومة إيران للضغوط الخارجية والمضي قدماً دون تردد في طريقها النووي.



وشددت «ذا غارديان» على ضرورة أن يواصل أوباما الحوار مع طهران علناً، مع إبقاء استخدام الضغط والحوافز دون الجهر بهما، من أجل التعامل جيداً مع مشكلة إيران النووية، وأن يكفّ عن الضجيج واستخدام تصريحات خشنة تجاه إيران في حال مواصلتها ما سمّته انتهاك القوانين الدولية، ما لم يتلق وعوداً من الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن بتأييد فرض عقوبات على إيران.