أغلق باراك أوباما جبهة العراق، واستدار نحو الجبهة الأفغانية. حُشدت الجيوش وانطلقت في أكبر هجوم على معقل «طالبان» والهيرويين، مارجة. ويُفترض أن تكون نهاية العملية المسماة «مشترك» حاسمة للحرب، وخيرٌ للرئيس الأميركي أن يُجبر «طالبان» على توقيع سلام بشروطه، كي يتمكن من سحب قواته كما وعد في منتصف تموز 2011، إن كان يطمح إلى ولاية رئاسيّة ثانية
إعداد: شهيرة سلوم
في أكبر عملية عسكرية من نوعها منذ غزو أفغانستان في أواخر 2001، بدأت قوات التحالف، بقيادة أميركية، والقوات الأفغانية، بشنّ هجوم واسع في مقاطعة هلمند، وبالتحديد داخل بلدة مارجة، في إطار عملية عسكرية مشتركة أُطلق عليها اسم «مشترك»، على الأرجح أن تحدد نتائجها مصير الحرب في البلاد.
الهدف المعلن لهذه العملية هو «تطهير»، حسب تعبير الجيش الأميركي، البلدة التي تُعدُّ حاضنة مركزية لقيادات «طالبان» ومركزاً عالمياً لتهريب الهيرويين وإنتاجه.
المعركة في مرجة لن تنحصر فقط بين القوات الأطلسية والأفغانية من جهة ومسلحي «طالبان» من جهة ثانية، بل سينضم إليها السكان المحليون، الذين سيقاومون أي دخول على مناطقهم.
ولا تهدف عملية «مشترك» إلى القضاء على عناصر «طالبان» وإلغاء وجودهم، بل إلى تحسين الشروط الميدانية لمصلحة قوات التحالف من أجل دفع الحركة المتمردة إلى طاولة المفاوضات والقبول بصفقة الاندماج والسلام، التي تقوم على رمي السلاح والتخلي عن «القاعدة».
وبالتوازي مع العمليات العسكرية، فإن قوات التحالف ستعمل على إقناع السكان المحليين، الذين يتلقون الحماية من «طالبان» لتسيير أعمالهم في تجارة الهيرويين، بأن العملية هي لتحريرهم لا احتلالهم، وأن تحقيق مصالحهم يمكن أن يكون بعيداً عن «طالبان» والهيرويين، وبالتالي إحباط عزيمتهم عن المقاومة وحثهم على التعاون.
في المقابل، تجري على قدم وساق جهود دبلوماسية تقوم بها الحكومة الأفغانية وفاعلون إقليميون لإطلاق عملية حوار مع «طالبان». وقدّم الرئيس حميد قرضاي خطة لدمج مقاتلي الحركة في المجتمع والسلطة.
وبالتالي فإن ما يجري في أفغانستان هو اعتماد سياسة العصا والجزرة وصولاً إلى التسوية، عبر اعتماد اللعبة ذات النتيجة المتغيرة، بمعنى أنه لن يكون هناك صراع ينتهي بأحد الطرفين إلى انهزام كلي والثاني إلى الفوز بكل شيء، بل ستتوزع الأرباح والخسائر بين الطرفين.
ويدرك المسؤولون الأميركيون الاحتمالات الضئيلة لتحقيق النصر، لكنهم يرون أنها معركة لا بد منها. ويمكن تلخيص هذه العملية بما قاله قائد القوات الأميركية الجنرال ستانلي ماكريستال، خلال اجتماع لحلف شماليّ الأطلسي، «إذا أرادوا القتال، فمن الواضح عندها أن هذه ستكون النتيجة، لكن إذا كانوا لا يريدون القتال، فلا بأس بهذا أيضاً، إذن ليندمجوا في الحكومة».

