بول الأشقروالكرنفال كرّس هنا هيمنة الثقافة والموسيقى الزنجية، بعدما كان عيداً محصوراً بالبرتغاليين البيض. وأخذ أشكالاً مختلفة حسب المدن؛ فكرنفال ريو دي جانيرو الشهير، وكذلك كرنفال سان باولو، هما في الأساس استعراض لـ«مدارس السامبا»، فيما كرنفالا باهيا وريسيف مثلاً هما كرنفال شوارع يرقص خلالهما الناس من دون انقطاع خلال 5 أو 6 أيام يصلون فيها الليل بالنهار.
فضلاً عن النساء شبه العاريات، كرنفال ريو «أجمل عرض في العالم»، لأن الاستعراض الذي تقدمه فرق المجموعة الممتازة الـ12، خلال ليلتين، هو إنجاز فني فريد يجمع بين الغناء والرقص والمسرح والخياطة والنجارة والخيال. وهو نوع من الأوبرا الراقصة تنفذه مجموعات من الهواة قد تصل أعدادهم إلى خمسة آلاف مشارك. والأساس في فرقة السامبا، التي تحمل اسم «مدرسة السامبا»، هو الحي بكفاءات رجاله ونسائه، كباره وصغاره، ملحنيه ومغنيه ومصمميه وراقصيه وخياطيه ونجاريه.
ويشغل الاستعراض حياة الحي طوال السنة؛ من اختيار الموضوع ثم أغنية السامبا التي ستسرده قبل تصميم العربات والألبسة التي ستشرحه، وصولاً إلى التمارين الدورية قبل ليلة الاستعراض.
ويتضمن الكرنفال مسابقة مقوننة، مع حكام يوزعون النقاط على الأداء، ويسقطون آخر فرقتين إلى الدرجة الثانية، فيما تصعد أول مدرستين من الدرجة الثانية إلى الدوري الممتاز.
مواضيعه متنوعة، أبرزها السنة في ريو، كانت العاصمة برازيليا التي تحتفل بعيدها الخمسين بعد شهر ونصف، إضافة إلى مواضيع الإنترنت والموضة ودون كيشوت. وفي سان باولو، طغت برازيليا إلى جانب التعليم والمعادن والشوكولا وكؤوس العالم ومئوية نادي كورنتيانس.
أكثر الناس لا يشاركون بالكرنفال، يتابعونه عن بعد أو يهربون منه إلى الشواطئ والجبال. لكن الأقلية الكبيرة التي تشارك به ـــــ ثلث الناس تقريباً ـــــ كافية لتطغى على الجو العام.
والسياسيون سواء أحبوه أو لا، وخصوصاً في هذه السنة الانتخابية، لا يستطيعون تفويت هذه الفرصة للتقرب من ناخبيهم.
ولم يتوقف أبرز مرشحَين للانتخابات الرئاسية، حاكم ولاية سان باولو جوزي سيرا والوزيرة ديلما روسيف، عن الانتقال من حفل إلى آخر. يُقال في البرازيل إن السنة الفعلية تبدأ بعد الكرنفال، ويضاف هذه السنة أن الانتخابات الرئاسية لن تبدأ قبل المونديال. كل ذلك لم يمنع المراقبين من الملاحظة أن القناع الأكثر رواجاً كان قناع مايكل جاكسون يليه قناع الرئيس لويس إيغناسيو لولا دا سيلفا ثم قناع الوزيرة روسيف. وبالتالي يمكن القول إن روسيف أصبحت مرشحة جدية، وجهود لولا لتوريثها شعبيته الخيالية بدأت تعطي ثمارها.
أما حاكم برازيليا جوزي روبرتو أرودا، فكان يحلم بكرنفال لا يُنسى يساعده على تقديم أوراق اعتماده لمنصب نائب الرئيس على لائحة جوزي سيرا. ولم يكن يتصور في أسوأ كوابيسه أن يمضيه في السجن وأن يتحول اسمه إلى موضوع أغانٍ ساخرة في كل البرازيل، بعدما انتشرت شرائط تظهره يقبض رشاوى. وبعكس باقي البرازيليين، لن يعود أرودا إلى قصره في حالته الطبيعية فجر أربعاء الرماد.