«مشترك» ومارجة

رغم أن حجم القوات المشاركة في عملية «مشترك» غير معروف، لكن من المؤكد أنهم بعشرات الآلاف، بينهم أكثر من 10 آلاف جندي من القوات الأميركية الخاصة «مارينز» دخلوا إلى البلاد مع القوات الإضافية التي أقرّها أوباما ضمن الاستراتيجية الجديدة للحرب، فضلاً عن آلاف الجنود البريطانيين.
كل معمل هيرويين يدفع لـ«طالبان» مبلغ يتراوح بين 500 و1000 دولار شهرياً
وقد أحاط المسؤولون الأميركيون موعد انطلاق العملية بالغموض، للحفاظ على عنصر المفاجأة. لكن المعطيات قبل بدء العملية كانت توحي باقترابها، ولا سيما أن الجنود الأميركيين شنّوا حملة تمشيط للمنطقة. كذلك عمدت القوات الدولية إلى توزيع منشورات في مارجة، أشار مسؤولون إلى إنها جزء من التكتيكات العسكرية لدفع المسلحين إلى الهرب باتجاه ما أو إحداث ردّة فعل معينة. ومارجة هي واحدة ممّا يسمى «جنات آمنة» للمسلحين. بلدة صغيرة تقع في جنوب غرب مقاطعة هلمند، وتبعد 15 كيلومتراً عن عاصمة المقاطعة لاشكر غاه، و 610 كيلومترات عن العاصمة كابول. يبلغ عدد سكانها نحو 80 ألف نسمة. يعيش غالبيتهم من إنتاج الأفيون. وإن كانت أفغانستان تنتج نحو 90 في المئة من الهيرويين في العالم، فإن مارجة وحدها تنتج نصف هذا المحصول، بحيث لديها مئات مصانع إنتاج الهيرويين. وهي أكبر سوق توزيعي لمحاصيل المقاطعة الأساسية من الأفيون الخام.
لذا، من غير الوارد أن يستقبل السكان «غزاتهم» بأذرع مفتوحة، والمواجهة معهم واصطفافهم في الخندق نفسه مع «طالبان» أمر محسوم. إذ يوفر مسلحو الحركة الحماية للتجارة والمهربين في مقابل عمولة وضرائب. فكل معمل هيرويين يدفع لـ«طالبان» مبلغ يتراوح بين 500 و 1000 دولار شهرياً.
وعملية التهريب في مارجة تجري في اتجاهين، بحسب تقارير الاستخبارات الغربية: نقل الهيرويين إلى الخارج، وتوريد مادة «الأسيتيك أن هايدرايد»، التي يأتي بعضها من إيران من مقاطعة نمروز، وتحتاج إليها صناعة المخدرات. ويُنقل الهيرويين عبر طرقات سرية وخاصة. يقوم عناصر «طالبان» بتأمين مسيرة الحمولة، ويستخدمون طرقاً يعرفونها جيداً ويتحاشون الطرق المفخخة. وإذا جرؤ أحد المهربين ونقل الحمولة من دون حماية «طالبان»، فإن عناصر الحركة يصادرونها، بحسب المصدر نفسه.
وفي الصيف الماضي، شنّت القوات الأميركية عملية عسكرية في مارجة، واكتشفت أنها تحتضن أكبر وكر يمكن تخيله للمخدرات. ودمرت وقتها كميات هائلة من الهيرويين. وأثارت هذه العملية ضجة كبيرة. وقالت «إيساف» إنها عطلت أحد المحاور الأساسية للأنشطة العسكرية والمالية وتجارة المخدرات للمسلحين، فيما أعلنت كابول أن العملية «دمرت مراكز حيوية للعمليات اللوجستية والعسكرية والمالية» لطالبان.
لكن بعد أقل من سبعة أشهر استعادت مارجة نشاطها، وعادت إلى قلب العمليات المركزية. لذلك تعوّل قوات التحالف على أن تكون العملية الحالية أكبر حجماً من عملية الصيف الماضي.

الفوز بالعقول والقلوب

لقد جعل الجنرال ستانلي ماكريستال، ومن ورائه إدارة أوباما، معركة «الفوز بالعقول والقلوب» في صلب استراتيجية محاربة التمرد في المنطقة. فأولى المهمات الأطلسية ستكون إقناع السكان المحليين بأن الحملة العسكرية تصب في مصلحتهم ومن أجلهم. وبحسب ماكريستال، «لا يمكننا الظفر بالحرب من دون الفوز بالعقول والقلوب. المسألة كلها إذاً تدور حول إقناع الشعب الأفغاني بمن هو عدوه الحقيقي».
لكن في مارجة، يجري الحديث عن مجتمع بأسره يزرع الأفيون ويُنتج الهيرويين ويهربه، فكيف سيُقنَع بالتخلي عن مصدر عيشه وحُماته؟
المسألة كلها إذاً تدور حول إقناع الشعب الأفغاني بمَن هو عدوه الحقيقي
هناك تجربة سابقة في هذا المجال. في 2007، قفزت المساحات المزروعة بالأفيون الى 102000 هكتار، ثم انخفضت الى 70000 ألفاً في 2009. البعض يرجع ذلك إلى سياسة توزيع بذور القمح التي مولها البريطانيون والأميركيون تحت عنوان مشروع «منطقة الغذاء» لإعادة هلمند إلى موقع «سلة الخبز» الأفغانية.
لكن هناك أيضاً من يرجع السبب إلى انخفاض سعر الأفيون، فحين كان يباع الكيلوغرام الواحد بـ140 دولاراً في 2007، انخفض سعره في 2009 إلى 35 دولاراً. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن التحالف يمكنه استغلال هذه المسألة لإقناع سكان مارجة بأن زرع الخشخاش وإنتاج الهيرويين ليس أفضل خياراتهم لجهة المنفعة المالية.
ويشير مراقبون إلى أن تحديات هذه المعركة تقوم على طمأنة كابول للمزارعين والمهربين إلى أنهم لن يواجهوا عقوبات بسبب نشاطهم السابق، وتطبيق العدالة في النظام القانوني، وتعويض الدخل الضائع من تجارة المخدرات، بمعنى آخر تقديم البديل.
والبديل هو زرع الذرة، لكن هذا الأمر يتطلب دورتين إلى ثلاث كي يأتي بدخل بديل للأفيون. كذلك إن برنامج «الأموال من أجل العمل»، الذي يطبق في إطار استراتيجية تنموية للمنطقة، لا يلقى إقبالاً من السكان المحليين.

الحوار

قبل بدء عملية «مشترك»، قدّم الرئيس الأفغاني خطة لدمج عناصر «طالبان». وعرضها على المجتمع الدولي خلال المؤتمر الدولي للمانحين حول أفغانستان في لندن الشهر الماضي، ولقيت استحساناً دولياً ودعماً مالياً. وتحدثت تقارير عن فتح قنوات سرية للحوار بين «طالبان» والولايات المتحدة، إلا أن الأخيرة نفت هذا الأمر.
وتضمن عرض قرضاي إسقاط عدد من قادة «طالبان» عن اللائحة السوداء التابعة للأمم المتحدة، وتتحدث مصادر أفغانية رفيعة المستوى عن إمكان أن يكون الطلب قد تضمن الملا عمر نفسه.
وقد يكون إسقاط اسمه عن اللائحة السوداء واحداً من الشروط المسبقة التي يطلبها قائد «طالبان» الأفغانية قبل البدء في أي محادثات عن السلام. وعلى مدى أسابيع، جرت محادثات سرية بين الحكومة الأفغانية وقيادة مجلس «شورى الكويتا»، الذي يتخذ من كويتا باكستان مركزاً له. ولجأ قرضاي إلى السعودية كي تؤدي دوراً وسيطاً لتعزيز تواصله مع «طالبان». كذلك دخلت على خط الوساطة الحكومة الباكستانية.
والتواصل مع «طالبان» عبر الحكومة الأفغانية أو وسطاء إقليميين ليس جديداً . فقد حمّل الملك السعودي عبد الله، خلال صيف 2008، وسيطاً رسالة إلى الملا عمر طلب منه خلالها التخلي عن «القاعدة»، لكن «طالبان» لم تردّ على العرض السعودي.
تضاعفت شراسة «طالبان» في القتال منذ بدء الغزو، ومُنيت القوات الأطلسية بخسائر جسيمة في الآونة الأخيرة، وتضاعف عدد قتلى الجنود الأميركيين بين عامي 2008 و2009، وسُجلت خلالهما أكثر الشهور دموية، لذلك فإن عملية «مشترك» التي تهدف إلى تغيير موازين القوى ستكون حاسمة للحرب. وعبّر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عن ذلك بقوله: «يجب أن ترى قيادة «طالبان» تغييراً في موازين القوى وتبدأ بالتفكير في أنها لا يمكن أن تربح».


ألغام وقنّاصة

أبدى قادة العمليات العسكرية لقوات التحالف تفاؤلهم في بداية الهجوم على مارجة، الذي انطلق رسمياً مساء الجمعة، رغم الألغام وعمليات القنص التي يتسلح بها عناصر «طالبان». وقال المتحدث باسم الجيش البريطاني، الجنرال غوردن ميسنجر، إن المسؤولين العسكريين في الحلف والجنرالات البريطانيين «مرتاحون جداً». وأضاف: «وقعت مواجهات متفرقة، لكن عناصر طالبان لم يتمكنوا من تنظيم مقاومة متماسكة». ورأى الجنرال الأميركي لاري نيكولسون أن الساعات الـ24 الأولى للهجوم جيدة، موضحاً «تعرضنا لإطلاق نار من قناصة، بينما فجّرت آليات نزع الألغام عدداً كبيراً من العبوات الناسفة»، مشيراً إلى أن ذلك يبطئ من تقدم رجاله. في المقابل، سخرت «طالبان» من العملية، فيما دعا الرئيس الأفغاني حميد قرضاي الحركة إلى إلقاء السلاح.
(أ ف ب)


شينواري: صحوات أم «طالبان» جدد؟



لطالما اعتمدت أميركا سياسة تقليب جماعات محلية على عدوّها الأساسي. وفي حروبها الحديثة، نجحت في العراق، لكن في أخرى عادت هذه الجماعة وانقلبت عليها، ومن كان حليفاً بات عدوّاً لدوداً كحال «طالبان». الآن تتجه عيونها نحو قبيلة شينواري الأفغانية، أيّ حال ستكون؟
قبل نحو أسبوعين، خلال مؤتمر لندن للمانحين بشأن أفغانستان، أُعلن اتفاق تحالف بين قبيلة شينواري البشتونية، الموجودة في أفغانستان وباكستان، والحكومة الأفغانية، تتعهد بموجبه القبيلة بتقديم المساعدة إلى كابول، في مقابل دفع أموال مباشرة لها، إضافة إلى مساعدات مالية لدعم مشاريع تنموية.
خطوة عدّها الأميركيون الأولى على طريق جلب القبائل إلى صفّهم من أجل محاربة «طالبان»، في إطار سياسة، لطالما اعتمدوها في حروبهم الجديدة والقديمة، تقوم على تسخير ميليشيات محلية للقتال، كما كان يحصل إبان الصراع مع الاتحاد السوفياتي، في سياق ما سُمي حروباً بالوكالة.
وتعدُّ واشنطن هذا «الإنجاز» محاكاة للتجربة العراقية مع مجالس صحوات محافظة الأنبار، حيث اعتمدت على أكثر من مئة ألف مقاتل من القبائل السنية ليحاربوا عناصر تنظيم «القاعدة».
لكن «طالبان» و«القاعدة» أيضاً من مخلفات تجاربها السابقة، فقد استخدمتهم في ما مضى لقتال السوفيات.
وفي مقارنة بين العراق وأفغانستان، تبدو بنية القبائل في أفغانستان متدهورة نسبة إلى نظيرتها العراقية. فولاء القبائل البشتونية مشكوك في صدقيّته، هو ليّن وغير متوقع، ما يجعل التحالفات البعيدة الأمد معها أمراً غير واقعي. كما أن هذه القبائل متعصبة في غريزتها وغير مستقرة، ولديها قيم أخلاقية تتناقض مع بناء المؤسسات الوطنية. لذلك، فإن شينواري يمكن أن تكون صحوات جدداً، أو طالبان جدداً. وبموجب الاتفاق، فإن قوات التحالف ستقدم لأبناء القبيلة مباشرة مبلغ 124 ألف يورو، أي ما يوازي 200 ألف دولار. وعلى المدى الطويل، سيحصلون على مبلغ 2 مليون دولار من أجل عملية البناء.
وفي المقابل، يتعهد أبناء القبيلة بتقديم الدعم للحكومة عبر اعتقال كل من يتعاون مع «طالبان» وحرق منزله وتغريم عائلته مبلغاً قد يصل إلى 20 ألف دولار، وغيرها من العقوبات الموجودة في العادات القبلية البشتونية.
وشينواري هي قبيلة بشتونية تعيش في غرب باكستان وشرق أفغانستان، وينشط أبناؤها في التجارة والأعمال الحرّة، ومنهم من يتبوأ مناصب سياسية وإدارية هامة. وهناك أكثر من 400 ألف شينواري يتوزعون في ست مقاطعات قريبة من جبال خيبر على الحدود.
والقبيلة معروفة بمقاومتها للوجود الأجنبي والحكم الخارجي، فقد قاتلت في 1880، وعلى مدى عشر سنوات، «الأمير الحديدي» عبد الرحمن خان، الذي حاول أن يُخضع الشينواريين من دون أن ينجح في ذلك بالكامل. والمنطقة التي يقطنونها مشهورة بطرق التهريب التي تجلب عائدات عالية وبالمنافسات الحادة مع القبائل المجاورة.
وبما أن معظم عناصر «طالبان» ينتمون إلى البشتون، فإن انقسام القبيلة أمر لا مفرّ منه في هذه الحالة. ولطالما راهن الأميركيون على تحريض قبائل البشتون على «طالبان»، واعتقدوا أن هذا الأمر يمكن أن يُصيب الحركة الإسلامية في العمق. كما سبق لزعماء القبيلة أن وافقوا على المساعدة الأميركية قبل ستة أشهر، عندما اتخذ العداء القديم بين «طالبان» والقبيلة شكلاً عنفياً.
ويتحدث وزير الخارجية البريطاني دايفيد ميليباند عن هذه العداوة التي ستجرُّ أبناء القبيلة إلى القتال ضد «طالبان»، فيقول «عندما تطلب طالبان شنق ابن أحد زعماء القبيلة لأنه انضم إلى الجيش الأفغاني الوطني، عندها الشينواري سيطردون طالبان».
ودائماً ما يشكو زعماء قبيلة شينواري من طريقة تعامل «طالبان» المهينة معهم على نقاط التفتيش على طرفي الحدود مع باكستان، ولا سيما عند العبور من معبر خيبر. وبعد الاجتياح، عمدت حركة «طالبان» إلى تصفية زعماء القبائل الذين قدموا الدعم للحكومة. أمور ساهمت في خلق نقمة عليهم.
وتظن قوة «إيساف» أن زعماء القبيلة يتمنّون التحالف معها من أجل طرد الحركة المتمرّدة من معاقلهم في قلب أفغانستان.
لكن هذا لا يعني بتاتاً أن قبيلة شينواري مغرومة بقوات التحالف، فقد وقف قبل شهرين حاجي أخطر محمد شينواري على حافة قريته في شرق أفغانستان ليصرخ طالباً من القوات الأميركية أن ترحل، قائلاً «الشعب هنا يكرههم».
لهذا يبرّر أبناء شينواري توقيع الاتفاق بأنهم على استعداد للتعاون مع الحكومة الأفغانية، ولكن ليس مع الأميركيين والتحالف، فضلاً عن كونهم في الأساس على عداوة مع «طالبان»، ولا لأنهم يحبون الأميركيين.
وفي لمحة تاريخية، فإن للاستخبارات الأميركية حكايات لا تحصى مع تقديم الدعم لعدوّ عدوها. وليس بعيداً عن أفغانستان، فقد سبق أن قدمت الاستخبارات الأميركية، بمعاونة الحكومة الباكستانية، الدعم إلى المجاهدين من أجل قتال السوفيات. والزعيمان المفضلان لديها كانا قلب الدين حكمتيار وجلال الدين حقاني، اللذين تحوّلا اليوم إلى قائدي الفصيلين الأكثر عنفاً وعداوةً للأميركيين.
إدارة باراك أوباما وضعت استراتيجية للانسحاب من أفغانستان بحلول تموز 2011. وبما أن مهمة جلب الاستقرار إلى أفغانستان في غضون 18 شهراً هي شبه مستحيلة، فقد وجدت الولايات المتحدة أن الحل في شينواري.


مقتل أكثر من 6 جنود أطلسيّين

قُتل ستة جنود أطلسيين خلال اليومين الماضيين في جنوب أفغانستان، بينهم ثلاثة أميركيين، بحسب ما أعلنت قوة «إيساف» التابعة للحلف الأطلسي، من دون أن تحدد ما إن حصل ذلك خلال الهجوم على مرجة.
وجاء في بيان للأطلسي «قتل جندي في قوة إيساف في انفجار عبوة يدوية الصنع في جنوب البلاد اليوم (أول من أمس) وآخر في تبادل لإطلاق النار بالأسلحة الخفيفة» من دون كشف جنسياتهما. وذكر بيان سابق للحلف أن «ثلاثة جنود أميركيين قتلوا في انفجار عبوة يدوية الصنع في الجنوب».
كذلك أعلن قائد في الجيش الافغاني مقتل جندي أميركي وإصابة ثلاثة في عملية انتحارية استهدفت قافلتهم في محيط قندهار.
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية مقتل جندي بريطاني جراء انفجار في جنوب أفغانستان. وقالت إن الجندي كان يقوم بدورية في منطقة واد علي الواقعة وسط ولاية هلمند حين وقع الانفجار يوم السبت (أول من أمس) في المراحل الأولى لعملية مشتركة.
ورغم أن الجنود المشاركين في عملية «مشترك» غالبيتهم أميركيون وبريطانيون إضافة إلى الجنود الأفغان، فإن عشرات المدربين الفرنسيين يشاركون في الهجوم و«يتحركون بالتنسيق مع وحدة بريطانية»، بحسب ما أعلنت قيادة أركان الجيوش في باريس.
(أ ف ب، يو بي آي)

... وأوباما يراقب من البيت الأبيض

ذكر البيت الأبيض أنه يجري إطلاع باراك أوباما على مجريات هجوم «مشترك» في جنوب أفغانستان تدريجاً، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي أجرى محادثات مساء أول من أمس مع مستشاره لشؤون الامن القومي الجنرال جيمس جونز حول الهجوم الواسع في مرجة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض طوني فييتور إن جونز زار مطلع الأسبوع الجاري باكستان وأفغانستان. وأضاف إن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس طلب من قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال إطلاع أوباما على سير العملية.
(أ ف ب)